بقلم/ د. شاهر النهاري 

الصادره من صحيفة الرياض

مجلة الجوة الصحية _ دينا المحضار 

 

 

 

حضرنا قبل البارحة الملتقى السنوي الثاني لوزارة الصحة في مدينة الرياض وذلك لإطلاق نموذج الرعاية الصحية بحضور معالي الوزير توفيق الربيعة مع جمهور كبير من منتسبي الوزارة.

وقد أدهشنا ذلك الترتيب المتطور للحفل، والمفعم بالتقنية، وطريقة العرض المتقنة المتكاملة الأركان، وبأداء مسرحي ممن يمتهنون الطب، فوصلت لنا فكرة ذلك النموذج الحضاري الذي يهدف لرفع مستوى صحة المواطن، والتخفيف عنه بتقليص أوقات الانتظار في أقسام الطوارئ والعيادات التخصصية في المستشفيات والمدن الطبية.

معالي الوزير كان أول المتحدثين دون حتى الحاجة لمن يقدم الحفل، فانسابت الفقرات على المسرح بكل سهولة ووضوح.

وفكرة النموذج جميلة كونها تسهل وصول المرضى إلى العيادات والأقسام المتخصصة، من خلال إنشاء مراكز تجمعات صحية أولية للفحص والتقييم، تتم فيها معاينة الحالات بأسرع وقت ممكن ثم إكمال رحلة المريض من خلال التطبيقات الإلكترونية إلى المعالج الهدف بأسرع وقت.

وتحتوي هذه المراكز على عدة خيارات مثل نظام الرعاية الوقائية والعاجلة والأمراض المزمنة والأم والطفل والرعاية الاختيارية والتلطيفية.

وقد تم عرض حالتين إنسانيتين حقيقيتين لرعاية ومعالجة مواطن أصيب بسرطان الدرقية، وحالة مريضة سودانية تم اكتشاف إصابتها بالسرطان في مرحلة متقدمة، وكيف استمرت علاقة المركز بالمريضة حتى توفيت بين ذويها في السودان، وكيف قام المركز بمتابعة كل ذلك، بما فيها مراحل المواساة لذويها بعد وفاتها.

وتلك المراكز تم إطلاقها في كل من الرياض والدمام ومكة المكرمة، مع وعود بإطلاق المرحلة الثانية قريباً، بينما تركت المنطقتان الجنوبية والشمالية للمرحلة الثالثة، رغم حاجتهما الماسة لتطوير وسائل وأسس الرعاية الصحية فيهما.

وهنا لا بد من التذكير أن مثل ذلك النموذج ليس جديداً على وزارة الصحة، التي قامت في فترة الوزير فيصل الحجيلان ببدء برنامج رعاية أولية (طب الأسرة)، لا يختلف عما يحدث الآن إلا في وجود التطبيقات الإليكترونية، وقد أشرف عليه الدكتور بدر الربيعة حينها، وطبق في منطقة حائل، وأعطى نتائج ممتازة.

وتبعاً لذلك أتمنى أن تكون خطة التطوير الحالية ليست مرتبطة بوقت معين، فتكون خطة طويلة المدى للوزارة ككيان، يستمر على النهج نفسه، ويعبر من خلال التحول الوطني، إلى أن تكتمل رؤية 2030، بنفس النهج.

كما نتمنى أن تكون هذه النقلة متسقة مع مرحلة تخصيص الخدمات الصحية المقبلة، فلا يكون ذلك عائقاً دون وصول الخدمة للمواطن المستحق، وألا يترك الأمر لرؤية الجهات التجارية المتولية للتخصيص، وألا تدخل معها شركات التأمين كشريك ثالث، يطالب من خلالها المواطن بثمن المعالجة، فتنتفي عن الرعاية الصحية صفة المجانية، التي كانت منذ بدايات تكوين سعوديتنا، ويجب أن تظل ميزة تفاخر بها السعودية الجديدة.