بقلم/ د. زياد ال شيخ 

الصادرة من صحيفة الرياض

مجلة الجودة الصحية – دينا المحضار 

 

 

 

أعلنت منظمة الصحة العالمية الأسبوع الماضي أن جائحة كورونا ستستمر معنا مدة طويلة، كما لا يوجد حل سحري للجائحة، وربما لا نجد حلاً أبداً. ليست هذه المرة الأولى التي نسمع من منظمة الصحة العالمية تصريحاً مفاجئاً كهذا عن الجائحة، وإن كانت التصريحات السابقة تثير قلقنا على صحتنا ومن نحب، إنما هذا التصريح الأخير يثير القلق على صحة المنظمة نفسها.

فلم نسمع من منظمة الصحة العالمية أو من غيرها ما إذا كانت المؤسسات تصاب بعدوى فيروس كوفيد19 المستجد. وإذا أصيبت المؤسسة، فما أعراض إصابتها؟ هل تصاب برشح خفيف، ينتج منه تصريحات متشائمة أو غير منطقية؟ هل يتسلل الفيروس إلى جهاز التحكم المركزي ويصيب المؤسسة بالاكتئاب والرهاب الاجتماعي، فيكون من أعراضه قطع حبال الأمل واحداً واحداً؟ أم أن الفيروس يصيب بعض المؤسسات دون الأخريات؟ فقد سمعنا كلاماً كثيراً منذ بدء الجائحة عن العدوى والأعراض والوقاية، كالقول إن لفصيلة الدم دورا في الوقاية من المرض، كما لو أن فصيلة الدم مثل تذاكر السينما يمكن استبدالها قبل الدخول إلى صالة العرض. فربما كان الفيروس يصيب المنظمات دون كل المؤسسات، وبما أن منظمة الصحة العالمية تباشر أعمال مكافحة الجائحة من وراء زجاج المختبرات، وفي الممرات الطويلة لأكبر المراكز الصحية في العالم، فتمسك بربطة عنق أحد الأطباء للإجابة عن سؤال خطر لها فجأة وهو يجري بين عنابر المرضى، فليس غريباً أن تصاب هي بالفيروس.

وإن كانت الإصابة بالعدوى وتمكن الفيروس من المنظمة أمراً وارداً، فقد تكون اللكمات التي تلقتها وتردد صداها في أروقة الصحافة العالمية سبباً آخر. فقد كان الامتعاض الذي عبرت عنه بعض الدول على لسان كبار مسؤوليها، نتيجة لمواقف المنظمة في الحلبة السياسية، حيث تقف مرة عن يمين الملاكم ومرة عن يساره، وربما علقت بالثناء على أحدهم قبل أن تصيبها لكمة خاطفة لتموضعها الخاطئ من المتنافسين. فمع تتابع الإصابات، فإن من المرجح أن تظهر أعراض كضعف الذاكرة المؤقت، الذي يفسر بعض التصريحات المتناقضة. ومهما كان السبب، فإن التصريحات التي تصدر من المنظمة محيرة للكثيرين، لولا أن المتلقين بدؤوا في معالجة هذه التصريحات بما يملكون من حكمة أتى على بعضها ما أفضت به أحداث العالم من جنون.

لا شك أننا كمتلقين، بكل ما نحمله من مشكلات محلية ودولية تمس حياتنا اليومية، بحاجة إلى أن نعذر هذه المنظمات. فكما نصاب نحن بالذعر، فالمنظمات كما يبدو تصاب بالذعر أيضاً، وإن تعذر علينا التعبير عن قلقنا، فإنهم يحسنون التعبير عن قلقهم بطرقهم الخاصة، وإن أصابتنا الحمى بهذا الفيروس أو ذاك، فإنها تصاب بحمى مشابهة لها أعراض لا نفهمها بالضرورة. ومع ذلك، فقد يكون من المستحسن البدء في تطبيق مبدأ التباعد المؤسسي أسوة بالتباعد الاجتماعي خشية أن تمتد العدوى إلى منظمات أخرى فيها ما يكفيها كالأمم المتحدة واليونسكو.