بقلم/د. بدر بن سعود ال سعود 

الصادرة من صحيفة المرصد

مجلة الجودة الصحية _ دينا المحضار 

 

 

 

 

الدكتور توفيق الربيعة صاحب مدرسة مختلفة في الإنجاز، فقد حقق نجاحات في وزارتي التجارة والصحة، وأدار ملفات صعبة بمكاسب غير متوقعة وبخسائر قليلة في وزارة التجارة، واستفاد من تخصصه في أتمتة العمل الإداري في الوزارتين، وهو رجل التطبيقات الذكية، وأول من أدخلها في خدمة العمل الحكومي الصحي، ومن بينها تطبيق “موعد” لحجز موعد مراجعة في المراكز والمستشفيات العامة، وتطبيق “صحة” الذي يسمح بمقابلة مرئية مع الطبيب، وتشخيص حالة المريض وما يناسبها من علاج، وفي المستقبل القريب سترسل للمريض وصفة طبية إلكترونية يستطيع صرفها بدون مقابل، ومن كل الصيدليات المرخصة في المملكة.

الوزير يقود إضافة إلى ما سبق، مشروعًا وطنيًا مهمًا سيوفر التأمين الطبي الشامل لكل السعوديين قبل سنة 2025، وسيعمل على دمج مراكز الرعاية الأولية، والمستشفيات العامة، والخدمات المتخصصة في 20 تجمعًا صحيًا، وبواقع تجمع واحد لكل مليون شخص، والتجمعات هي شركات حكومية تعمل تحت شركة كبيرة قابضة، وبنظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بحيث تقوم الوزارة بوظيفة المنظم لعمل مقدم الخدمة، ويعمل القطاع الخاص على مهمة تشغيل الخدمة.

ورغم هذا فوزارة الصحة لديها مشكلات لا يمكن تجاهلها، أهمها: عدم كفاية الأسرة في المستشفيات العامة، ومواعيد المراجعة التي قد تمتد لأشهر، والنقص في الأدوية والتجهيزات والكادر الطبي، وقد تمت معالجة بعضها بصفة مؤقتة، وقامت وزارة الصحة بشراء الخدمة الطبية من المستشفيات الخاصة، واستحدثت مراكز جراحات اليوم الواحد، ومع أن مصروفات المملكة على الصحة تتجاوز نصف ما تصرفه دول الخليج مجتمعة، علاوة على تصنيفها ضمن أفضل عشرين دولة في الرعاية المتخصصة، إلا أنها لم تعالج ملف مراكز الرعاية الأولية، وأعدادها المحدودة، ومبانيها المستأجرة، وعدم استيفاء معظمها، لأبسط المعايير المطلوبة في التشغيل كمركز صحي، بجانب قلة الخريجين في تخصص طب الأسرة، مقارنة بـ50 في المئة من إجمالي خريجي الطب في بريطانيا، والصحة السعودية تعتبر النموذج البريطاني نموذجًا ملهمًا، وكل ما قيل لا يخدم تطلعها في تحسين عملها وما تقدمه من خدمات.

الصحة لديها رغبة واضحة في تحسين الخدمات الصحية، وتعزيز الصحة، والوصول إلى المستفيد من خدماتها في بيته ومكان عمله ودراسته، إلا أن النوايا الطيبة وحدها لا تحقق شيئًا، ما لم تكن مقرونة بالعمل المدروس والواقعي، وما لم تعمل على تجويد الخدمة المقدمة، وعلى إصلاح بيئة العمل في الوزارة وفي مؤسساتها الطبية، خصوصًا مع وجود معلومات مؤكدة عن تسرب كفاءات طبية وإدارية لأسباب وظيفية، أو لأنها لم تحصل على ما تستحقه من علاوات وبدلات، وهؤلاء يحتاجون إلى ضمانات تكفل حقوقهم، وأن يتم إحلالهم بشكل كامل محل الأجانب، مع إحداث وظائف طبية تستوعب خريجي الدبلومات والمعاهد والجامعات العاطلين، وتوفير وظائف للصيادلة السعوديين عن طريق ربط رخصة المزاولة بالسعودة الكاملة، والجدولة الزمنية لقرار وزارة العمل بتوطين العاملين في الصيدليات.

من الأهداف الاستراتيجية لرؤية المملكة رفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي، وأن تصل إلى 65 في المئة سنة 2030، وتخصيص الصحة يمثل ركيزة من الركائز الأساسية لتحقيق هذا الهدف، وبدون الاهتمام بالإنسان كمقدم خدمة وكمستفيد ستبقى الأهداف في دائرة الأحلام غير الممكنة.