[tabs type=”horizontal”][tabs_head][tab_title]مقتطفة[/tab_title][/tabs_head][tab][author ]د.حمدان المالكي

[email protected]

[/author]صحيفة تواتر الإلكترونية مصرحه من وزارة الثقافة والاعلام السعودية  

الجودة الصحية – اعداد : دينا المحضار[/tab][/tabs]

 

في إحدى المناسبات العامة حدث أمامي أحد النقاشات الصريحة، وهو أشبه ما يكون إلى مناظرة، كان في أحد طرفيها طبيبا، وعلى الطرف الآخر إداريا، وقد تمحور الحديث حول من الأحق بإدارة المنشئات والمرافق الصحية (الأطباء أم الإداريين والعكس صحيح) ،وكان هناك طرف محايد للاستماع إلى (مرافعاتهم إن جاز التعبير) يكون له كلمة الفصل في نهاية المطاف.

يتحدث الطبيب في بداية الأمر، وقد أسرد الأدلة والبراهين التي تجعل الاطباء أو من يندرج تحت الكادر الصحي هم الأحق بإدارة المرافق الصحية، ويسند ذلك على مقدرتهم في فهم القضايا الطبية والمهنية المعقدة، إضافة إلى إحاطتهم التامة بمتطلبات العمل الطبي داخل المنشأة بأدق تفاصيله، والتوصل إلى حل الاشكاليات الناتجة ،إضافة إلى الاحتكاك والتواصل المباشر مع أطقم العمل داخل أروقة المستشفى والتي لا يستطيع الإداري الإلمام بها.

وأستطرد قائلا إن هؤلاء المدراء لا تقف مهامهم على الجوانب الإدارية فحسب، بل تتعدى ذلك بالوقوف على كل ما هو ذو صلة، ومنها زيارة ومتابعة المرضى والتعرف على مشاكلهم من منظور طبي وفني، ولاسيما أن الدعامة الرئيسية لهذه المنشئات ترتكز على الجوانب الطبية وهذا ما يعطي الأحقيه إلى الطبيب في ذلك، بالإضافة إلى الاستماع إلى أراء العاملين في المستشفى من خلال حضوره إلى الإجتماعات الصباحية التي تعقد بشكل يومي، ويعطيه الفرصة إلى تلمس همومهم و الحرص على تنفيذ ما يتطلع إليه المرضى والعاملين، وخصوصا إذا علمنا بأن هناك العديد منهم من يجمع بين العمل الإداري والعمل الطبي، إضافة إلى تولد نوع من التحسس في التعامل في حال وجود إداري غير طبيب عند ترأسه للمنشأة الطبية.

وأردف الطبيب قائلا وإنطلاقا من مبدأ أن الطبيب لا يحق له أن يتراس المنشئات الطبية، فيجب علينا أيضا أن نعمم هذه النظرية في أنه لا يحق للمهندسين أن يترأسوا الشركات الهندسية، وكذلك الحال بالنسبة لمدراء المدارس ورؤساء المحاكم، فكل جهة يديرها أحد أفرادها، ومن هم أدرى بتفاصيل العمل فيها، ولم يقوموا بالإستعانه بمدير إداري في إدارة شؤنها، ولا سيما أن هناك تجارب حافلة بالانجازات والعطاء والتميز لصالح الأطباء في مجال الإدارة .

فيما كان الرد على لسان الإداري، بأن الإدارة فن لا يتقنه إلا من إمتلك التدريب الكافي والمتخصص، مصحوبة بمهارات وسنوات من الدراسة الطويلة التي تأهله إلى الإلمام الكامل والوافي بجميع جوانب الإدارة، وكيفية التغلب على صعوباتها بأسس علميه ومنهجيه تصنع منه إنسان مسئول ومدرك للعمل الإداري بأدق تفاصيله، وذلك ينطبق على المدير الإداري غير الطبيب، بعكس الاطباء او غيرهم من طواقم العمل الطبي والذين امضوا غالبية وقتهم في دراسة العلوم الطبية باختلاف تخصصاتهم ، وبعيدا عن الجانب الإداري .

إضافة إلى كون الإدارات الطبية قد تغيرت عن السابق حيث أصبحت تشمل العديد من الإدارات ذات العلاقة، كالشئون المالية وشئون الموظفين والتخطيط والتطوير، وغيرها من الإدارات التي تبتعد عن الجانب الطبي وتحتاج إلى خبرة إدارية في التعامل مع الأنظمة، وأيضا التعامل مع الطاقة البشرية باختلاف الأجناس والأفكار .

وقد ألمح الإداري إلى وجود بعض المشكلات التي تنتج من خلال وجود الطبيب كإداري، وإلى ما قد يسببه من هدر مالي، وتحمل ميزانيات كان الأولى بها أن تصرف على ما يعود بالنفع والفائدة، وأيضا قد ئؤدي إلى نقص في الكادر الطبي، وما قد يسببه من خلل في مواعيد العيادات وطول الانتظار، وهو في الوقت الذي يجدر به أن يكون في عيادته عوضا عن قضاء جل وقته بين المعاملات الإدارية وما يترتب على ذلك.

وقد إستطرد بقوله أن بعض الأطباء ومنذ زمن بعيد تخلوا عن الدور الحقيقي المناط بهم، و أتجهوا إلى المناصب الإدارية والتي عادتا ما تصاحب بشهرة أكثر ونفوذ أكبر ومجهود أقل جعلهم يفضلون المهام الإدارية على المهام الطبية.

وقبل أن يكمل الطرفين ما تبقى لديهم من استشهادات، أوقفهم الطرف الثالث والذي اختاروه حكما لهم، وقد أخبرهم من الوهلة الأولى بأنه يقع على الحياد من هذا الموضوع وبأنه لا يفضل الوقوف مع أحد الاطراف على الآخر، كل ما يهمه في الموضوع هو أن تشغل الوظيفة بمن يمتلك المؤهلات العلمية مدعومة بالخبرات العملية، طبيبا كان او ممارسا صحيا او متخصصا في الإدارة الصحية، ومن يمتلك المعرفة والإلمام واستثمار الموارد المتاحة بأحدث الطرق من أجل تحقيق الأهداف المطلوبة ،والتي يقع الاهتمام بالمرضى، وتقديم رعاية ذات جودة وفاعلية، الهدف الأول والأساسي ،وأن يقدم للمواطنين الخدمات والحياه الكريمة، التي حرص ولاة الامر على توفيرها في شتى القطاعات وخاصة القطاع الصحي، والتي يجب أن تتم من خلال آليه تجمع بين تفوق ونجاح العاملين في المجال الصحي بكافة اطيافهم.