بقلم/ أ.د. محمد عبدالله الشعلان 

الصادرة من صحيفة الرياض

مجلة الجودة الصحية – دينا المحضار 

 

 

 

 

نشرت صحيفة «الرياض» في عددها الصادر في 4 ربيع الأول نظاماً لمشروع صادر من مجلس الشورى الموقر حول الأجهزة والمعدات الطبية كمعيار أمني وميثاق حوكمة يهدف لحماية صحة المواطنين والصحة العامة في المملكة من الآثار الصحية السلبية لتلك الأجهزة والمعدات الطبية عندما تكون مغشوشة أو مقلدة أو رديئة التصميم والتصنيع والتي يمكن أن تتسرب أو تدخل للبلاد ويتم تسويقها وترويجها وبيعها للمواطنين، كما أشار المشروع إلى ضرورة توافقها مع المواصفات الدولية ولكن لم يشر لمصدر ذلك المشروع ولا للمواصفات القياسية السعودية التي صدرت بهذا الشأن (هيئة التقييس الخليجية، الهيئة السعودية للمواصفات، هيئة الغذاء والدواء) وأن يُجرى لها معاينة وفحص واختبار للتحقق من المعايير والمستويات التي يجب توفرها في تلك الأجهزة والمعدات الطبية قبل فسحها والسماح لها بدخول الأسواق السعودية.

لقد أشار المشروع إلى أن سوق المملكة يُعَدُّ من أشهر أسواق الأجهزة والمعدات الطبية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مما أدى إلى تنافس الشركات لطرح منتجاتها في السوق السعودي دون أيَّة ضوابط أو اشتراطات حولها حيث إن باب المنافسة مفتوح لجميع الشركات والموردين من مختلف الدول بغض النظر عن مواصفات تلك الأجهزة وعن جودة تصنيعها وكفاءة أدائها، ومن هنا – كما أشار المشروع – تدعو الحاجة إلى مراقبة تلك الأجهزة والمعدات الطبية التي ترد للمملكة والتأكد من سلامتها وأمنيَّـتها ومطابقتها للمواصفات القياسية السعودية.

ومن المعروف أن الأجهزة الطبية هي تلك المصممة والمعنية للاستخدام للأغراض الطبية سواء ما كان منها في المستشفيات وتحت تحكم الأطباء وإشرافهم ومتابعاتهم لتشخيص الأمراض وعلاجها أو تلك التي يستخدمها المريض ذاته في منزله أو حيثما يقيم ويتابع من خلالها حالته الصحية ويراقب تغيراتها وتطوراتها. وحيث إن سلامة الجهاز وفعاليته على جانب كبير من الأهمية للمستخدم فإن ثمة احتمالاً كبيراً لتعرضه لأخطار جمة مضاعفة إذا كان الجهاز مقلدًا مغشوشًا رديء التصميم والتصنيع يعطي بيانات خاطئة مضللة. وتختلف الأجهزة والمعدات الطبية من حيث الاستخدام المقصود لها ومن حيث دواعي الاستخدام، وتتراوح الأمثلة لذلك بين أجهزة قليلة المخاطر كأجهزة قياس الضغط والسكر ودرجة الحرارة والقفازات والأقنعة والكمادات إلى أجهزة عالية الحساسية والخطورة مثل أجهزة تنظيم نبض القلب وإنعاشه والقسطرة، والأشعة وغرس الحقن، والتغذية وأجهزة التنفس والربو وغسيل الكلى وبخاصة تلك المعدات ذات العلاقة بالتصوير المقطعي والعلاج الإشعاعي والتشخيص النووي.

ومن ضمن مسؤوليات الهيئة السعودية للغذاء والدواء قطاع الأجهزة والمعدات الطبية وسن الأنظمة والتشريعات والاشتراطات واللوائح والمعايير التنسيقية والتنظيمية الرقابية بما يضمن جودة تصميمها وسلامة أدائها وأمنيَّة تشغيلها. ونظرًا للخبرة التي تمتلكها الهيئة من خلال قطاع الأجهزة والمنتجات الطبية، يقوم القطاع بإدارة مركز تعاوني تابع لمنظمة الصحة العالمية يختص بتقديم دعم لعدة دول حول العالم في مجال تشريعات الأجهزة الطبية عن طريق تقديم استشارات ومحاضرات وورش عمل.

ومن المخاطر التي يجب الانتباه لها والعمل على تلافيها والتأكد من انتفائها في تلك الأجهزة والمعدات الطبية قبل فسحها والسماح لها بالدخول ما يُـعْرفُ بظاهرة «التوافق الكهرمغناطيسي» (EMC)، وهي تلك الإشعاعات التي تنبعث من الأجهزة والمعدات الطبية وبخاصة تلك المحيطة بالمريض أو تلك الموجودة في المختبرات أو في العناية المركزة حيث إن هناك إشعاعات منبعثة من تلك الأجهزة والمعدات قد تشكل نوعين من المخاطر أولاهما تأثيرها الإشعاعي على المريض ذاته حيث تحيط به أو تكون على مقربة منه، وثانيهما التأثير البيني لتلك الإشعاعات المتبادلة فيما بينها قد يُخل بوظائفها مما قد يسبب أخطاءً في إعطاء البيانات والمعلومات المطلوبة. والتوافق الكهرومغناطيسي يُـعـرَّف بأنه مقدرة المعدات والأجهزة الإلكترونية على العمل معاً بشكل متوافق وسليم في بيئة تشغيلية متجانسة واحدة. ومن هذه الأجهزة على سبيل المثال: الأجهزة الطبية والبيولوجية وما ينبعث منها من ترددات طيفية واضطرابات وتداخلات ذات تشويش وتأثير على سلامة البيانات والمعلومات المدونة على شاشاتها. لذا فإن من المعمول به في دول الاتحاد الأوروبي وفي النظام المطبق في كود البناء السعودي هو أن لا يتجاوز التداخل والاضطراب الكهرمغناطيسي المنبعث ذلك المستوى الذي لا يمكن أن تعمل به الأجهزة والمعدات البيولوجية أو غيرها من المعدات الأخرى في نفس البيئة التشغيلية بالشكل المرضي وعلى النحو المطلوب، إلى جانب أن تتمتع تلك الأحهزة والمعدات بمستوى من الحصانة والحماية ضد الاضطرابات الكهرمغناطيسية المتوقعة بما يُحقق التوافق الكهرمغناطيسي بينها أثناء استخداماتها ويضمن أداءها بكل سلامة وكفاءة واقتدار.

  • جامعة الملك سعود