[tabs type=”horizontal”][tabs_head][tab_title]مقتطفة[/tab_title][/tabs_head][tab][author ]بقلم تهاني البقمي – جدة[/author]الصادرة من صحيفة الشرق

الجودة الصحية-اعداد : دينا المحضار[/tab][/tabs]

احد الجثامين

أحد الجثامين يجري إدخاله الثلاجة (تصوير: مروان العريشي)

 

 طالب عدد من أطباء الطب الشرعي في مدينة جدة بزيادة بدل مزاولة الطب الشرعي من 40 إلى 100%، لما يلاقونه من معاناة أثناء أداء واجبهم المهني والإنساني.
مشيرين إلى الظروف الاستثنائية التي يعملون فيها، ومعاناتهم من رائحة تعفّن الجثامين وبقاء هذه الروائح معلّقة في أجسامهم وملابسهم طوال ساعات اليوم، فضلاً عن معاناتهم مع الجثامين «المدوّدة» بمنظرها المؤلم، مع صعوبة مواجهة حالات تكون فيها بشاعة الجريمة تلاحقهم في سائر أوقات اليوم. مضيفين معاناتهم مع بعض مرضى الإيدز والإدمان أو الكبد الوبائي، خاصةً التي تأتي من الشارع إلى المشرحة مباشرةً، دون أن يكون للحالة ملف أو تفاصيل مسبقة، مما يشكل خطورة على الطبيب الشرعي.

طبيعة عملهم

طلال اكرم

د. طلال إكرام

وفي شرح لطبيعة مهامهم، أوضح مدير إدارة الطب الشرعي والوفيات في جدة الدكتور طلال إكرام، أن الطب الشرعي هو الذي يتصل طبياً بكل ما يتعلق بالجريمة، وإدارة الطب الشرعي تتبع للوكيل المساعد للطب العلاجي في وزارة الصحة، مبيناً أنّ المنظومة التي تتولى الجريمة تتكون من إدارات الطب الشرعي ومراكز الطب الشرعي والأدلة الجنائية في وزارة الداخلية والادعاء العام وبعض الجهات الأمنية مثل الشرطة والدفاع المدني والمرور وحرس الحدود، التي تتولى الإجراءات في الوفيات الجنائية، إضافة إلى استقبال ما يتعلق بالأحياء مثل العنف الأسري والاعتداءات واللواط.

يرفضون التشريح

وأشار إكرام إلى أنّ بعض الأسر والقبائل تفضل عدم تشريح الجثة وتكتفي بمقولة «مات وسره معاه»، وهذا يعود لمدى قناعة المحقق في الادعاء العام والظروف الماثلة وما توصلت إليه الشرطة إن اعترف الجاني وبذلك ينتفي تصريح التشريح، والآن وصلنا إلى مرحلة أن الفريق الذي يباشر مكان وقوع الجريمة فريق متكامل يمثل الشرطة والتحقيق والادعاء العام والأدلة الجنائية والطبيب الشرعي، ويكون رأيهم جماعياً في مسرح الجريمة ومدى الحاجة إلى التشريح، ويؤخذ الأذن بالتشريح في نفس المكان، وبالتالي سهلت عملية التأخير في أخذ التصريح وعدم القناعة.

الاعتداءات الجنسية

ممدوح زكي

د. ممدوح زكي

من جانبه، أوضح اختصاصي أول طب شرعي ومشرف الجودة على أقسام المركز والمشرف على الإحصاء الطبي الدكتور ممدوح كمال، أنّ مركز الطب الشرعي بعيادته -التي بدأت العمل العام الماضي- هو المركز الوحيد المخول للكشف على الاعتداءات الجنسية للنساء، ويستقبل جميع حالات الاعتداء البدني والجنسي على مستوى المحافظة، ويتم الكشف بمعرفة من الأطباء الشرعيين في العيادة الشرعية أو ينتقل إليها الطبيب الشرعي في مستشفى الولادة والأطفال في (المساعدية)، بموجب بروتوكول بين إدارة الطب الشرعي والمستشفى، وتوقعنا عند افتتاح العيادة أن ترفض النساء الكشف وبالأخص أن أغلب من يتولى الكشف رجال، وتفاجأنا أن هناك تقبلاً ولم نواجَه بالرفض خلال العام الماضي سوى حالة واحدة، والغرض من الكشف بالطبع هو المحافظة على حق السيدة المعتدى عليها.

الجهات الأمنية

وعن كيفية استقبال الحالات المعتدى عليها، قال كمال: لابد أن تكون محوّلة من جهة أمنية أو رسمية مخوّلة، سواء (مركز شرطة أو هيئة التحقيق والادعاء العام أو دار الملاحظة الاجتماعية أو الشؤون الاجتماعية)، ومتقدمة ببلاغ من جهة رسمية، وعند وصولها للطب الشرعي يفتح لها ملف قضية (كامل السرية) ومن ثم الحصول على موافقة ولي الأمر على الكشف، ويكتفى بموافقتها إذا كانت الولاية على نفسها، ثم نستمع إلى الحالة لمعرفة تفاصيل الحدث ثم يتم الكشف عليها.

