بقلم / محمد احمد بابا 

الصادره من صحيفة مكه

مجلة الجودة الصحية _دينا المحضار 

 

 

اطلعت على تنظيم المدن الطبية عرضا، وقرأت فيه أهدافا عظيمة لإنشائها، ومحاولة بعث الاستقلالية النوعية فيها حتى تكون مرجعا طبيا في العلاج والمعلومة العلمية الصحيحة المترافقة مع التطوير بحثا وتجربة.

وشدني كثيرا أن تكون المدن الطبية في الوطن في تسميتها كمصطلح تشمل وصف (المدينة بالطب) ليكون ما أستطيع الحديث عنه هو المدينة من حيث المعنى المجتمعي، فيما يظل الطب تخصصيا، له من أهله من يستطيعون توصيفه وإفهام المتلقي ماهيته.

ومن ذلك انطلقت أربط بين لفظ (المدينة) والمجمعات المؤسسية الطبية في مكان واحد تحت إدارة واحدة تسعى لتوافقية عمل، يحتاج انسياب خدمات لا يستغني عنها الأطباء ولا المرضى ولا حتى الموظفون الإداريون ولا ذوو العلاقة بالتعامل مع أي مدينة طبية.

وحسمت أمري بأن القاصدين لهذه التسمية من مشرعي تنظيم المدن الطبية يعنون لفت الأنظار لمنظومة اجتماعية هامة في كل مدينة، هي دم العروق في مجريات المهنية الطبية عالية التقدير والحاجة في آن واحد. فمن خلال بحث بسيط في رصيد الأخبار والمعلومات المتوفرة في شبكة الانترنت سنجد إنجازات طبية كثيرة حققتها أكثر من مدينة طبية سواء كانت تابعة لوزارة الصحة أم لقطاعات عسكرية، تجعل الفضولي يسبر أغوار النجاح بحثا عن أسباب غير المهارة المهنية أو التقدم العلمي كما هو معتاد.

وبالنسبة لي وما أعنيه بأن مصطلح (المدينة) يجمع أطراف الاحتياج المؤسسي لكل الدعم الاجتماعي في مجالات المساعدة لتكون نفوس مقدمي الخدمة والمستفيدين منها والمراقبين ماثلة على الخط المستقيم للحالة المستقرة الإيجابية، فإن المسؤولية الاجتماعية تقف على رأس القائمة عناية وإثراء وتأثيرا حتى في القرار الطبي والعلاجي السليم واستدامة تلقيه.

في المدن الطبية مرضى محولون فرحوا بقرار أهلية العلاج أن جاء دورهم لتخصصية فحص واستطباب، وفي المدن الطبية رأس مال بشري عابق بالحماس نحو استثمار تنوع الحالات وندرة التشخيصات ليكون التدريب أجدى والاكتشاف أقرب والمتابعة أدق، وفي المدن الطبية مستثمرون نظروا للتجمعات فرص خدمات ضرورية، وفي الخليط الإنساني بيئة دعم مادي ذي جدوى مميزة، وفي المدن الطبية خريطة إدارية ورؤية استراتيجية تحاول النهوض بتدفق الحياة في تفاعلات النظام مع روح الإنسانية خدمة للمريض.

كل هذا أخذته الإدارات التنفيذية العليا في غالب المدن الطبية بعين الاعتبار، مستفيدة من مفهوم ذاتية التشغيل فأخرجت برامج لدعم المسؤولية الاجتماعية في الاتجاه الصحيح بنظريات توجيه وعمليات تسويق تستهدف القطاع الخاص بشركاته العملاقة ومؤسساته القابضة.

من يعرف هذا التراتب في المسؤوليات سيشعر مثلي بتقصير كبير نلمسه ونلاحظه في علامات تجارية كبرى وأسماء اقتصادية عظمى نحو مسار صحيح تتيحه المدن الطبية لهم أن يكونوا مادة عون لها في ترقية خدماتها بحسن الدعم الاجتماعي للمريض قبل انخراطه في جدول العلاج وأثنائه وبعد خروجه من المستشفيات أو المراكز الطبية التخصصية.

ليس الفهم من دعوة الشركات للمشاركة المجتمعية في المدن الطبية تبرعا ماديا يصرف أو يعطى، بقدر ما هو مشاركة حقيقية في استثمار هذا الدعم المالي لينمو في متانة رصيد تسمح بأن يوفر مستشفى التأهيل – مثلا – لمريضه بيئة منزلية مناسبة تتطلب تعديلات تصميم في بيته لا يمكن أن تتحقق من غير استيقاظ الشركات والتفات أصحاب القدرة المالية التجارية.

واجب حتمي لا منة فيه ولا رياء أن تعطي المنشآت الكبيرة وغيرها في القطاع الخاص الفرصة الكافية لأذرع المدن الطبية للمسؤولية الاجتماعية كي تدلها على مؤسسية عطاء ومهنية دعم يجعل من بلاسم التجار مصدر افتخار. ولعل تبني التدريب والتعليم والبحث العلمي والمشروعات المخبرية من قبل الشركات ومقدرة القطاع الخاص يعاني من ضعف شديد وتثاقل حماس كبير وتقاعس استجابة متصاعدة لا يعرف لها سبب رغم حتمية المشاركة وفق ضوابط المسؤولية الراسخة وجودا في كل لائحة تنفيذية ونظام داخلي لمنشآت القطاع الخاص. ألا يكون سخاء الشعارات التجارية إلا دعاية مقابل مادي فتلك مصيبة، والمصيبة الأعظم ألا يكون المردود المعنوي المؤثر في القيمة السوقية للشركات المنخرطة في المسؤولية الاجتماعية الطبية جرس إنذار لمجالس الإدارات.

فهل أدلكم على تجارة تنجيكم من مساءلة مجتمع عظيم؟

albabamohamad@