بقلم/ فهيد العديم 

الصادره من صحيفة مكة

مجلة الجودة الصحية_ دينا المحضار 

 

 

ما دعاني للحديث عن موضوع اليأس والإحباط من تطور بعض الوزارات الخدمية هي تغريدة لأحد الأساتذة المعروفين، والذي غرد بكل ثقة وحدية في الجملة التي أصبحت كأنها من المسلمات، وهي القول بأن (التعليم والصحة) من المستحيل أن يتطورا بسبب الترهل أو لأسباب أخرى.

هذا الكلام – للأسف – أصبح يردد وكأنه من المسلمات التي لا تقبل النقاش، من يؤمن بهذه المقولة وهو ينتمي وظيفيا لإحدى هاتين الوزارتين يجب عليه أن يستقيل فورا – أو يُقال بناء على طلبه! ليس فقط لأنه مؤمن بأنه فاشل ولا يستطيع التطوير والتحدي والإنجاز، بل لأن وجوده سينعكس سلبا على من حوله ويزرع في نفوس زملائه في المنظمة روح الانهزامية واليأس والإحباط.

أعلم أن هذا الكلام لن يروق للبعض، كما أنني أتفهم أيضا إصرارهم وإيمانهم بمقولة لا أمل من تطور الصحة، وغالبا الحكم يصدر من موقف مسبق أو ردة فعل تجاه موقف مستفز مثلا يبني عليه لاحقا جميع أحكامه تجاه الخدمة المقدمة له.

ورغم أنني أؤمن بمقولة «العميل دوما على حق»، والعميل هنا هو متلقي الخدمة، فيجب بكل الأحوال أن يخرج راضيا، لكن حقوق العميل لا تعني عدم وجود حقوق لمقدم الخدمة. والحديث في هذه الجزئية تحديدا حساس جدا، وليس هو بالتأكيد موضوع نقاش هذه المقال، إنما الحديث هو محاولة البعد عن السلبية المطلقة، لأنني أؤمن بأن المواطن هو جزء مهم من تطور خدمات وزارة الصحة، فالعملية تكاملية بين الجميع، ويجب أن يؤمن الجميع بأنهم مكملون لبعضهم، الجهة نفسها، والمواطن، والإعلام المعني بالنقد المهني بغرض الإصلاح والتقويم.

وأنا أتحدث هنا كمواطن أو متلق للخدمة من القطاع الصحي، لن أتحدث عن الإنجاز ومؤشرات الأداء، إنما سأتحدث ببساطة عن تجربتي مع هذا القطاع، فقبل سنوات كنت عميلا للمستشفيات الخاصة، والأمر الذي يدفع مواطنا متوسط الدخل مثلي للجوء إلى المستشفيات الخاصة سببان رئيسيان، أولهما الزحام الشديد في المستوصفات والمستشفيات الحكومية، وثانيهما تعامل الطاقم الطبي، والذي يجعلك تشعر كأنك دخلت عليه في منزله بوقت غير مناسب.

هذان السببان زالا ولم يعد لهما وجود – في محافظة حفر الباطن تحديدا – فقبل سنوات كانت أقسام الطوارئ في المستشفيات تتحول بعد الدوام الرسمي إلى زحمة مرعبة ينطبق عليها القول «الداخل مفقود والخارج مولود»، أما الآن فأصبحت هناك مستوصفات تخدم الأحياء بعضها مفتوح على مدار 24 ساعة والبعض الآخر لمدة 16 ساعة، مما خفف العبء على المستشفيات، والذي انعكس على جودة الخدمة. وكما أسلفت هذه انطباعات مواطن وليست دراسة لمؤشرات أداء.

والهدف من هذا الحديث هو أن نؤمن أننا كمواطنين نستطيع أن نكون حجر زاوية في تطوير الخدمات بشكل عام، وما الصحة في هذا المقال إلا أنموذج، وأن نتخلص من النظرة السوداوية المطلقة، ونثق أن المسؤول طموحه مثلنا تماما أن نصل للمرحلة التي نطمح للوصول لها.