الوسائل المعتمدة

وبيّن كمال عدد وسائل الكشف وهي (العدسات، التصوير الفوتوغرافي)، إضافةً إلى المنظار المهبلي المخصص لفحص الاعتداءات الجنسية وإصابات المنطقة التناسلية الخارجية ومنطقة العجان، سواء ناتجة عن الحوادث العرضية أو السقوط أو الاغتصابات أو التحرش الجنسي، ويتميز بالدقة في التكبير لمعرفة الإصابة، وتعامله مع الأنسجة بخلاف الكاميرا، ويعطي صوراً واضحة لرؤية التمزقات، وهو وسيلة لتوثيق الإصابة أو سلامة المصاب.

حالات مختلفة

وأضاف كمال: تختلف لدينا الحالات، ومنها حالة سجلت سقوط طفلة عمرها ثماني سنوات على «قلم رصاص» وقمنا بالتأكد من وصوله إلى غشاء البكارة من عدمه، والحالة تُمنح تقريراً على نوع التمزق وسببه وزمنه في هذه الحالات.
ونكتشف الاعتداءات عن طريق العلامات إن كانت اغتصاباً حاداً أو وجود تمزق أو تكدم في فتحة الشرج أو تشنج في العضلة العاصرة الشرجية، أو تكرار الاستعمال، وتكون علاماته ارتخاء العضلة الشارجية وانعدام المنعكس العصبي وثنايا غشاء البكارة تكون في شبه انمحاء من التكرار واتساع ملحوظ أثناء الكشف في أقل من دقيقة.

وعي المجتمع

وقال كمال: أصبح لدى المجتمع وعي بالطب الشرعي ويتوجهون بالتبليغ للكشف، ومن الأفضل إثبات الواقعة وأخذ الجاني جزاءه، وكثيراً ما تأتينا دعاوى كيدية لمشاجرات واعتداءات على الأطفال من ثماني سنوات للحصول على الحضانة بين الزوجين المنفصلين كيداً.
وقد سُجلت لدينا في المركز ثلاث حالات نادرة عالمياً وهي التمزقات الجزئية للبكارة، التي تندمل وتلتئم تماماً دون ترك أثر بعد أسبوع، وأكد أنه ليس كل اعتداء جنسي يتم به تمزق كامل في البكارة، وهذا ما لا يعلمه المجتمع ولديه نقص في توعيته.
ومن الجانب الإنساني للطبيب الشرعي، قال نشعر بالرحمة أكثر من أي طبيب آخر، لأننا رأينا وأحسسنا وعايشنا الإيذاء، ولا يمكن أن أضرب أبنائي حتى وإن كان للتخويف فقط، خوفاً أن يحصل فيهم شيء مثل بعض الحالات التي تأتينا.

أفضل النتائج

علاء غنام

د. علاء غنام

وشدد اختصاصي الطب الشرعي الدكتور علاء غنام، على سرعة التبليغ للحالات للحصول على أفضل النتائج وأدقها في خلال 24 ساعة من الاعتداء، وتحديد الزمن متوقف على أخذ العينة إن وُجدت، والمقصود بها (الإنزال أو القذف من المتهم) سواء كان ظاهراً على بدن الضحية أو بداخل المهبل، أو أخذ عينات من بقايا الشعر والالتصاق الجسدي، مشدداً على ضرورة احتفاظ الضحية بالملابس الملبوسة حين الاعتداء، وعدم تغسيل المنطقة المهبلية، أو الاستجابة لنداء الطبيعة بدخول الحمام قبل الكشف.

اعتداءات الأقارب

وأضاف غنام أن هنالك حالات لا محدودة نراها وقد تصل للوفاة نتاج الاعتداءات، والطفل عادةً يظل تحت سيطرة الشخص المعتدي عليه مهما تثقف وحُذر لأنه لا يستطيع إيصال صوته، وفي الغالب يكون من يحمي الطفل هو من يعتدي عليه مثل أقربائه، ومدرسيه، وزملائه، ولابد من ملاحظته والانتباه لطريقة مشيه، أو إن كان يعرج أو تغيرت نظرته ونفسيته وسلوكه، ومن الضروري أن يكون ظاهراً عليه ضغط نفسي.
يمثل عملنا خطراً وصعوبة علينا عند ذهابنا لمسارح الجرائم، وعادةً ما تكون في «خرابة» أو أماكن مهجورة وأماكن صحراوية، إضافةً إلى حداثة الحدث، ونذهب برفقة الشرطة و»الجي بي إس» للوصول إلى المواقع، ونعاني كثيراً من منظر الحالات، إضافةً إلى صعوبة الممارسة الطبية الفعلية في الأوقات المتأخرة من منتصف الليل ونحن نعمل 24 ساعة.

