تقرير الجودة الصحية- إعداد : عبدالمجيد الحارثي 

 

إن مقاومة مضادات الميكروبات هي مقاومة كائن مجهري ما لدواء مضاد لميكروب ما وكان فعالاً أصلاً في علاج العدوى التي يتسبب فيها .

وتستطيع الكائنات المجهرية المقاومة (مثل الجراثيم والفطريات والفيروسات والطفيليات) أن تصمد أمام هجوم الأدوية المضادة للميكروبات (كالمضادات الحيوية) ومضادات الفطريات ومضادات الفيروسات ومضادات الملاريا، بحيث تفقد العلاجات المعيارية فعاليتها وتصمد العدوى مما يزيد مخاطر انتقالها إلى أشخاص آخرين.

ويُعد تطور السلالات المقاومة ظاهرة طبيعية تحدث عندما تتناسخ الكائنات المجهرية بشكل خاطئ أو عندما تتبادل فيما بينها خصائص مقاومة. ويتسبب استعمال الأدوية المضادة للميكروبات وإساءة استعمالها في التعجيل بظهور السلالات المقاومة للأدوية. ومن الأمور التي تشجع على استمرار انتشار مقاومة مضادات الميكروبات الممارسات السيئة في مجال مكافحة العدوى، والمناولة غير السليمة للأغذية، وظروف الإصحاح غير الملائمة.

 

الفرق بين مقاومة المضادات الحيوية ومقاومة المضادات الميكروبات :

تتعلق مقاومة المضادات الحيوية تحديداً بمقاومة المضادات الحيوية التي تحدث في الجراثيم الشائعة التي تتسبب في العدوى. أما مقاومة مضادات الميكروبات فهي مصطلح أعم يشمل مقاومة الأدوية الخاصة بعلاج العدوى الناجمة عن ميكروبات أخرى أيضاً، كالطفيليات (مثل الملاريا) والفيروسات (مثل السل وفيروس العوز المناعي البشري) والفطريات (مثل المبيضات “الكانديدا. 

 

 لماذا تثير مقاومة مضادات الميكروبات قلقاً عالمياً؟

هناك آليات مقاومة جديدة تظهر وتنتشر على نطاق العالم مهددة قدرتنا على علاج أمراض معدية شائعة، مما يؤدي إلى وفاة وعجز أشخاص كان بإمكانهم حتى وقت قريب أن يستمروا في مسار الحياة الطبيعي.

وبدون العلاج الفعال المضاد للعدوى سيفشل كثير من العلاجات الطبية المعيارية أو سيتحول إلى إجراءات عالية المخاطر.

 

مقاومة مضادات الميكروبات تفتك بالأرواح

إن العدوى الناجمة عن الكائنات المجهرية المقاومة لا تستجيب غالباً للعلاج المعياري، مما يؤدي إلى إطالة أمد الاعتلال وارتفاع النفقات الصحية وزيادة مخاطر الوفاة.

ومن أمثلة ذلك أن معدل وفاة المرضى المصابين بحالات العدوى الخطيرة الناجمة عن جراثيم شائعة في المستشفيات يمكن أن يكون ضعف مثيله لدى المرضى المصابين بحالات العدوى الناجمة عن نفس الجراثيم ولكنها غير مقاومة. وتشير التقديرات مثلاً إلى أن احتمال وفاة المصابين بالميكروبات العنقودية الذهبية المقاومة لمضادات الميثيسيلين (MRSA) (وهي مصدر آخر شائع للعدوى الخطيرة في المجتمع المحلي والمستشفيات) تزيد بنسبة 64% مقارنة بالمصابين بشكل من العدوى غير مقاوم.

 

مقاومة مضادات الميكروبات تعوق مكافحة العدوى

تحد مقاومة مضادات الميكروبات من فعالية العلاج، لذا يبقى المرضى ناقلين للعدوى لمدة أطول، الأمر الذي يزيد مخاطر انتشار الكائنات المجهرية المقاومة إلى أشخاص آخرين. فعلى سبيل المثال يثير ظهور المتصورة المنجلية Plasmodium falciparum المقاومة للأرتيميسينين في منطقة ميكونغ الكبرى دون الإقليمية قلقاً ملحاً في مجال الصحة العمومية ويهدد الجهود العالمية المبذولة من اجل خفض عبء الملاريا.

