معظمنا نشأ في مجتمع يحذرنا من تناول الأغذية التي تحتوي على الكوليسترول لعلاقته المباشرة بأمراض القلب، وهذه الفكرة تجذرت بعمق في أنفس الناس حتى أصبح أغلب الباحثين – إلا من رحم ربي – يقومون بإجراء الأبحاث لتأييد الفكرة (علاقة الكوليسترول المباشرة بأمراض القلب) دون أن يتثبتوا بالبحث في أصل الفكرة والسبب لأنهم اعتبروها حقيقة علمية لا جدل فيها فعلى سبيل المثال :

لاتكاد تجد زيت نباتي للقلي (مازولا، النخيل …… وغيرهم) إلا وكتب عليه بالخط العريض واللون الفاقع (خالي من الكوليسترول) وأي متخصص في المجال الصحي يعلم يقيناً أن كل الزيوت النباتية بلا استثناء لاتحتوي أصلاً على الكولسترول ،فالكولسترول منحصر في المنتجات الحيوانية فقط. ليس لهم غرض من وراء هذا التضليل سوى جذب المستهلك. وعند النظر في سبب رواج هذه الأكذوبة (علاقة الكولسترول المباشرة بأمراض القلب).

نجد أن أول بحث نشر  قبل٥٠ عاماً و كان على الأرانب  (و معروف أن الأرانب من أكلات الأعشاب) وخلاصة ذلك البحث : تطعيم الأرانب بكميات متفاوتة من الدهون ومن ثم قياس الكوليسترول في دم الأرانب.

لا يخفى على أي شخص عامي أن الأرانب من أكلات الأعشاب فإذا أطعمتها غير الدهن لن تمرض فقط بل ربما ستموت فعمليات الأيض تختلف بالكلية بين أكلات الأعشاب وأكلات اللحوم و منهم (الإنسان)،

نعم على هذا الأساس الركيك بُنيَت هذه المعلومة وانتشرت تلك الإشاعة التي يدعي البعض أنها حقيقة علمية.

اليوم تُثبت وتؤكد مئات الأبحاث أن ١١٠٠- ١٧٠٠ ملجم من الكوليسترول موجود في أجسادنا بصورة مستمرة ، ٢٥٪ منها تأتي من الوجبات اليومية و٧٥٪ يصّنع في الكبد.

 

اذاً الجسم يتحكم بالكولسترول في الدم بشكل محكم بواسطة التصنيع الداخلي في الكبد.

فعندما ينخفض مؤشر الكوليسترول في الدم تصل الإشارة للكبد بأن ينشط في تصنيع الكولسترول … وعندما يرتفع المؤشر في الدم تصل الإشارة بتثبيط التصنيع؛

وهذا التكنيك الدقيق الموهوب من الخالق يفسّر الدراسة التي أُجريت في أكثر من جامعة من جامعات أمريكا وبريطانيا، بقياس كوليسترول الدم لمجموعة من الأشخاص بعد تناول ٢-٤ بيضات والنتيجة كانت على الأغلب أن كولسترول الدم ظل ثابتاً بعد وقبل التناول !

 

 

وحتى تتضح الفكرة أكثر، أودّ أن أُلخص:

الكوليسترول المتناول لا يؤثر على كوليسترول الدم، بل أن الجسم والمخ يحتاجان الكوليسترول بصورة مستمرة حتى تُتَمَم العمليات الأيضية، ولو انخفض الكوليسترول عن حد معين ستكون النتيجة كارثية على الجسم. الكوليسترول مثله مثل أي مادة غذائية مفيدة أخرى، الإفراط في تناوله يقود إلى مشاكل صحية. تماما كالإفراط في تناول الفيتامينات أو البروتينات، فهل يعقل أن نحكم بأننا يجب أن نقاطع الفيتامينات لأنها مضرة بالصحة ؟!

 

قانون من قوانين البحث العلمي : حتى تثبت معلومة فستحتاج عشرات الأبحاث من عدة جامعات التي تؤكد الوصول لنفس النتيجة في المقابل اذا أردت أن تنفي معلومة فبحث واحد منفذ بمنهجية علمية كافي لأن يدحض المعلومة المثبته .. وفي مثالنا عن العلاقة بين الكوليسترول وأمراض القلب رجحت كفة النفي.

 

لماذا كل هذه المخاوف من تناول الأغذية المحتوية على الكولسترول ؟ ومن المستفيد ؟

 

– شركات تصنيع الأدوية (statins) يجنون المليارات من وراء معلومة خاطئة

 

– أطباء بلا نزاهة أو ضمير يتقاضون من الشركة المصنعه نسبة من المال للدواء الذي يصرف للمريض

 

– شركات استثمارية تضغط على مراكز البحث لتصدر أبحاث بمنهجية متخبطة تؤيد منتج الشركة

 

ولك أيها القارئ الكريم  أن تكمل سلسلة من المستفيد من نشر المعلومات الغذائيه المغلوطة.

 

الكاتب/ أحمد سلامة الله

عضو هيئة تدريس بجامعة الملك سعود