الصحة العامة_اعداد: ا.عبدالله الدايل

 

 

يعتبر ارتفاع الكوليسترول في الدم (HBC) مشكلة صحية متزايدة في المجتمع المعاصر. على الرغم من أن الكوليسترول في الدم يضمن وجود خلايا صحية، إلا أن ارتفاع الكوليسترول في الدم يعتبر أمرًا خطيرًا. يزيد ارتفاع الكوليسترول في الدم من خطر حدوث مضاعفات صحية كأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والنوبات القلبية وأمراض الشرايين، والسكتة الدماغية وآلام الصدر وغيرها. حتى مع غياب الأعراض، يعد ارتفاع الكوليسترول في الدم تهديدًا خطيرًا لحياة الإنسان. كشفت منظمة الصحة العالمية (WHO) أن ارتفاع الكوليسترول في الدم مرتبط بـ 2.6 مليون حالة وفاة سنويًا، ولا يزال يمثل عبئًا مرضيًا أساسيًا في البلدان المتقدمة والنامية على مستوى العالم (World Health Organization, n.d.). غالبًا ما يسبب مستوى الكوليسترول المرتفع في ترسبات دهنية في الأوعية الدموية. تحد زيادة هذه الترسبات من تدفق الدم بشكل كافي عبر الشرايين، مما يزيد من خطر حدوث هذه المضاعفات الصحية. ترتبط العديد من عوامل الخطر بارتفاع الكوليسترول في الدم. مع ذلك ترتبط معظم الحالات بخيارات نمط الحياة غير الصحية التي يتخذها أناس كثيرون. يساهم عدم ممارسة الرياضة والسمنة والنظام الغذائي غير الصحي بشكل كبير في الإصابة بارتفاع الكوليسترول في الدم. لحسن الحظ يمكن منع المشكلة وعلاجها. على وجه التحديد، يمكن أن يساعد اعتماد خيارات نمط الحياة الصحية كاتباع نظام غذائي صحي وممارسة التمارين الرياضية المنتظمة والمعتدلة والأدوية في معالجة ارتفاع الكوليسترول في الدم لدى المجتمعات المعرضة للخطر.

استراتيجية الوقاية من ارتفاع الكوليسترول في الدم

يعد ارتفاع الكوليسترول في الدم عاملًا خطيرًا للأمراض المزمنة غير المعدية (NCDs) مثل مشاكل الجهاز التنفسي والسكري وأمراض القلب والأوعية الدموية. الأمراض المزمنة عبء صحي متزايد ولها عوامل تتسبب في حدوثها وهى عوامل مشتركة وقابلة للتعديل مثل النظام الغذائي غير الصحي والسمنة وزيادة الوزن وعدم كفاية النشاط البدني وغيرها. ربما هذه العوامل هي ما تجعل الأمراض المزمنة السبب الرئيسي للوفيات على مستوى العالم. في المجمل ذكرت منظمة الصحة العالمية أن 41 مليون حالة وفاة حدثت في عام 2019 بسبب الأمراض المزمنة (“Noncommunicable diseases,” n.d.). وفقًا لذلك، فإن نتائج الدراسة التى أجراها Ahmed et al. (2019) أظهرت أن الدهون في الدم تساهم في انتشار الأمراض المزمنة. يزداد الخطر أيضًا في فئات زيادة الوزن والسمنة وانخفاض النشاط البدني. هذا يعني أن الوقاية من ارتفاع الكوليسترول في الدم يمكن أن تقلل بشكل كبير من الأمراض المزمنة. وعلى الرغم من أن العديد من استراتيجيات الوقاية، وخاصة المتعلقة بنمط الحياة مثل التمارين المنتظمة والوجبات الغذائية الصحية والأدوية المناسبة، يمكن أن تساعد في معالجة مشكلة ارتفاع الكوليسترول في الدم، إلا أن بعضها أكثر أهمية وفعالية على المستوى المحلي. على سبيل المثال، على الرغم من أن التمارين المنتظمة والمعتدلة أمر بالغ الأهمية في رفع البروتين الدهني عالي الكثافة (HDL)، إلا أن تطبيقها على المستوى المحلي قد يكون أمرًا صعبًا. يبحث هذا الجزء في أهمية اتباع نظام غذائي صحي لمنع ارتفاع الكوليسترول في الدم.

