بقلم/ أ. حميد بن احمد المالكي 
مجلة الجوة الصحية _ دينا المحضار 
المراكز الصحية يفترض أن تلعب دوراً وقائياً هاماً في المجتمع وهو الدور الحقيقي لها بالاضافة الى الدور التوعوي والتثقيفي ، وجانب علاجي بسيط لا يتعدى الضماد ومتابعة الملف الصحي العائلي والتحويل للمستشفيات من خلال عيادات فرز مساعدة للمستشفيات للتخفيف من عبء الطواريء بها .

إلا أننا نشاهد وللاسف الشديد دور مختلف تماماً للمراكز الصحية ، خاصة بعد أن تم ضمها الى المستشفيات ، فاصبحت جزء علاجي من منظومة عيادات المستشفيات التابعة لها ، واصبح الدور الوقائي والتوعوي والتثقيفي يظهر على استحياء من خلال استاندات وبروشورات لا تكاد تتعدى صالات استقبال المراكز الصحية .

لست هنا بصدد تقييم ضم المراكز الصحية للمستشفيات ” إدارياً وفنياً ” وما الحقه ذلك الضم من أضرار بالمراكز الصحية ، اقلها تهميش دور مدراء المراكز ، ولست هنا بصدد تقييم ما تقدمه المراكز الصحية من علاجات وتطعيمات والتي لا تكاد أن تتوفر للاسف الشديد بالشكل الكافي في معظمها ، ولست هنا بصدد إستعراض شكاوي مراجعي المراكز الصحية من سوء تقديم الخدمة في بعضها ، وسوء مواقع بعضها وسوء وتهالك البعض منها ، ولست هنا بصدد تقييم إختيار قيادات تلك المراكز من الاطباء والفنيين اللذين تأن تخصصاتهم من عجز أثقل كواهل المطالبات ، ولست هنا بصدد غياب طبيب الاسرة عن الاضطلاع بمهامه في إدارة ملف الاسرة ” الطبي ” من خلال تواجده بالمراكز الصحية والتي استعاض عنها بغيابه خلف المكاتب الفارهة في منافسة غير عادلة مع متخصصي الادارة الذين همشوا وابعدوا عن المشهد القيادي في منظومة وزارة الصحة بشكل كبير جداً .

ولكنني هنا فقط آمل أن ارى المراكز الصحية تضطلع بدورها الريادي الذي غاب في زحمة التأويلات الخاطئه لدور المراكز الصحية من قبل من لا ربما لا يعلمون أهمية الدور الوقائي ” الحقيقي ” لتلك المراكز الصحية وما يساهم به من رفع ثقل التكاليف العلاجية عن المستشفيات بل وميزانية الدولة ، الدور الوقائي للمراكز الصحية ، دور هام جداً ، ويبدأ من وجوب منهجته من خلال إدراجه في المناهج الدراسية للصفوف الاولى في المدارس ، كمنهج وقائي تثقيفي توعوي كي ينشأ جيل ” مثقف صحياً ” الامر الذي سيسهم بشكل إيجابي في خفض خط التكاليف العلاجية في المستقبل وهو ما يجب أن تعمل عليه وزارة الصحة كتخطيط إستراتيجي علاجي صحي مستقبلي .

المراكز الصحية بضمها الى المستشفيات تلاشى دورها الوقائي بشكل كبير جداً ، وكان من الاجدر أن يتم فصل القطاع الوقائي في وزارة الصحة بشكل تأم بحيث يصبح لدينا وزارة أخرى تحمل إسم ” وزارة الشئون الوقائية او وزارة الطب الوقائي خلافاً عن وزارة الصحة كما حدث بوزارة الثقافة والاعلام والتي اصبحت وزارتين ” وزارة الاعلام ووزارة الثقافة ” .

بفصل الطب الوقائي وإعطاءه إستقلالية تامة سيكون لذلك آثار إيجابية نشهدها في المستقبل على المستويين الصحي والمالي ، كما أن الطب الوقائي ليس فقط عامل مساند للخطط العلاجية ، بل إنه رقابي أيضاً على المسار الصحي من خلال التوعية والتثقيف وبالتالي فإن دور الطب الوقائي هو أكبر من أن يتم إحتكارة تحت مظلة مستشفى لايتعدى هم إدارته ربما اكثر من تغيير مدير ووضع آخر .

وإن لم يتسنى أن يكون الطب الوقائي وزارة مستقلة فليس أقل من أن يكون هيئة أو وكالة ” هيئة الطب الوقائي أو وكالة الطب الوقائي ، مثل ” هيئة الهلال الاحمر ، عندها فقط سنرى المراكز الصحية تقوم بدورها الوقائي الحقيقي الذي افتقدته سنين وتمارسه على استحياء .

ومن الامور التي تعانيه المراكز الصحية ميزانيتها التي ضمن منظومة ميزانية وزارة الصحة بشكل عام ، وهذا امر ربما يفوت على المراكز الصحية الخروج من نفق المباني المستأجرة ، الذي تعاني ظلامه مراكب المراكز الصحية الوقائية والتثقيفية والوتوعوية ، ولن يتأتى لها الخروج إلا بإستقالاليتها وإستقلالية ميزانيتها .

قد أكون مخطيء فيما ذهبت اليه من أمل ، ولكن يبقى الفصل في ذلك بتبنى معالي وزير الصحة مشكوراً هذا المقترح ودراسة إمكانية العمل على تنفيذه إذا كان ذلك الأمر إيجابياً ويصب في مصلحة المراجع لتلك المراكز ، وانا على يقين بحرص معاليه على دعم كل فكره ” صحيه طبيه ” تصب في مصلحة هذا الوطن الغالي ومواطنيه الكرام ، ولن يتوانى عن ذلك ، متمنياً له ولجميع الشرفاء من ابناء الوطن الغالي التوفيق والسداد ولوطننا الغالي دوام الامن والامان .

هذا ما عندي فإن أحسنت فمن الله عز وجل وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آل وصحبه أجمعين .

[email protected]