وعلى الرغم من أن السل المقاوم للأدوية المتعددة يثير قلقاً متزايداً فلا يزال الإبلاغ عنه ناقصاً، مما يقوض جهود مكافحته.

 

مقاومة مضادات الميكروبات تزيد تكاليف الرعاية الصحية

عندما تصبح العدوى مقاومة لأدوية الخط الأول يجب استعمال علاجات أغلى. وتؤدي إطالة أمد الاعتلال وعلاجه، الذي يتم غالباً في المستشفيات، إلى زيادة تكاليف الرعاية الصحية وكذلك زيادة العبء الاقتصادي على الأسر والمجتمعات.

 

مقاومة مضادات الميكروبات تهدد مكاسب الرعاية الصحية التي تحققت للمجتمع

تشكل مقاومة مضادات الميكروبات خطراً على إنجازات الطب الحديث. فبدون مضادات الميكروبات الفعالة في الوقاية والعلاج من العدوى سيتأثر سلباُ النجاح في زرع الأعضاء والعلاج الكيميائي للسرطان وكذلك العمليات الجراحية الكبيرة.

 

مقاومة مضادات الميكروبات يمكن أن تهدد الأمن الصحي وأن تلحق الضرر بالتجارة والاقتصاد

إن نمو حركة السفر والتجارة على نطاق العالم يتيح للكائنات المجهرية المقاومة أن تنتشر بسرعة وتصل إلى بلدان وقارات بعيدة من خلال حركة البشر والأغذية. وتبين التقديرات أن مقاومة مضادات الميكروبات يمكن أن تزيد خسائر الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 1%، وأن التكاليف غير المباشرة التي يتكبدها المجتمع قد تكون أكثر 3 مرات من نفقات الرعية الصحية المباشرة. وهي تؤثر على الاقتصادات النامية تأثيراً أكبر بكثير من تأثيرها على الاقتصادات المتقدمة.

 

 

الوضع الراهن

المقاومة في الجراثيم

يكشف تقرير المنظمة لعام 2014 بشأن الترصد العالمي لمقاومة مضادات الميكروبات عن أن مقاومة المضادات الحيوية لم تعد مجرد تنبؤ خاص بالمستقبل، فهي تحدث الآن بالفعل وعلى نطاق العالم مهددة القدرة على علاج أنواع عدوى شائعة في المجتمع المحلي والمستشفيات. وما لم تُتخذ إجراءات منسقة في هذا الصدد سيسير العالم نحو عصر ما بعد المضادات الحيوية الذي يمكن فيه لأنواع عدوى وإصابات بسيطة شائعة، كانت قابلة للعلاج طيلة عقود من الزمان، أن تفتك بالأرواح من جديد.

تم في عدة بلدان تأكيد فشل العلاج بأدوية الملاذ الأخير الخاصة بالنيسرية البنية، أي الجيل الثالث من السيفالوسبورينات. وتؤدي النيسرية البنية غير القابلة للعلاج إلى زيادة معدلات الاعتلال والمضاعفات، مثل العقم ونتائج الحمل الضارة وعمى المواليد، كما يمكن أن تتسبب في انحسار المكاسب التي تحققت في مكافحة الأمراض المعدية المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي.

تنتشر على نطاق واسع جداً مقاومة واحد من أكثر أصناف الأدوية المضادة للجراثيم استعمالاً للعلاج الفموي من عدوى المسالك البولية التي تتسبب فيها الإشريكية القولونية، أي الفلوروكوينولونات.

تنتشر على نطاق واسع أيضاً مقاومة أدوية الخط الأول لعلاج العدوى الناجمة عن المكورات العنقودية الذهبية، وهي سبب شائع للعدوى الوخيمة التي تحدث في مرافق الرعاية الصحية والمجتمع المحلي.

انتشرت مقاومة العلاج بأدوية الملاذ الأخير الخاصة بأنواع عدوى مهددة للحياة تتسبب فيها جراثيم معوية شائعة، أي المضادات الحيوية من نوع كاربابينيم، لتصل إلى كل أقاليم العالم. وتكشف الأدوات الرئيسية للتصدي لمقاومة المضادات الحيوية، مثل النظم الأساسية لتتبع ورصد المشكلة، عن ثغرات كبيرة. ويبدو في كثير من البلدان أنه لا توجد أدوات من هذا القبيل أصلاً.