بقلم/ ماجد البريكان 

الصادره من صحيفة سبق الالكترونية

مجلة الجودة الصحية _ دينا المحضار 

 

تبدو وزارة الصحة لغزًا محيرًا لنا نحن المواطنين السعوديين. هذا اللغز يحتاج إلى تفسير منطقي، يتبعه حل سريع؛ حتى ينعم المواطن بخدمات صحية “مثالية”، وفق ما أوصت به رؤية 2030 التي وعدت المواطن بطفرة في الخدمات الصحية داخل منشآت الوزارة.

قبل نحو شهرين من الآن كتبتُ في هذا المكان مقالاً، تناول خطط وزارة الصحة للنهوض بالمنشآت الصحية التابعة لها، وألمحت في المقال نفسه إلى الجدوى من هذه الخطط على المديَيْن المتوسط والبعيد، كما تطرقت إلى مشكلات المواطن مع مستشفيات الحكومة، وتحديدًا أزمة المواعيد الطويلة لحالات صحية حرجة، لا تحتمل التأجيل.. واعتقدت آنذاك أن الوزارة في طور تجهيز منشآتها، وإعداد برامجها؛ وذلك لتحسين الخدمات العلاجية، وتسريع وتيرتها.. ولكن ما حدث في موسم الحج الماضي أكد لي أن إمكانات الوزارة كبيرة وعظيمة، وأنها تستطيع – إن هي أرادت – أن تحل أي مشكلات عالقة؛ والدليل على ذلك أن الوزارة قدَّمت خلال أيام الحج القليلة خدمات إسعافية وعلاجية “نموذجية” لأكثر من 1.6 مليون حاج، من خلال المنافذ الصحية التي جهزتها في المشاعر المقدسة، فضلاً عن مشاركتها في مبادرة طريق مكة بتنفيذ الإجراءات الوقائية في بلد الحاج قبل قدومه إلى السعودية.

آلية تقديم الخدمات العلاجية للمواطن في مستشفيات الوزارة تبعث على الاستغراب والاندهاش؛ لأنها لا تتناسب مطلقًا مع الميزانيات الضخمة التي تخصصها حكومة خادم الحرمين الشريفين للوزارة، ولا تتماشى مع ما تدعو إليه رؤية 2030؛ فمن المستحيل أن يحصل مريض بأمراض مزمنة على موعد لإجراء الكشف الطبي بعد أربعة أشهر، وعندما يعترض لا يجد مَن يستمع إليه أو يقدّر حالته الصحية، أو مَن يربت على كتفه، وهذا أضعف الإيمان؛ لتبقى الأزمة على ما هي عليه!

وإذا اعتبرنا ما سبق مشكلة، تبحث عن حلول، فالأخطر من ذلك أن تترك الوزارة المريض فريسة، يلتهمها الأطباء الباحثون عن المال؛ فغالبية الأطباء الذين يعملون في المنشآت الحكومية يملكون عيادات خاصة، ومَن يعترض من المريض على طول فترة الموعد عليه إجراء الكشف الطبي لدى أحد هؤلاء الأطباء، وتأتيه النصيحة من موظفي الوزارة أنفسهم بأن عليه أن يذهب إلى الطبيب ذاته في عيادته الخاصة للحصول على الخدمة العلاجية في وقت سريع.

هذا المشهد ينبئ بعواقب وخيمة على المواطن الحالم بالحصول على خدمة علاجية نموذجية في مستشفيات القطاع العام. هذه الخدمة ربما لن يحصل عليها بالمجان في مستشفيات الوزارة، وعليه أن “يدفع”؛ كي “يحصل” على العلاج المأمول. وإذا انتشرت هذه الآلية فنحن بذلك نهدر مليارات الريالات التي تنفقها الدولة على مستشفيات الوزارة، ونلقي بها على الأرض.. وهذا ما نخشاه ونتوجس منه، ولا نتمنى حصوله.