بقلم/ ساير المنيعي 

الصادره من صحيفة سبق

مجلة الجوده الصحية_دينا المحضار 

 

كتبتُ منذ زمن بعيد مقالاً بعنوان “مستشفيات بلا أطباء”، وظننت أن الوضع تحسن، أو بالأحرى حاولت أن أوهم نفسي بأن الوضع سيتغير، وأن الحال ستتبدل، وأن وزارة الصحة ستلتفت لهذه المستشفيات، وتؤمِّن لها الكوادر الطبية اللازمة، ولكن – للأسف الشديد – الوضع ازداد سوءًا؛ فقد كنا في معاناة مستشفى واحد، والآن أصبحت مستشفيات تعاني..!!

وكل ذلك على مرأى ومسمع من الوزارة..!! وعلى الرغم من تغيُّر الوزير أكثر من مرة إلا أن “الحال على ما هي عليه”..!! فكلما جاء وزير نستبشر خيرًا بأن الوضع سيتغير..!! ولكن – للأسف – ما زلنا “في مكانك راوح”!!

فيبدو أنهم في هذه الوزارة تأثروا بالغرب في العمل المؤسسي؛ فهناك تجد الدولة كلها تسير وفق خطة بعيدة المدى، قد رُسمت لمستقبلها؛ فكل رئيس يكمل مسيرة من سبقه، وكذلك العمل في وزاراتهم، على النقيض من وزاراتنا؛ فكل وزير عندنا ينسف عمل مَن قبله نسفًا، بل إن بعضهم ينسف الوزارة كلها أنظمة وكوادر..!! فنحن نفتقر للعمل المؤسسي في أغلب قطاعاتنا الحكومية..!!

وهنا في وزارة الصحة الأمر اختلف تمامًا..!! فيبدو أن قطاع المستشفيات قد سار على سُنة الغرب، ولكنه عكس الطريق، فأخذ منهم صبغة العمل المؤسسي التكاملي، ولكن في الإهمال والفوضى؛ فكل مسؤول في هذا القطاع يسير على نهج سلفه من الإهمال والتهميش؛ لذلك أصبحنا نرى وضع المستشفيات يزداد سوءًا، والحال من سيئ إلى أسوأ..!!

فقد كانت المعاناة في مستشفى واحد، يعاني نقص الكوادر..!! واليوم أصبحت مستشفيات تعاني؛ فالكادر الطبي يعاني نقصًا شديدًا جدًّا؛ ما أدى إلى الزحام الشديد، وبُعد المواعيد؛ فعندما تراجع الطبيب تنتظر بالساعات والساعات حتى تصاب بأمراض جديدة غير التي حضرت لتعالجها من شدة القهر والضجر..!! وعندما يفرجها الله عليك بعد انتظار دام عند الطبيب لساعات..!! فتتنفس الصعداء، وتطلق زفرة، تحس معها بأن همك قد زال، وأن معاناتك قد انتهت، وأنك ستصرف علاجك من الصيدلية، وتذهب لتخلد للنوم؛ لأن الليل قد ودعك نصفه..!! تصاب بصدمة أعظم من طول الانتظار عند الصيدلية..!! فتتهيأ لمعاناة جديدة، تُمنِّي النفس بأنها أخف من صاحبتها..!! ولا ينبهك من هذه الغفلة، ومن أحلام اليقظة، إلا صوت الحق حين أطلق المؤذن لحنجرته العنان؛ لتصدح بالنداء العظيم لصلاة الفجر..!! فتصلي معهم الفجر.. ومع إشراقة شمس يوم جديد.. تولد من جديد.. وتعود لمنزلك.. وقد هدك التعب، وأخذ من النصب كل مأخذ..!! ولكنك سعيد بأنك قد كنت أفضل من غيرك.. ذلك المسكين الذي تركته.. وما زال حبل الانتظار طويلاً أمامه..!! وهو أفضل من ذلك الذي جاء حالمًا بمراجعة العيادة وصُدم بأن موعده بعد سبعة أشهر..!! وفوقها أيام قلائل..!!

هذا ليس فصلاً من رواية، أو حدثًا من قصة سطرتها أنامل كاتب مبدع، وتناقلها الناس يروونها لبعضهم..!! ولكنه الواقع المرير الذي يعانيه سكان العاصمة..!!

– العاصمة..؟!!

– نعم العاصمة.

– الرياض..؟!!

– نعم الرياض.

هل يُعقل ذلك؟!! هل يُعقل أن مستشفيات في الرياض تعاني نقص الأطباء والصيادلة؟!!

هل يُعقل أن مستشفيات في الرياض تكون مواعيد المراجعة فيها بعد أشهر؟!!

نعم.. إنها كذلك -للأسف الشديد- ومَن أراد أن يتأكد فما عليه إلا أن يذهب إلى مستشفى الأمير محمد بن عبدالعزيز ومدينة الملك سعود الطبية “الشميسي”؛ ليرى ذلك حقيقة ماثلة أمام عينيه..!!!!!!!!