بقلم/ د. سجى المزروع 

الصادرة من صحيفة الرياض

مجلة الجودة الصحية – دينا المحضار 

 

تعد المملكة العربية السعودية اليوم إحدى أبرز الدول الرائدة في منطقة الخليج العربي في تطبيق مفاهيم الاقتصاد الصحي في النظام الصحي. كما يعد الاقتصاد الصحي إحدى أهم ركائز رؤية المملكة العربية السعودية 2030 للقطاع الصحي عبر دعم المبادرات التي تهدف لزيادة فعالية الخدمات الصحية.

ولنتعرف على مفهوم الاقتصاد الصحي فهو مجال يهدف إلى تطبيق نظريات الاقتصاد لتحليل قرارات صناع القرار في كل ما يتعلق بالخدمات الصحية وذلك لتحقيق الاستدامة المالية والتي تعد أحد أبرز التحديات التي تواجه النظم الصحية المختلفة في العالم أجمع حيث يمكن من خلال تطبيق مفاهيم الاقتصاد الصحي وضع أو تبني نماذج لتمويل النظام الصحي بالإضافة لتقييم التقنيات الصحية سواء كانت أدوية، أجهزة تشخيصية، أو عمليات جراحية وذلك للتأكد من الاستخدام الأمثل للموارد المالية مع المحافظة على جودة وفاعلية الخدمات الصحية المقدمة.

ويعتبر التقييم الاقتصادي هو النطاق الأهم في الاقتصاد الصحي، وهو عبارة عن منهجية علمية تساعد في عملية الاختيار بين مختلف التقنيات الصحية بناءً على التكلفة والمخرجات الصحية حيث يتم حساب التكلفة من منظور صاحب القرار والتي تنصب إما حول المريض أو مزود الخدمة الصحية أو المجتمع ككل. كما يقوم التقييم الاقتصادي باحتساب التكاليف المختلفة سواء من جهة مزود الخدمة والتي تعرف علمياً بالتكلفة الصحية المباشرة وتشمل تكلفة التنويم والأدوية والزيارات للعيادات الأولية والتخصصية أو التكاليف الصحية غير المباشرة والتي تتضمن تكلفة تنقل المريض من وإلى المستشفى أو خدمات الرعاية المنزلية كما يمكن التوسع في احتساب التكاليف لتشمل تكاليف التغيب والتقاعد المبكر بسبب المرض.

ويعد مصطلح المخرجات الصحية مصطلح مهم متعلق بالاقتصاد الصحي، ويعنى به المخرجات التي تقيس فعالية العلاج مثل تقليل الوفيات والمضاعفات أو الشفاء من الأمراض. يمكن أيضا استخدام مخرج صحي عام لجميع الأمراض يتم حسابه وفق عمليات حسابية دقيقة تأخذ بعين الاعتبار العوامل التي توثر على جودة حياة كل مريض ومن ضمنها القدرة على الحركة، العناية الذاتية، القيام بالمهام اليومية، الألم والشعور بالقلق والاكتئاب.

وعلى الرغم من قوة منهجية التقييم الاقتصادي الصحي في تحسين القدرة على صنع القرار وشيوع استخدامها إلا أن هناك بعض التحديات لعل من أبرزها ندرة المتخصصين وصعوبة الحصول على معلومات التكلفة والبيانات الصحية والمخرجات الصحية والتي تساعد صناع القرار على تحديد المنتج الأنسب في تحسين المخرج. لكن يمكن معالجة هذه التحديات من خلال استقطاب الباحثين والمختصين وتسهيل الوصول للبيانات يساهم في تطوير وإنعاش هذا المجال وتحقيق أهدافه.

وكما ذكرنا مسبقًا، تعد المملكة اليوم إحدى أبرز الدول الرائدة في منطقة الخليج العربي في تطبيق مفاهيم الاقتصاد الصحي في النظام الصحي. كما تتجلى أهميته من خلال رؤية المملكة 2030 للقطاع الصحي ودعمها للمبادرات التي تهدف لزيادة فعالية الخدمات الصحية وتقليل التكاليف والتي في مجملها تهدف لتحقيق الاستدامة المالية. من ناحية أخرى هناك مبادرات تم طرحها لتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص والتي تهدف إلى تحقيق كفاءة الإنفاق المالي وتقاسم المسؤوليات والمخاطر بين القطاع العام والخاص بالإضافة لنقل الخبرات الإدارية والمعارف مما يخلق بيئة تنافسية مبتكرة بين الشركاء. وبهذه المبادرات بدأ النظام الصحي في المملكة بتطبيق مفاهيم الاقتصاد الصحي والذي بدوره يحقق الاستدامة المالية للقطاع الصحي بإذن الله.