بقلم/ ياسر عمر سندي 

الصادره من صحيفة مكه

مجلة الجوده الصحية_ دينا المحضار 

 

 

مع كثرة الأعمال وتعدد المنتجات والاحتياج للخدمات واختلاف المنظمات أصبحنا نشاهد الكم الهائل من المستويات التنظيمية المتوسطة والعليا من المديرين والتنفيذيين، وأحيانا إن لم أكن أبالغ تجدهم أكثر من الموظفين في الهيكل التنظيمي. وأجدني لا أؤمن بالمثل الشعبي القائل «إذا كثر الطباخون فسدت الطبخة»، بل أكاد أجزم أن الطبخة سيكون لها مذاقها الخاص مع زيادة في البهارات والتسبيك المشبع بالدهون في حال كثر الطباخون وتعددت آراؤهم واختلفوا في المقادير؛ أقصد «القرارات»، وأجبروا الموظفين على أكل طبختهم بل وأقنعوهم بأساليبهم أن يقولوا كم هي رائعة أيها الشيف، أقصد أيها «المدير» ليقودوهم إلى التخمة الإدارية.

أصبح المسمى الوظيفي لـ «مدير» و»مدير عام» و»رئيس» هبة تنظيمية تمنح ويتقلدها كل من هب ودب، وأصبحت المقولة الشهيرة البائدة «الرجل المناسب في المكان المناسب» مكتوبة في صفحة الوفيات بالمنظمات، ومن الطبيعي أن ترى نتيجة لذلك إخفاقا من الطراز الأول يتقنه المدعوون بـ «المدراء» ويتحمله بالتالي المغلوبون على أمرهم أو من يوصفون بالموظفين.

من وجهة نظري السلوكية لهؤلاء المدراء والكم الهائل من الغث والسمين أرى أن لهم سمات شخصية وصفات سلوكية وكاريزما معينة وعوامل تنظيمية ودلالات سأستعرضها وأقف عليها بنقاط تعقيبية، مكنتهم من الترشح لنيل مرتبة الشرف بجدارة واستحقاق ليكونوا في المصاف الأولى بتطبيق الفشل الإداري الذريع وإنتاج التخبط التنظيمي الشنيع، ومنها:

– «الاختيار العشوائي للمدير»

أن يتم قرار التعيين بدون أي مقدمات أو نتائج ملموسة أو الاختيار على أساس المعرفة أو القرابة أو المحسوبية ونظام الشللية.

– «المهنة والتخصص العلمي والخبرة العملية»

من الطبيعي أن يحدث ما يسمى في السلوك التنظيمي بـ «التوأمة المهنية» وهو أن يتوافق العمل مع التخصص الجامعي والخبرة الكافية لتأدية المهام، فإذا كان هنالك مدير يعمل في مجال الموارد البشرية ويحمل شهادة متخصصة فنية وتطبيقية مثل هندسة الكهرباء أو في مجال الميكانيكا أو شهادة متخصصة بخطوط الإنتاج والإمداد أو أي من التخصصات البعيدة كل البعد والتي ليست لها هوية محددة ولا علاقة لها بالموارد البشرية؛ فحتما لا يوجد أي توافق علمي وعملي بين هذه وتلك، وسينتج عن ذلك فشل إداري في القرارات المتخذة.

– «السكوت عن الإخفاقات المتتالية للمدير»

إذا سكت الموظفون عن المدير وإخفاقاته الإدارية والأخلاقية وبدأ التعامل بالمجاملة والمداراة وغض الطرف فسيقود ذلك للفشل الإداري في العمل، والفشل السلوكي في التعامل.

– «الإبقاء على مسمى المدير بشكل وهمي»

في حال تجريد المدير من صلاحياته ومهامه وبالمقابل يتم احتفاظه بمسمى وظيفته كمدير سينجم عن ذلك إحباط نفسي له، وربما يفقده ذلك السيطرة على تصرفاته وسلوكه تجاه الموظفين والمنظمة.

– «رفع الصوت والتهكم على الموظفين والتقليل من شأنهم»

من السلوكيات المشينة

التي يتقنها المدراء المتميزون بالفشل أن يتعاملوا بالزمجرة والصراخ على الموظفين وتطبيق المثل القائل «اضرب المربوط يخاف المنفلت»، توهما منهم أن ذلك سيجعل لهم حظا ونصيبا في السيطرة على الموظفين ومجريات العمل، وأحيانا يعمدون إلى التقليل من شأن الموظفين والتحقير من عملهم وإحراجهم حال خطئهم أمام زملائهم والتشهير بذلك ولفت النظر إليهم علانية.

– «البعد عن تطوير الذات والاعتراف بالأخطاء»

البعض لا يحب مجاراة الواقع العملي والعلمي بالبحث عن كل جديد وحديث في مجال عمله وتخصصه «فالإنسان عدو ما يجهل»، بل وتأخذه كثيرا العزة بالإثم ولا يعترف بأخطائه.

– «محاولة رسم الكاريزما والشخصية ولعب دور المدير»

من المضحك أن ترى مديرا يتقمص الدور أكثر من اللازم ويكون مقطب الجبين مكفهر الوجه مرتفع الحاجبين يغلق بابه لساعات طوال، وإذا قابل أحد الموظفين لديه عبارة يرددها دائما وأبدا «اختصر» أو «ما عندي وقت».

– «التهرب من مواجهة الموقف»

التهرب الدائم من مواجهة الموظفين، وعدم إقناعهم بقرارته، وإعطائهم وعودا كاذبة وزائفة وعدم الوضوح في التعامل معهم قولا وعملا.

وأخيرا، أيها المدير، وكما قيل قديما: الإدارة فن ودراسة وكاريزما وذوق وأخلاق، ومسألة مستواك وإخفاقك الإداري تعود إليك وإلى تحقيقك أيا من الدلالات سالفة الذكر، فإن حصلت عليها واجتمعت فيك فأنت «مدير فاشل مع مرتبة الشرف الأولى» باستحقاق وجدارة.

Yos123Omar@