بقلم / اسماعيل محمد التركستاني 

الصادره من صحيفة مكه

مجلة الجوده الصحية _ دينا المحضار 

 

 

في مقال سابق، تحدثت عن (منهجية القيمة في الرعاية الصحية)، والآن، سوف أتطرق إلى موضوع حيوي آخر في الرعاية الصحية مرتبط بنوعية القيمة الخدمية للخدمة المقدمة، حيث إن هذا المقال يرتبط أيضا بمقال كتبته سابقا بعنوان (هيكلية صناعة القرار الصحي)، وكلا المقالين تم نشرهما بصحيفة مكة.

نعم، وكما هو معروف، فإن إنشاء البيانات الصحية (مثل: عدد المستفيدين من أقسام الطوارئ، عدد المستفيدين من العيادات الخارجية، عدد الأدوية المصروفة… وغيرها الكثير والكثير من البيانات) من قبل الإدارات الصحية المختلفة (سواء كان ذلك بالمناطق أو الوزارة)، والتي إذا تم رصدها وبناؤها بأفضل الطرق الحديثة (مثل استخدام أنظمة الحاسوب الخاصة بتجميع وتحليل مثل تلك البيانات كل على حدة)، سوف تكون له قيمته التي تسهم في تطوير وإعداد أهداف ورؤى وخطط استراتيجية أفضل في الخدمات الصحية.

وبناء عليه، كان من الضروري أن تهتم (وتنتبه أيضا) المنشآت والإدارات الصحية لكيفية التعامل مع ذلك العدد الضخم جدا (قد يصح إطلاق مصطلح تسونامي) من المعلومات التي يتم رصدها وتجميعها (ولكن للأسف، هيهات لتلك القيادات التي لا تدرك ولا تعطي أهمية ما بيديها من كنوز من المعلومات القيمة)، والتي سوف تكون أساسا لفتح رؤى جديدة لها من النوعية والقيمة التي تسهم في إحداث التغيير الجذري في تلك الخدمات المقدمة. وللأسف، تعتمد كثير من الوزارات والإدارات (الصحية منها) في تحليل تلك البيانات على الشركات الاستشارية (!!) رغم وجود إدارات كاملة وتسمى بإدارات التخطيط والتطوير (والتي هي اسم على ورق).

إن الاستخدام الأمثل لتلك البيانات قد يسهم في الوصول إلى المفاتيح الرئيسية والحلول لكثير من المشكلات والعوائق التي تقف في طريق إحداث نقلة نوعية في الخدمات المقدمة، ولكن، معظم العاملين في ذلك القطاع (تجميع البيانات) يفتقرون عادة إلى التدريب والرؤية المناسبة (من قبل قائد محنك) والتي تسمح لهم بالاستفادة من تلك البيانات المجمعة، ولذلك أسباب جوهرية مثل:
أولا: عدم وجود خطة تشغيلية في كيفية تجميع البيانات (التي يجب التركيز عليها) والتعامل معها. ثانيا: عدم وجود طريقة للتعامل مع تلك البيانات من قبل الجهات المعنية، مثل اللجان المركزية والإدارات الفنية (مثل الإدارات الطبية). ثالثا: الأمران السابقان يؤديان إلى عدم وجود الأشخاص (ذوي الخبرة) الذين يستطيعون خلق قيمة (معنوية) لتلك البيانات التي جمعت.

باختصار.. الوضع الحالي في كثير من الإدارات العامة للخدمات الصحية يدل على انفرادية تامة وتوجه منفرد في القيام بالمهمة، ومثال ذلك: تطبيقات معايير سلامة المرضى، حيث إن تلك المعايير قد تم تقطيعها (إن صح التعبير) إلى مفردات، قد يكون ذلك (في الماضي) مطلبا، ولكن الوضع الحالي ومع نظرة واقعية للمستقبل يقول إن: عمل تلك المعايير تحت مظلة واحدة أفضل من عملها مفردة، (يد الله مع الجماعة).