بقلم/ علي المطوع 
مجلة الجودة الصحية – دينا المحضار 
تظل الخدمات الصحية الأكثر إثارة وجدلا بين المواطنين، ويظل سقف تطلعات الناس يسبق ويسابق العمل الدؤوب الذي تؤديه المرافق الصحية المختلفة في سعيها الحثيث للوصول إلى حالة من الرضا تتمثل في توفير رعاية صحية مثلى للمواطن والمقيم.

ومع تزايد أعداد السكان، ولطبيعة المملكة الكبيرة والتي جعلتها شبه قارة في اتساعها وتنوعها الجغرافي والديموغرافي، صار لزاما التفكير في حلول صحية ناجعة تراعي أشياء كثيرة، أهمها التكلفة المالية الباهظة على الدولة والوقت، وقبلهما حاجة المواطن لرعاية صحية سريعة وفعالة، من هنا تحضر دائما مشاريع المدن الصحية التي لا تزال في بعض مناطق الأطراف تراوح مكانها، وما زالت أعداد المرضى في تلك المناطق تزيد يوما بعد يوم، ولطبيعة المرحلة وظروفها الاقتصادية صار لزاما على صانع القرار الصحي سواء كان في وزارة الصحة أو الجهات المماثلة، مراعاة تلك الظروف والتفكير بطريقة جديدة تسهم في الاستفادة من إمكانيات المرافق الصحية الكبرى في المراكز، وتوسيع دائرة خدماتها وتأثيرها بطرق أكثر فاعلية تضمن تغطية نسبة كبرى من مناطق المملكة المترامية الأطراف وسكانها.

مستشفى الملك فيصل التخصصي له الريادة في تطبيق برنامج فريد من نوعه يسمى (برنامج التعاون الصحي)، هذا البرنامج مرتبط ببعض مستشفيات وزارة الصحة الطرفية، يعنى بتقديم عدد من الخدمات للمرضى، وهم في محل إقامتهم، هذه الخدمات ساهمت في اختصار كثير من الإجراءات التقليدية في نقلهم إلى هذا المستشفى وحفظت وقتهم وساعدت في انتشار خدمات المستشفى النوعية الدقيقة إلى أكبر قدر ممكن منهم، وعليه أسوق في هذه النقاط بعض الاقتراحات التي يمكن أن تحاكي تلك التجربة ومدى إمكانية تطبيقها على مستشفيات وزارة الصحة والهيئات والوزارات الأخرى التي يمكن أن تساهم في زيادة فاعلية الخدمات الصحية للمرضى والمعوزين في جميع أنحاء البلاد وتسريعها.

1- إنشاء مركز اتصالات وخدمات شبيه بمركز 937، هذا المركز وظيفته تنسيق واستقبال طلبات مستشفيات المناطق الطرفية والأفراد من المرضى وأقاربهم ومعرفة احتياجاتهم الطبية والعلاجية والتي لا يمكن توفيرها في مناطقهم، ومن ثم توجيه هذه الطلبات بعد فرزها إلى الجهات ذات العلاقة من خلال آلية محكمة تسهم في توزيع هذه الحالات التي تعذر علاجها في تلك المدن وتحويلها إلى الجهات التي تتوفر فيها تلك الخدمات في المستشفيات المرجعية والمدن الطبية المختلفة.

2- تكليف أطباء الأسرة والمجتمع وخريجي الإدارة الصحية ومن في حكمهم بإدارة هذا المركز والإشراف عليها، كونهم ملمين بالأمراض والحالات وما تحتاجه من إجراءات علاجية مختلفة.

3- رفع فاعلية التنسيق بين هذا المركز والهيئات الصحية المختلفة، سواء كانت وزارة الصحة أو المدن الطبية المختلفة ومستشفيات الحرس الوطني ووزارتي الدفاع والداخلية، بما يكفل تسريع عمليات النقل والتكامل بين هذه الجهات بما يضمن تسجيل إنجازات علاجية تنعكس إيجابا على المرضى والعملية الصحية بكاملها.

4- فتح عيادات افتراضية في المستشفيات الطرفية ومتابعة المرضى من خلال تلك العيادات، مما يقلل من حاجتهم للسفر إلى المراكز الرئيسية، طلبا للمشورة الطبية والعلاج.

5- تفعيل خدمة إيصال العلاج إلى المرضى إما إلى منازلهم أو إلى أقرب مرفق صحي قريب من سكنهم من خلال التعاقد مع شركات النقل الوطنية.

6- تفعيل خدمات الأشعة ووضع البرامج التشغيلية التي تسهم في عمل الفحوصات الشعاعية والفحوصات المخبرية في منطقة المريض دون الحاجة لسفره إلى مكان بعيد لطلب هذه الخدمة.

7- تفعيل برامج IT في المراكز الرئيسة والمستشفيات الطرفية، والتي تسهم في ربط هذه الجهات مع بعضها، مما يسهل ويفعل تقديم الخدمات العلاجية والاستشارات الصحية للمرضى في أماكنهم وفي زمن قياسي.

8- تفعيل برنامج الطبيب الزائر من خلال المراكز المتطورة، عن طريق عيادات مجدولة تغطي العديد من الحالات في المناطق المختلفة، التي تحتاج تماسا مباشرا بين الطبيب والمريض، وخاصة للحالات التي لا تستطيع السفر والتنقل.

9- من خلال المركز المقترح تدشينه للتنسيق بين القطاعات الصحبة سيتم من خلاله ضبط العمليات الصحية عددا وعدة واحتياجا، واستشراف مستقبلها واحتياجات المواطنين في جميع مناطق المملكة من خلال الإحصاءات الدقيقة التي سيوفرها مركز الاتصالات المركزي، وهذا ما سيعطي صانع القرار بيانات دقيقة بعيدة عن الخطأ والمبالغة، وسيساعد بعد تحليلها في الوصول إلى قرارات صحية صحيحة ودقيقة.

هذه النقاط إجمالا وغيرها من الأشياء التي لا يتسع المقام لذكرها ستشكل عند تطبيقها نقلة نوعية في الرعاية الصحية، كونها تحاول الوصول إلى حلول ناجعة بطرق أقل كلفة وأكثر سرعة، إضافة إلى الجانب الاقتصادي الذي سيتم توفيره على الدولة، فالمريض في المناطق الطرفية يحتاج إلى تذاكر سفر ومصاريف نثرية له ولمرافقه وفي بعض الأوقات تتطلب بعض الحالات أكثر من مرافق، وهذا سيزيد من التكاليف والأعباء المالية التي يمكن التقليل منها، بل وإلغاؤها متى ما توفر ذلك المشروع، إضافة إلى حفظ وقت المريض ومراعاة ظروف الأسر التي تستنفر عند كل حالة مراجعة تتطلب سفرا طويلا إلى المدن الكبرى في مملكتنا الحبيبة.

alaseery2@