تنفيذ استراتيجية النظام الغذائي الصحي للوقاية من ارتفاع الكوليسترول في الدم

اتباع استراتيجية نظام غذائي صحي يستلزم تغيير نمط الحياة وهو يهدف إلى تحقيق عدة أغراض، بما في ذلك خفض الكوليسترول وتحسين صحة القلب. النظام الغذائي الصحي هو مصطلح واسع ولأغراض هذه الورقة البحثية ترتبط الإستراتيجية المطلوب اتباعها بالوقاية من ارتفاع الكوليسترول في الدم لدى أفراد المجتمع. لذلك، تمت مناقشة العديد من الجوانب للمساعدة في فهم دور النظام الغذائي الصحي في تكوين أفراد أصحاء. في الأساس، اتباع نظام غذائي صحي متوازن يقلل من نسبة الكوليسترول. على سبيل المثال، يُوصى بتجنب الأطعمة التي تحتوي على الدهون الكلية والمشبعة للحفاظ على مستويات الكوليسترول الصحية في الدم. من المعروف أن الدهون المشبعة ترفع مستويات البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL) في الأوعية الدموية (Gershuni, 2018). وبالتالي، فإن زيادة الوعي حول تناول الأطعمة التي تحتوي على الدهون المشبعة مثل اللحوم الحمراء ومنتجات الألبان والمخبوزات والأطعمة المقلية أمر بالغ الأهمية لخفض مستويات الكوليسترول في الدم. مع ذلك، أكد Gershuni (2018) أن العديد من الأشخاص، وخاصة الأمريكيين، يواجهون حالات متزايدة من الأمراض المزمنة المرتبطة بالسمنة وزيادة الوزن بسبب زيادة تناول الدهون. تؤكد هذه النتائج أن زيادة الوعي العام حول تناول الأطعمة التي تحتوي على الدهون المشبعة على المستوى المحلي أمر بالغ الأهمية لمعالجة مستويات البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL) والكوليسترول في الدم. بالتالي، يمكن أن يقلل هذا من نتائج خطيرة مثل أمراض القلب والأوعية الدموية المرتبطة غالبًا بارتفاع الكوليسترول في الدم.

يزيد أيضًا تناول الأطعمة الغنية بالألياف القابلة للذوبان من فعالية نظام الغذاء الصحي. تعتبر الأطعمة، مثل الحبوب الكاملة والفواكه والبقوليات ضرورية في منع الجهاز الهضمي من امتصاص الكوليسترول. مما لا شك فيه، عندما يعتمد الفرد على هذه الأطعمة في وجباته الغذائية فإن خطر الإصابة بارتفاع الكوليسترول في الدم ينخفض ​​بشكل كبير. أكد Surampudi et al. (2016)  أن الألياف القابلة للذوبان ضرورية لخفض مستويات الكوليسترول في الدم. يضمن الاستهلاك الأمثل للألياف القابلة للذوبان يوميًا امتصاص الكوليسترول الكافي في مجرى الدم. تعمل الألياف القابلة للذوبان عن طريق إبطاء عملية الهضم على الاحاطة بالدهون مما يقلل معدل امتصاصها. هذه العملية فعالة في خفض مستويات الكوليسترول. ونظرا لزيادة عدد الأفراد الذين يعتمدون بشكل كبير على الأطعمة السريعة والجاهزة، فإنه يلزم اتباع نظام غذائي صحي يشمل تناول الأطعمة التي تحتوي على ألياف قابلة للذوبان مما يساعد في رفع مستوى الصحة لديهم. هذه الفئة ستصبح أقل احتمالا للإبلاغ عن حالات ارتفاع الكوليسترول في الدم. ومع ذلك، لا يزال الوعي العام مصدر قلق بالغ لنجاح هذه الاستراتيجية.

وفقًا لذلك، يمكن أن يساعد اتباع نظام غذائي غني بالأطعمة التي تحتوي على أحماض أوميجا-3 الدهنية في معالجة الآثار الصحية المرتبطة بكوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة. ونظرًا لأن التركيز ينصب على كل من الأفراد المعرضين للخطر وأولئك الذين يعانون من ارتفاع الكوليسترول في الدم، فإن الدعوة إلى استهلاك الأطعمة مثل الأسماك، الغنية بأحماض أوميجا-3 الدهنية، يمكن أن تساعد في رفع مستويات البروتين الدهني عالي الكثافة (HDL). لقد كشف juricic and Calder (2021) أن أحماض أوميجا-3 الدهنية تخفض تركيز الكوليسترول في الدم مما يقلل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. تعمل العناصر أيضًا على تقليل خطر الإصابة بالتخثر والتحكم في توازن الصفائح الدموية مما يقلل من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة. وبالنظر إلى الفوائد الصحية لأحماض أوميجا-3 الدهنية ستكون زيادة إتاحة الأطعمة التي تحتوي على هذه الأحماض وتوافرها خطوة مهمة لهذا المجتمع. وبالتالي، فإن تنفيذ استراتيجية نظام غذائي صحي ستؤدي للوقاية من ارتفاع الكوليسترول في الدم.