الجوانب النفسية

ومن الجانب الإنساني وتأثير الطب الشرعي في نفسيات الأطباء، قال غنام: إن تأثير التخصص على من يتعامل معنا أكثر من تأثيره على نفسياتنا بشكل مباشر، والطبيب الشرعي يتعامل مع الحالة بشكل حرفي فني مع تركيز كامل للحصول على الأدلة لإفادة القضية، وأضاف: أحاول أن أخرج من الحالة المزاجية والتأثير النفسي إلى المزاج الحرفي، وهذا مع كثرة الاعتياد، وفي بداية الاختصاص كان لدي تردد في الاستمرار من الرهبة، ولكن مع الممارسة أصبحت أفكر كيف أتعرف على الأدلة بعيداً عن المنظر الدامي المؤلم، وأخاف من مشاهدة أفلام الرعب على التلفاز بعكس عملي.

المختبر الوحيد

هاني نيازي

د. هاني نيازي

وأوضح اختصاصي السموم والكيمياء الطبية الشرعية والمشرف على المختبرات الشرعية بالطب الشرعي في صحة جدة الدكتور هاني نيازي، أن إدارة الطب الشرعي في جدة تملك المختبر الوحيد في مراكز الطب الشرعي في المملكة، وهو مختص بالتشريح النسيجي ويخدم جدة ورابغ والليث وأضم، موضحاً أن هناك طبيباً شرعياً يباشر مكان وجود الجريمة ويكشف عليها كشفاً ظاهرياً أو ينقل الحالة من مستشفى أو مسرح جريمة، ومن ثم تأتي في المركز ويقرر تشريحها من الجهات الرسمية وهي الشرطة والإمارة وهيئة التحقيق والادعاء العام، بتصريح رسمي، وعند التشريح يمنحني الطبيب الشرعي مرئياته حول الجثة إن كانت قُتلت أو شُنقت أو نتيجة خنق أو انتحار أو غرق، ومن ثم يبدأ الفريق تشريح الجثة وتحويلها لقطع وتمريرها في أجهزة معينة لرؤية التغييرات الحاصلة للأنسجة تحت الميكروسكوب، وتوضع في تقرير ويسلم للأطباء الشرعيين.

حضور القصاص

وأضاف نيازي أن من مهام الطب الشرعي وجوده مع لجنة مشكّلة من المحكمة والشرطة والطب الشرعي لتنفيذ الأحكام الشرعية بحضور الطبيب الشرعي للوقوف على القصاص، ويكتب الطبيب الشرعي تقريراً وإعلان وفاة المنفذ عليه الحكم، وحصل قبل أسبوعين أن عاينت المتوفى ولم تكن الضربة كافية لتفصل الرأس، فقلت للسياف أن يعيد الضربة لتفصل الرأس تماماً حتى لا يعذب هكذا.
ومن الجانب الإنساني، قال نيازي: أعمل في المركز وأوجد صباحاً وفيه أموات ومحنطون وتشريح، ولكن لا يؤثر فيّ إطلاقاً، لكن بمجرد دخولي المقبرة للدفن أشعر بالخوف.

طريقة التشريح

زهير الوعيل

د. زهير الوعيل

وشرح اختصاصي الطب الشرعي والمشرف على التدريب في مركز الطب الشرعي في جدة الدكتور زهير الوعيل، طريقة تشريح الطبيب الشرعي الجثمان بأمور فنية دقيقة مثل فتح الرأس، وفتح المنطقة الصدرية، وفتح المنطقة البطنية، وأخذ عينات من جميع الأعضاء وإرسالها إلى مركز السموم أو جهات أخرى، وإلى مركز السموم في حال طلب عينات الـDNA وإثبات فصيلة الدم، أو سموم كيميائية، أو ميكروبيولوجي في مثل الحالات السمية، أو التسمم الغذائي، إضافة إلى التشريح النسيجي، والمشاهدات التي يرفعها الطبيب الشرعي والتصوير الفوتوغرافي الموثق والمصرح به بإجراءات سرية، ويتم تخزين ملف لكل قضية في أرشيف القضية لاستعادته والرجوع إليه عند الحاجة أو عند اطلاع أي جهة، بالإضافة إلى الجهات التعليمية المفيدة في حالات التشريح، موضحاً أن عمل الطب الشرعي تحديد زمن الوفاة وسببها ونوع الوفاة إن كان سمياً أو إصابياً أو عرضياً أو طبيعياً وهو ما يفيد الجهات الأمنية بها.
وكشف أن من يستطيع الكشف والتأكد من وجود غشاء البكارة هو الطبيب الشرعي المختص فقط وليست طبيبة النساء والولادة.