بقلم/د. محمد عبدالله الخازم 

الصادره من صحيفة الجزيره

مجلة الجوده الصحية_ دينا المحضار 

 

 

صدر نظام مزاولة المهن الصحية، وفيه تفاصيل إيجابية عديدة نحن بحاجة إليها ولأن الهدف هو تحسين الممارسة الصحية وكل نظام مهما كان توجد عليه ملاحظات وهناك مجال لتحسينه مستقبلاً، فإننا قرأنا النظام وبانت لنا ملاحظتين إحداها تتعلق بأحد النصوص والأخرى بنقطة غاب تشريعها أو التطرق لها. مع ملاحظة أنه في النظام، كل كلمة لها معنى وفهم محدد ونحن نتعامل مع نصوص الأنظمة وليس النوايا أو الممارسة الميدانية.

النص الذي لفت انتباهي في المادة 1-1 يشير بأن على الهيئة رفع توصياتها لوزير الصحة للموافقة…إلخ. ما أفهمه هنا هو تأكيد على فكرة مرجعية هيئة التخصصات الصحية لوزير الصحة وهذا يعارض استقلاليتها. نعم الوزير يرأس مجلس إدارة الهيئة ولكن الهيئة ليست إحدى دوائر وزارة الصحة لترفع لوزير الصحة بالموافقة على قراراتها. الأمر يختلط عندما يتولى التنفيذي رئاسة هيئة تشريعية مستقلة وقد يكون ذلك سبب اللبس في هذه الفقرة. هيئة التخصصات الصحية مستقلة وأن الآوان لترسيخ استقلاليتها كما حدث في بعض الهيئات المماثلة كهيئة الاعتماد الأكاديمي وهيئة التقويم وهيئة الكهرباء وغيرها من الهيئات، التي لم يعد يرأسها الوزير التنفيذي للقطاع.

النقطة الثانية التي أغفلها النظام ووعدت بالتطرق لها في مقالي السابق هي تضارب المصالح بالنسبة للطبيب والصيدلي والممارس الصحي، وأبسط صوره نراها في ظاهرة تعامل شركات الأدوية والأجهزة الطبية مع الممارسين الصحيين فهي تدعم مؤتمراتهم وتساهم بمصاريف مشاركة الأطباء والممارسين والإداريين الصحيين في المؤتمرات المحلية والخارجية والمناسبات المختلفة. وفق أخلاقيات الممارسة الصحية، مثل هذا الأمر يؤثر أو قد يؤثر على خيارات الإداري والطبيب والصيدلي في اختيار نوع الأدوية أو الأجهزة أو العقود. للأسف النظام لم يتطرق لهذا الأمر ولم يؤكد عدم جواز حصول المارس الصحي على دعم من جهة ما لها علاقة بممارسته وقد تؤثر على قراره في العلاج أو صرف الدواء أو اختيار الجهاز أو العقود المختلفة.

الظاهرة أصبحت شائعة والنظام الجديد أغفل معالجتها، بل إن بعض القيادات الصحية تشجع أطباءها ومنسوبيها على هذه الممارسات لأنها لا تستطيع دعمهم في مجال حضور الندوات والمؤتمرات العالمية. وقد سبق أن طالبت بضرورة تولي المستشفى – أياً كان- تأسيس صندوق خاص للمتبرعين والداعمين دون ربطه بالأشخاص، بمعنى أنه يجب منع أية تبرعات للأفراد أو للأقسام والعيادات وتحويل أية تبرع للكيان الصحي. كلنا يعلم أن الكثيرين يسافرون لمؤتمرات دون أن تتكفل بذلك مؤسساتهم وإنما بدعم شركات الأدوية والأجهزة الطبية، ولا ندري ماهو المقابل الذي تنشده تلك الشركات!

إنه أمر مستغرب أن يخلو نظام مزاولة المهن الصحية من الإشارة إلى مصادر تعارض المصالح بالنسبة للطبيب والتأكيد على عدم حصوله على أية دعم مباشر أو غير مباشر من جهات لها علاقة أو قد تؤثر على ممارسته الصحية. قد يرى البعض أن ذلك عرف لا يتطلبه القانون أو أنه موجود في أدلة إرشادية أخرى، ولكني أطالب بأن يكون ضمن اللائحة التي هي القانون الأول الذي يحتكم عليه في مزاولة المهن الصحية.