بقلم/ أحمد اسعد خليل 
مجلة الجودة الصحية – دينا المحضار 

 

لعل مصطلح الأمراض مرتبط بجسم الإنسان، ولكن المرض يصيب كل شيء حتى يصل إلى العمل، ويبدأ يتغلغل فيه، فيصيب الإدارة، ثم يتنشر بشكل معدي وخطير، يؤثر على الموظفين والإنتاجية وعلى بيئة العمل بشكل عام، وتتعدد الأمراض الإدارية من حيث أشكالها وصورها وأنماطها، وبالتالي يؤدي إلى إنهاكها وضعف أدائها وإهدار مواردها وضعف مناعتها أمام ما تواجهه من تحديات وصعاب نحو التقدم لمستقبلها. الأمراض الإدارية متعددة منها العادي ومنها المزمن مثل: استقالة الكفاءات التي لديها خبرات حقيقية كبيرة تؤّثر في استمرارية المنظمات، ولعل الدعم الإداري والاجتماعي يُقلِّل من عمليات الضغط الوظيفي التي قد تتعرض لها تلك الكفاءات، أيضاً يتوجب على المنظمات إدراك أهمية الارتقاء بمستوى التوازن بين العمل والحياة، وذلك نظراً لأهمية وأثر التوازن على الجانب النفسي والمعنوي الخاص بالموظفين الأكفاء، وأيضاً عدم إضافة عملاء جدد، وهو مؤشر خطير يوضح بداية تجلط في دماء المنظمات، ويُنذر بقرب نهايتها وعدم استمراريتها، وهناك مركزية القرار، فالإدارة البيروقراطية التقليدية تعتمد على إستراتيجية الرأي الواحد، وتتعمّد تغييب آليات مُهمة مثل تفويض الصلاحيات والتمكين الوظيفي خاصة في المهام الضرورية، فالبيروقراطية تصيب المنظمة بأمراض الشيخوخة لا محالة، وينبغي أن تمتلك المنظمات القدرة على التغيير المستمر في إجراءات التفويض والتمكين، وإعداد القيادات البديلة، وأيضًا ضعف نظم المعلومات الإدارية، فالمنظمات تعيش بقدر ما تمتلكه من تقنية وقدرتها على إدارتها بالصورة المثلى، بحيث تساعد على بقائها واستمرارية أعمالها، وأصبح اعتماد المنظمات على البيانات من أكثر العناصر حيوية في تحقيق الميزة التنافسية الإستراتيجية المؤكدة للمنظمة أمام منافسة المنظمات الأخرى، وهناك التملّق الإداري، وهو مرض خبيث قد ينتشر بين جميع المستويات الوظيفية في المنظمة، حيث يتخذ الموظف النفاق الوظيفي غطاءً دائماً، وسلّم الوصول لتحقيق هدفه الشخصي دوماً لدى رؤسائه، ومن هذه الظاهرة ينتج مرضان خطيران هما وضع وتعيين موظفين ضِعاف في الوظائف غير المناسبة، وعدم وضع الموظف المناسب في الوظيفة المناسبة له، ولمعالجة هذا الداء ينبغي على المنظمات أن تتبنى ثقافة تنظيمية، تهدف إلى غرس الولاء التنظيمي لدى الموظفين، ويكون ولاؤهم للمنظمة وليس للمديرين والقيادات الإدارية العليا، ومن الأمراض: رفض الابتكارات والأفكار الجديدة، لعدم القدرة على النظر إلى الأمور من منظور جديد ومستقبلي، أو عدم رغبة المنظمة في المخاطرة، أو غياب الحس الاقتصادي والتجاري للمنظمة، والابتكارات هي بمثابة دماء متجددة في عروق المنظمات، تُكسبها شباباً دائماً متجدداً ومستداماً، ولمعالجة هذا الداء الإداري ينبغي على المنظمات توفير آليات وقنوات لتشجيع الموظفين على طرح أفكارهم واقتراحاتهم بصورٍ مستمرة، والإنصات إليهم جيداً.

أخيراً، وكما يُقال دائماً: الوقاية تُكلِّف أقل من العلاج لمواجهة أي أمراض، وحالها حال الأمراض الإدارية التي كلما تنبَّهنا إليها مبكراً، واعترفنا بوجودها، كلما كانت لدى القيادة رؤية وبصيرة لتحقيق علاجها، والوصول للأهداف والاستمرار المستقبلي.