بقلم/ عواجي النعمي 

الصادره من صحيفة الوطن

مجلة الجوده الصحية _ دينا المحضار 

 

 

ما لم تكن هناك مبادرات فاعلة لإصلاح النظام الصحي، فسيظل الطبيب والممرض، هما كبش الفداء لذلك الفشل في النظام الصحي، ووجود ثغرات في تطبيقه وآلياته

 

تداولت مواقع التواصل الاجتماعي ذلك المقطع المقزز، لمراجع وهو ينهال على ممارس صحي بوابل من الطعنات المتتالية، أمام أنظار زملائه وداخل حرم منشأة صحية، وأخذ هذا المقطع حيزا من الاهتمام لبشاعة المنظر، ولأن الضحية ممارس صحي من جنسية آسيوية، اشتهرت بالكفاءة في هذه المهنة، بينما هناك العشرات من تلك الاعتداءات لم تنشر لعدم توثيقها في حينه.
وحقيقة، فإن قضية الاعتداء على الممارس الصحي ليست جديدة أو وليدة الأمس، فهذه المسألة مستمرة -وبشكل مأساوي- في ظل عدم وجود أنظمة رادعة ومانعة لمثل هذه التصرفات. 
والغريب أنه رغم صدور نظام يجرّم ويحاسب الممارس الصحي على جميع أخطائه وتصرفاته، وهو نظام مزاولة المهن الصحية الصادر بمرسوم ملكي كريم عام 1426، والذي يفرض المسؤولية المدنية والجزائية والتأديبية «تشمل العقوبات السجن والشطب من سجل الممارسة المهنية»، إلا أنه في المقابل لا نجد نظاما يحفظ لذلك الممارس حمايته من المخاطر، ويصون كرامته من الانتهاكات المتكررة، وهذا أمر يقع أولا على المؤسسات التي يتبع لها الممارس الصحي. فخلال السنوات الماضية -ومع ارتفاع معدل الاعتداءات على الممارسين الصحيين، ورغم مبادرة الجهات الأمنية عقب كل اعتداء إلى القبض على الفاعل- إلا أن الشؤون القانونية في وزارة الصحة لم تنجح في إصدار أي قرار في تلك القضايا- والتي كانت معظمها قضايا رأي عام- يعيد إلى الممارس الصحي شيئا من حقوقه، وينذر المتجاوزين بمغبة الاعتداء وتجاوز الأنظمة.
ومما لا شك فيه، أنه في حالة الاستمرار على هذا النهج،وعدم إيجاد تشريع كاف بمعاقبة المعتدي وحماية الممارس الصحي، فسنظل نسمع كثيرا عن توعد تلك المؤسسات بمتابعة المعتدين على منسوبيها، دون وجود ما يثبت تلك المتابعة 
أو حماية المعتدى عليهم.
وأيضا مما لا شك فيه، أن التعبئة الإعلامية ضد الممارسين الصحيين كان لها دور في هذا الاحتقان ضدهم، لا سيما طرق التعاطي مع الأخطاء الطبية إعلاميا، فكما هو معروف أن الخطأ الطبي لا يثبت إلا خلال اللجان المعنية والمنصوص عليها في نظام مزاولة المهن الصحية، وإحدى هذه اللجان هي لجنة شرعية برئاسة قاض من وزارة العدل. 
وفي كل الدول المتقدمة يمنع النشر في قضايا الأخطاء الطبية، إلا بعد صدور الأحكام القضائية وثبوت الخطأ. بينما عندنا يتم إصدار الحكم إعلاميا وإطلاق التهم الجائرة على الممارس الصحي، قبل أن تصل أوراق قضيته إلى أروقة المحكمة ووزارة العدل!
ولعلنا نُذكّر بأن معظم الأخطاء الطبية عندما تقع، فإنها ليست بسبب الممارس الصحي، ولكنها بسبب فشل النظام الصحي، ووجود ثغرات في تطبيقه وآلياته، فنقص الأجهزة وعدد القوى العاملة وضغط المناوبات وضعف الخبرة وعدم توافر الأَسِرّة ونقص الأدوية والمستلزمات وضعف الوعي الصحي، هي أمور يتحملها النظام الصحي ويدفع ثمنها الممارس الصحي، وما لم تكن هناك مبادرات فاعلة لإصلاح النظام الصحي، فسيظل الطبيب والممرض، هما كبش الفداء لذلك الخلل في المنظومة الصحية. 
وإلى أن يتم الالتفات والاهتمام بفجوات النظام الصحي وتشريع الأنظمة، فعلى الممارس الصحي الصبر والاحتساب