لا نفتأ يوماً عن سماع أو قراءة أخبار الأخطاء الطبية والمقلق أن نفس هذه الأخطاء تتكرر وبأماكن مختلفة، مما أثّر على متلقي الرعاية الصحية وعدم ثقة بعضهم بها رغم الإنجازات الكبيرة الطبية تحديداً بالمملكة العربية السعودية وبقطاعات صحية مختلفة. كما أثّر أيضاً على مقدم الرعاية الصحية بفقدانه الإحساس بالأمان والخوف من الفشل ووصمة الخطأ والإحباط حيث إنه قد يفقد جميع إنجازاته المهنية الجيدة وسمعته الطبية بحال حدث خطأ طبي كان هو طرفاً فيه، فنخشى كردة فعل أن يكون اهتمام مقدم الخدمة الصحية تأمين نفسه على مراعاة مصلحة المريض العلاجية وتقديم الوسائل الأفضل لذلك.
مشكلة الأخطاء الطبية لا تختص بدولة عن أخرى وهي موجودة بجميع دول العالم بنسب متفاوتة، والعولمة واستخدام التقنيات الحديثة ساهما بتبادل المعلومات التي قد تكون صحيحة أو مبالغاً فيها أو كاذبة أحياناً لا تستند على حقائق علمية، ولهذا صرنا نسمع أكثر عن أخطاء طبية هي أصلاً موجودة ومتكررة لكن لم تكن تصل للجمهور لعدم وجود تقنيات التواصل.
وكما تحوي جميع البيوت مشكلات فأيضاً جميع الأنظمة الصحية كذلك، الفرق هو كيفية التعامل مع المشكلة وحلها ومنع حدوثها في المستقبل، وهذا الهدف بمجمله يتفق عليه الجميع من قيادات وعاملين ومتعاملين مع النظام الصحي حرصاً على سلامة المرضى والمجتمع وتقليلاً للخسائر البشرية والمادية.
ويحسب لوزراة الصحة بالمملكة العربية السعودية تفعيل قسم سلامة المرضى الذي يحرص على إصلاح النظام الصحي الأساسي عبر منع الخطأ قبل حصوله بمعالجة المخاطر Risk Management.
نحن هنا لسنا بصدد محاسبة وتحميل أشخاص بعينهم مسؤولية الخطأ كما يركز دائماً في وسائل الإعلام، وبشكل قانوني ليتحول معها المتهم إلى حالة دفاع عن التهمة، لا باحثاً عن الحلول، وبهذا يستمر تكرار الخطأ لأنه لم يتعلّم أصلاً كيف يمنع الخطأ، لا قبل ولا بعد حدوثه.
ولكن نهدف معاً إلى تطوير النظام الصحي مع وضع العنصر البشري الذي يقوم على تطبيق النظام الصحي عين الاعتبار، ومن الطبيعي أنه سيكون معرضاً للخطأ الذي هو طبيعة إنسانية ولكن المهم التعلّم من الخطأ لا الوقوع فيه وتكراره مرة ثانية، وبمعالجة الخطأ من خلال تتبع المشكلة ومعرفة مسبباتها بغض النظر عن الشخص الذي وقع في الخطأ، و محاولة منع الخطأ مستقبلاً بتصميم نظام ممنهج ومصمم لكل خطأ قد يحصل أو حصل سابقاً، لضمان عدم تكراره، وليس بالاعتماد على القرارات والاجتهادات الفردية التي ستجعل تقديم الخدمات الصحية متفاوتة بين مكان وآخر.
كما نأمل تأمين العاملين بالقطاع الصحي وإشراكهم بمنع الأخطاء الطبية عبر توعيتهم وتدريبهم ووضع سياسات واستراتيجيات واضحة لتفادي وقوع الأخطاء مستقبلاً.

 

د . لمياء  عبدالمحسن البراهيم 

استشارية طب أسرة 

 اخصائية صحة عامة و ادارة الانظمة الصحية والجودة الصحية