إدمان الهواتف الذكية في السعودية

نتائج دراسة محلية

أظهرت دراسات محلية وعالمية ارتباط استعمال الهواتف الذكية بآثار صحية وخيمة كالصداع والتعب والتوتر والاكتئاب واضطرابات النوم ونقص التركيز والذاكرة والسمع. كما أنه يزيد الحوادث المرورية بنسبة أربعة أضعاف.  وفي الإصدار الخامس من تصنيف الامراض النفسية (DSM-5) الصادر عام 2013،  تمت اضافة إدمان المقامرة ضمن أمراض الادمان كأول إدمان سلوكي أسوة بإدمان المواد الكيميائية كالخمور والمخدرات, بينما تم إدراج إدمان ألعاب الانترنت ضمن قائمة الأمراض التي تحتاج الى مزيد من الدراسات لكي تدرج ضمن أمراض الإدمان مستقبلاً. في المقابل، لايزال إدمان الهواتف الذكية موضوعاً قيد البحث في الأوساط العلمية.

ويشترك الإدمان السلوكي كإدمان الهواتف الذكية مع إدمان المواد الكيميائية في عدد من خصائص الإدمان الرئيسية ومنها فقدان السيطرة على كمية الاستعمال، وتحوله بمرور الوقت لاستعمال قهري، يستهلك أوقاتاً وإمكانيات متزايدة؛ حيث ينشغل المدمن بهاتفه الذكي معظم ساعات اليوم متجاهلاً إنجاز أعماله المهمة أو الاستمتاع بصحبة الأهل والأصحاب والهوايات المفيدة، وربما سرق ذلك بعض ساعات نومه، مع تيقظه أحياناً أثناء النوم لتصفح هاتفه، وحالما يستيقظ من نومه مباشرة يبادر متلهفاً لاحتضان هاتفه.  ويستمر المدمن في استعماله المتزايد للهواتف الذكية بالرغم من معرفته بالعواقب الوخيمة المرتبطة بالاستعمال بحد ذاته، وإدراكه لتصاعد حجم الاستعمال لديه بمرور الوقت. كما يحصل لديه أعراض انسحابية عندما يضطر لتقليل الاستعمال؛ حيث ينشأ لدى المدمن حنين ورغبة ملحة وتوق شديد لهاتفه الذكي مصحوباً بالتوتر والقلق والمزاجية والغضب عندما يكون هاتفه الذكي بعيداً عن يديه.

وقد أجريت دراسة حديثة بمشاركة عدد من الباحثين والباحثات، على عينة تبلغ 2367 طالباً وطالبة من طلاب جامعة الملك سعود بالرياض عام 1436 للهجرة، ونشرت نتائجها في المجلة السعودية الطبية . وكان من أهم نتائج دراستنا ما يلي:

1)يقضي قرابة ثلث عينة الدراسة أكثر من ثمان ساعات يومياً في استعمال هواتفهم الذكية، و 75% يستعملون أربعة تطبيقات على الأقل يومياً؛ غالباً لأجل التواصل الاجتماعي وملاحقة الأخبار.

2)نتيجة لهذا الاستعمال، فقد قلت ساعات النوم والإحساس بالحيوية لدى 43% منهم، كما سلك 30% منهم أنماطاً حياتية غير صحية كأكل الوجبات السريعة وقلة ممارسة الرياضة مما أدى لزيادة الوزن؛ بينما انحدر الإنجاز الأكاديمي لدى 25% منهم.

3)أظهرت الدراسة علاقة موجبة، مهمة إحصائياً، بين درجة مقياس الاستعمال المشكل للهواتف الجوالة والعوامل التالية: النمط السلبي للحياة وضعف الإنجاز الأكاديمي، وعدد الساعات اليومية للاستعمال، وعدد التطبيقات المستخدمة.

4)كان متوسط قيم مقياس الاستعمال المشكل للهواتف الجوالة لدى عينة الدراسة هو 60.8، والوسيط هو 60 (مع العلم بأن الحد الأقصى للمقياس هو 100).

أخيراً/ تشير هذه الدراسة وغيرها لخطر داهم لحصول إدمان الهواتف الذكية خصوصاً لدى الشباب، والذي يرتبط بعواقب وخيمة على النوم، والعادات الغذائية، وممارسة الرياضة، والأداء الأكاديمي.

والله من وراء القصد

د.فهد بن دخيل العصيمي

أستاذ مشارك بكلية الطب بجامعة الملك سعود بالرياض، واستشاري الطب النفسي والطب النفسي الجسدي

@faalosaimi