بقلم/ د. محمد عبدالله الخازم 

الصادرة من صحيفة الجزيرة

مجلة الجودة الصحية – دينا المحضار 

 

 

 

 

تفاعلت العديد من القطاعات مع يوم الصحة النفسية، وهو موضوع مهم جداً في ظل جائحة كورونا وما تركته وتتركه من آثار وصعوبات إضافية تحكيها الدراسات في كل مكان. الطلاب والمتدربون والممارسون والموظفون وغيرهم، كثير منهم عانى من الصعوبات والآثار. يصعب استعراض جميع الأرقام المبادرات ولكن هناك ملاحظات عامة ولنوضحها سنركز على مبادرة واحدة (مبادرة داعم) وشريحة واحدة (الأطباء المتدربين) لعلنا نستحث المتخصصين لمشاركة النقاش في هذا المجال.

لاحظت بأن هذه المبادرة وغيرها قامت على فرضية بأن من يعاني من مشاكل أو صعوبات نفسية سيبادر بالتواصل مع الهيئة ليطلب مساعدتهم. وسؤالي هنا، هل فعلاً يبادر الناس بصفة عامة وفي مجتمعنا على وجه الخصوص وفي الوسط الطبي تحديداً بطلب المساعدة في مجال الصحة النفسية؟ من خبرتي وملاحظتي، نادراً ما يحدث ذلك. ويؤكده أنه بينما أرقام الاستطلاعات تبين نسبا عالية ممن يعانون نجد المبادرين بطلب المساعدة لا تشكل سوى نسبة ضئيلة جداً من تلك الأرقام. أحياناً لعدم المعرفة بالحاجة إلى مساعدة متخصصة أو بسبب النظرة المجتمعية أو بسبب الخوف من عدم وجود الحماية. نعم، كطبيب أو طالب أو متدرب هو يخشى أن تحسب ضده في تدريبه أو في عمله سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

ماهي الحماية التي تقدمها هيئة التخصصات الصحية للمتدربين في هذا الشأن؟ هل عندما يشتكي متدرب من صعوبات نفسية سيصدقه مدربه ومدير البرنامج أم يعتبرونها مجرد أعذار للهروب من الفروضات والمسؤوليات التدريبية؟ مثلاً، ألا يخشى متدرب في برنامج الجراحة يعاني رهاباً اجتماعياً من استبعاده من البرنامج عندما يعلم المدير بذلك؟ أو وضعه تحت ضغط نفسي إضافي بسبب ما يعانيه؟ معلوم بأن بيئة التدريب الطبي تمتاز بالتنافسية ويكثر فيها التنمر والتعامل الطبقي بين المدرب والمتدربين، فما هي التنظيمات التي تحمي حق المتدرب عندما يشخص بمرض نفسي في إكمال تدريبه وفي إجراء التغييرات التي يحتاجها في برنامجه التدريب مراعاة لحالته؟ بعض المتدربين يشعرون بأن الصورة ضبابية ولا يوجد قوانين واضحة أو تثقيف كاف مما يعني أن الهيئة مطالبة بتشريعات، أكثر من مجرد برنامج داعم الكتروني، تحمي حقوق المريض النفسي المتدرب وتحفظ كرامته.

مهمة المدرب والأستاذ والمسؤول ملاحظة المتدربين والطلاب واكتشاف الحالات التي هي بحاجة لمساعدة ومن ثم تحفيزها للبحث عن مساعدة ترتيب آلية مساعدتها بشكل يحفظ كرامتها وسريتها وحمايتها. نادراً يتقدم طالب أو متدرب طوعاً ليطلب مساعدته في الحصول على علاج نفسي. لذلك، الأجدر بالهيئة تدريب وتثقيف مدربيها ومدراء البرامج لديها على مراقبة واستكشاف الحالات المحتاجة للمساعدة ووضع آليات منظمة لذلك تحفظ سرية المعلومات والحقوق التدريبية والاجتماعية والتوظيفية…

اخترت الحديث عن برنامج التدريب الطبي، لأننا نتوقع أن يكون باب الهيئة أكثر متانة من أبواب أخرى مخلعة في مجال الصحة النفسية. مع التذكير؛ الاحتراق الوظيفي الأكبر هو الشعور بالعجز عن الحصول على المساعدة بشكل آمن من الناحية المعنوية والاجتماعية والوظيفية والاقتصادية. الاحتراق الاصعب أن تعاني ولا تعرف أو تعترف بأنك تعاني.