بقلم/ د. عبدالله الحريري 

الصادره من صحيفة الرياض

مجلة الجودة الصحية_ دينا المحضار 

 

 

من نعم الله علينا في هذا البلد أن لدينا قيادة حكيمة ورشيدة همها الأول والأخير رفاهية وإسعاد وخدمة المواطن، وضمان حقوقه بشتى المجالات وبالأخص الصحة؛ لأنها مرتبطة بجودة الحياة بصفة عامة، وبالإنتاجية وما قد يسببه العبء المرضي من آثار مباشرة وغير مباشرة على الأمن بمفهومه الشامل، وقد تجسد ذلك دستورياً انطلاقاً من النظام الأساسي للحكم «دستور المملكة المدني»، كما ورد في المادة السابعة والعشرين من الباب الخامس الخاص بالحقوق والواجبات الذي نص «تكفل الدولة حق المواطن وأسرته في حالة الطوارئ، المرض، والعجز، والشيخوخة، وتدعم نظام الضمان الاجتماعي، وتشجع المؤسسات والأفراد على الإسهام في الأعمال الخيرية»، والمادة الحادية والثلاثين «تعنى الدولة بالصحة العامة، وتوفر الرعاية الصحية لكل مواطن».

وعندما نتأمل في معجم المعاني الجامع لكلمة الفعل «يتكفل» والمفعول «متكفل» فإنها تعني الالتزام والتعهد، وكلمة «تعنى» أي تعهدت وتحملت من أجل بلوغ ما تريد، وكلمة «توفر» أتمّه واستوفاه أو صرف همته إليه.

المهم اليوم، خبراء اقتصاديات الصحة يعتقدون أن الإنفاق الحكومي على الصحة وبالذات الصحة العامة، وتمكين الناس من الوصول إلى الصحة بيسر وسهولة، ومن دون تكاليف مالية عليهم سيعززان الصحة، وبالتالي يقل بشكل غير مباشر الإنفاق على المرض وأعبائه، التي لو تركت لأصبح الإنفاق المباشر عالياً ومن دون مبرر، إلى جانب الآثار الاقتصادية على الناس كقوة بشرية في أي اقتصاد منتج، ناهيك عن الآثار الاجتماعية والنفسية الجانبية للتأخر في التعامل مع الحالات المرضية مما يفاقم المشكلة، ويتحول المرض من حالة مرضية وقتية يمكن التغلب عليها مبكراً إلى حالة مرضية مزمنة أو مهددة للحياة، وهنا ندخل في دوامة من الإنفاق غير المقنن على الأدوية والآثار الجانبية للأمراض المزمنة، وعلى سبيل المثال على المستوى الشخصي عندما يهتم الإنسان بصحته وينفق على نفسه في الغذاء وغيرها من الأمور الصحية ذات الجودة فإنه ستمر عليه السنة ولا يحتاج إلى زيارة المستشفى أو الطبيب، وربما يكون مشمولاً بالتأمين التجاري، وتمر السنة ولا يصرف منه أي مبلغ، وهذا ينطبق بشكل واسع وأعم على الإنفاق الحكومي.

اليوم بهذا التوجه فإننا سنحقق دستور الصحة بأنها حالة من اكتمال السلامة بدنياً وعقلياً واجتماعياً، لا مجرد انعدام المرض والعجز، وفي نفس الوقت سنوفر بلايين من الريالات على العبء المرضي.