بقلم/ أحمد محمد الألمعي

الصادرة من صحيفة مكة

مجلة الجودة الصحية – دينا المحضار 

برزت أهمية تقنية التطبيب عن بعد بشكل كبير حول العالم منذ بداية جائحة كورونا. وانتشرت مواقع الإنترنت التي تهتم بالصحة الالكترونية والتعليم عن بعد بين البلدان العربية وخاصة في المملكة العربية السعودية، وبلغ عدد تلك المواقع خلال العام الماضي أكثر من 500 موقع حسب دليل مواقع Saudilinks.com، الذي أضاف مؤخرا قسما خاصا لدليل مواقع الصحة والاستشارات الطبية عن بعد. ويأتي ذلك التضخم في كثرة المواقع الطبية بسبب صعوبة الاتصال بالمستشفيات والمستوصفات المتخصصة من المناطق النائية التي أغلقت أبواب الزيارات الحضورية للمرضى للحد من تفشي عدوى كورونا. والتطبيب عن بعد هو استخدام وسائل تقنية المعلومات والاتصالات الالكترونية لتقديم خدمات التشخيص والفحص والعلاج الطبية للمريض. ويهدف إلى تيسير التواصل بين الممارسين الصحيين فيما بينهم وبين المريض وطبيبه، كما سهل التطبيب عن بعد التواصل بين الأطباء فيما بينهم سواء ما يتعلق بالاستشارات أو بالمؤتمرات العلمية أو الأنشطة التعليمية الطبية الأخرى. ويمكن من خلاله إدارة الأزمات الصحية باستخدام نظم المعلومات، كما يستخدم التطبيب عن بعد في نشر المعلومات الطبية والتعريف عن الوضع الصحي للبلاد، وإنشاء قواعد البيانات الطبية الشاملة.  وانطلقت فكرة الطب الاتصالي في الستينيات، عندما بدأت وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) بدراسة التغيرات الفسيولوجية لرواد الفضاء خلال رحلاتهم الفضائية. وتطور الطب عن بعد مع بداية الثمانينيات من القرن الماضي، وكان الهدف الأساسي منه هو تقديم خدمات طبية في المناطق الريفية، موازية لتلك التي تقدم في المدن الكبيرة والعواصم، حيث كان الهدف هو تقليل نفقات انتقال المريض والتواصل بين المريض والطبيب بما يوفر أكبر قدر من الراحة للمريض الذي قد يعاني من متاعب السفر إلى المدن الكبيرة والانتقال لمسافات بعيدة بما يضر بصحته. وقد أثبت العلماء إمكانية مراقبة الوظائف الفسيولوجية، كضغط الدم وسرعة ضربات القلب وحرارة الجسم بواسطة الأطباء على الأرض. كما أظهرت بعض التجارب المبكرة الأخرى إمكانية إجراء التشخيص عن بعد، ونقل البيانات الطبية مع الحفاظ على النوعية والتفاصيل. وتتعدد فوائد الطب الالكتروني بتعدد وسائط الشرح فقد تزيد من تحسين الرعاية الصحية، والتكلفة أقل من السفر إلى أماكن متخصصة بعيدة، وإمكانية تطوير مبادئ الرعاية الصحية بشكل أسرع فيعزز التعاون الطبي في تقاسم المعلومات والخبرات المتخصصة، فقد تكون الاستعانة بمتخصصين أجانب من دول مختلفة أمر سهل، وغير مكلف، حيث تكمن تبادل الخبرات وتبادل الحالات من أهم ركائز الطبيب المتميز. وكان الطب النفسي من أكثر التخصصات التي استفادت من تقنية التطبيب عن بعد وقللت هذه التقنية من الوصمة الاجتماعية للمرضى الذين يتجنبون الذهاب للمستشفى النفسي ويفضلون التواصل مع الطبيب من منازلهم. ويستخدم الطب الالكتروني تكنولوجيا دمج إشارات الصوت والصورة معا وفق تقنيات ووسائط معينة مع الخبرة الطبية لتوصيل خدمات الرعاية الصحية عن بعد (التشخيص والاستشارة والعلاج عن بعد مثل تشخيص الأشعة عن بعد tele-radiology، تشخيص الأمراض الجلدية عن بعد tele-dermatology، تشخيص تحاليل الأنسجة عن بعد tele-pathology، متابعة العلاج الطبي أو الجراحي عن بعد tele-monitoring، الجراحة عن بعد tele-surgery، حيث تجرى بعض العمليات الجراحية عن طريق الفيديو أو Rebort الإنسان الآلي من أماكن متباعدة لتسهيل الاستشارات الطبية للحالات الطارئة. وفي عام 2018، أظهرت دراسة في المناطق الريفية والمناطق النائية بأستراليا أن برنامج التطبيب عن بعد الذي يربط العيادات المحلية بأخصائيي أمراض القلب في مركز حضري، زاد من معدل فحوص الأمراض القلبية بنسبة 42 في المئة في عام واحد، كما أدى إلى تراجع معدل قيادة السيارات بحوالي 300 ميل (500 كلم2) لكل مريض، وإلى خفض بنحو أسبوعين في فترة الانتظار لإجراء الفحص، وأكثر من شهر لانتظار تسلم النتائج. ولكن لا تزال هناك بعض القيود. وتقدم وزارة الصحة بالمملكة العربية السعودية خدمات متقدمة في مجال الصحة الالكترونية من خلال الاستراتيجية الوطنية للصحة الالكترونية ويشمل ذلك بالتطبيب عن بُعد في إطار التحول للتعاملات الالكترونية.  وأطلقت (الصحة) تطبيقات الأجهزة الذكية؛ لتعزيز الرعاية الصحية والتطبيب عن بعد، منها: (صحة)، و(صحة للأطباء)، و(تطمن)، و(تباعد)، و(توكلنا)، وغيرها من التطبيقات. كما يتلقى (مركز937​) الاتصالات، ويلبي حاجات المتصلين الصحية على مدار الساعة. وتلمست الصحة آراء المستفيدين عبر استبانات عدة منها على سبيل المثال الاستفادة من التطبيب عن بعد (937 للاستشارات الطبية)، و(الاستفادة من التطبيب عن بعد (تطبيق صحة).​ ويعد المركز الوطني للمعلومات الطبية​ مركز اتصال لتوفير وتنظيم وتبادل المعلومات الصحية آليا بين أجهزة القطاعات الصحية. والمركز عضو بالجمعية الدولية للتطبيب عن بعد والصحة الالكترونية (ISfTeH). ويرتبط المركز بالمجلس الصحي السعودي ويتصل بشبكة آلية للمعلومات الصحية مع وزارة الصحة وغيرها من الأجهزة الحكومية ذات العلاقة. وأطلق المركز مبادرة الشبكة السعودية للطب الاتصالي لربط مرافق الرعاية الصحية المتخصصة مع مراكز الرعاية الصحية الأولية والمستشفيات في المناطق النائية بأنظمة الطب الاتصالي مما يعزز من تقديم خدمات الرعاية الصحية بجودة عالية وتكلفة فعالة بغض النظر عن الموقع الجغرافي أو حجم المنشأة. وبرغم التوقعات بانحسار الاعتماد على خدمات الطب عن بعد مع تراجع أعداد الإصابات بعدوى كورونا، فإن الطلب على هذه الخدمة مستمر، ومن المتوقع أن يزداد مع التطور الكبير في التكنولوجيا الطبية وفي وسائل التواصل عن بعد خاصة مع انخفاض تكلفة هذه الخدمات واتساع نطاقها.

@almaiahmad2