بقلم/د . محمد العوفي 

الصادرة من صحيفة مكة

مجلة الجودة الصحية_ دينا المحضار 

 

 

يفشل كثير من الموظفين بعد ترقيتهم إلى مناصب عليا لأنهم لا يملكون المهارات التي يحتاجها المنصب أو الوظيفة الجديدة. أول من تنبه لهذه الظاهرة هو أستاذ الإدارة الكندي «لورانس بيتر» عام 1968م. حاول بيتر تفسير هذه الظاهرة، وتوصل إلى مبدأ إداري أسماه باسمه «Peter Principle»، هذا المبدأ فسر السبب وراء فشل كثير من الموظفين بعد ترقيتهم إلى مناصب عليا، وتوصل إلى أن الموظف تتم ترقيته على وظيفة أعلى من وظيفته الحالية بناء على أدائه ونجاحاته في وظيفته الحالية، بغض النظر عما إذا كان يملك المهارات اللازمة للقيام بمهام الوظيفة الجديدة من عدمه.

خلاصة ما ذكره بيتر أن نجاح شخص في مكان ما لا يعني بالضرورة نجاحه في مناصب أخرى، وأن الرهان على نجاح شخص معين تمت ترقيته إلى منصب أعلى لا يملك المهارات والقدرات المطلوبة لهذا المنصب هو رهان خاسر، وأنه سيأتي الوقت الذي سيكون فيه كل منصب وظيفي مشغولا بأحد الموظفين الذين لا تتوفر لديهم الكفاءة لتنفيذ الواجبات اللازمة لهذا المنصب.

إذا كانت هذه الدراسة لخصت أسباب فشل أشخاص تمت ترقيتهم أو توليتهم مناصب جديدة بناء على نجاحات سابقة في وظائف إدارية في المؤسسة أو المنشأة ذاتها، ولم يحققوا نجاحات كبرى على الرغم من الخبرات الإدارية السابقة التي تؤهلهم لتولي مناصب إدارية؛ ما الذي يمكن أن يحدث عندما تنقل عالم أبحاث أو طبيب قضى عمرا طويلا في المختبر والمعمل ولم يمارس أي أعمال إدارية من قبل إلى عمل إداري بحت تختلف المهارات التي يتطلبها عن المهارات التي يحتاجها حقل التجارب والمعامل؟

طبعا قد ينجح الشغل أو يفشل، ولكنه أقرب للفشل من النجاح إلا فيما ندر، ولنا في الأطباء الذين تولوا وتعاقبوا على حقيبة وزارة الصحة مثال واضح، فلم يحققوا النجاحات المأمولة عندما تولوا حقيبة الوزارة رغم النجاحات التي حققوها في مهنة الطب، وإن كانت هناك نجاحات تذكر في وزارة الصحة فإنها كانت في عهد من أتوا من خارج مهنة الطب.

لذا، آمل أن نتجاوز مرحلة تكريم الباحثين والأطباء بمنحهم مناصب إدارية تجعلهم يغرقون في روتين العمل الإداري، وأن يكون تكريمهم بدعمهم ماليا وعلميا للاستمرار في البحوث والتجارب في مجالهم، فهو أكثر نفعا وأجدى لهم وللوطن من نقلهم إلى مناصب إدارية تقتلهم علميا، ونجاحهم فيها محفوف بمخاطر الفشل أكثر.

mohdalofi@