علاوة على ذلك، فإن اتباع نظام غذائي صحي يجب أن يشمل الإقلاع عن التدخين. فغالبًا ما يرتبط التدخين بارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم مما يسبب ارتفاع مخاطر الإصابة بأمراض القلب لدى هذه الفئة. ان التدخين يقلل من مستويات البروتين الدهني عالي الكثافة (HDL) مما يجعل من الصعب على ضغط الدم ومعدل ضربات القلب التعافي إلى حد كبير. والإقلاع عن التدخين يرفع مستويات البروتين الدهني عالي الكثافة HDL ويقلل من نسبة البروتين الدهني منخفض الكثافة LDL. وبالتالي، فإن الشخص الذي يقرر الإقلاع عن التدخين يكون في وضع أفضل يؤدي لحمايته من الرواسب الدهنية الجديدة مما يسهل التنفس الطبيعي حتى أثناء التمرين أو بعده. ربطت دراسة حديثة قام بها Duncan et al. (2019) النتائج الصحية لارتفاع الكوليسترول في الدم بسلوك التدخين لدى فئة معينة. على وجه التحديد، كان الإقلاع عن التدخين مرتبطًا بانخفاض معدل الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. وعلى الرغم من أن التدخين يرتبط بشكل غير مباشر بانتشار ارتفاع الكوليسترول في الدم، إلا أنه يظل محددًا مهمًا للصحة في الفئة التي تتصف بالمشكلة. وبالتالي، فإن الاستراتيجية الصحية التي تعالج مشكلة التدخين بالغة الأهمية للوقاية من المضاعفات الصحية المرتبطة بارتفاع الكوليسترول في الدم.

أخيرًا، يقلل تناول الأطعمة الصحية من خطر زيادة الوزن أو السمنة، مما يقلل من مستويات الكوليسترول في الدم. ان الدعوة إلى اتباع نظام غذائي صحي يعني أنه سيتم تقييد تناول الفئة المستهدفة للمشروبات السكرية وتشجيعهم على استهلاك المياه بدلاً من ذلك. وعلى الرغم من أن بعض الأطعمة مثل الوجبات السريعة قد يُسمح بها في السوق إلا أن تتبع السعرات الحرارية أمر ضروري في تنظيم ارتفاع الكوليسترول في الدم. تؤكد العلاقة القوية بين زيادة الوزن أو السمنة وارتفاع الكوليسترول في الدم على الحاجة إلى تنفيذ استراتيجية نظام غذائي صحي تحد من استهلاك الأطعمة السريعة والمُعالَجة. ونظرًا لأن ارتفاع الكوليسترول في الدم مرتبط باستهلاك الأطعمة السريعة، فإن الأشخاص الذين يستهلكون الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الكربوهيدرات والسكر يتعرضون لتداعيات صحية مثل أمراض القلب (Fatima & Srivastava, 2017). كانت نفس النتائج واضحة أيضًا في دراسة أجراهاAlexander et al. (2021)  والتي أظهرت علاقة وثيقة بين تناول الدهون المشبعة وارتفاع الكوليسترول لدى الأشخاص الذين يتناولون وجبات سريعة. بشكل عام، قد يكون لتنفيذ استراتيجية نظام غذائي صحي على المستوى المحلي تأثيرًا كبيرًا على انتشار ارتفاع الكوليسترول في الدم. وعلى وجه التحديد، ستوفر الخطة مساحة لمعالجة المخاطر المحتملة لا سيما المتعلقة بمعظم الأطعمة التي يستهلكها الأشخاص بشكل يومي.

مراقبة ورصد البرنامج

على الرغم من أنه قد يكون من الصعب التحكم في النظام الغذائي لفئة معينة ولكن من الممكن مراقبة هذا النظام للتأكد من أن الأشخاص يستهلكون الأطعمة الصحية. على سبيل المثال، يمكن أن يساعد الاتصال بمنافذ الوجبات السريعة في جميع أنحاء البلاد في تحسين النظام الغذائي. في المجتمع الحالي، يعتمد الكثير من الناس على منافذ الوجبات السريعة لأنواع مختلفة من الأطعمة لذلك عندما تقوم هذه المنافذ بتحسين نظامها الغذائي فلا شك في أن المجتمع سيتم تأهيله لمعالجة المشاكل الصحية المتزايدة المرتبطة بارتفاع الكوليسترول في الدم. لقد كشفت الأبحاث التي أجراها Fuhrman (2018)  أن الأطعمة السريعة والتي تم مُعالجتها تحتوي على العديد من المواد الكيميائية والمكونات الاصطناعية غير المعروفة للعامة. ان هذه النتائج تساهم في الدراسات الحالية التي تفيد بأن الأطعمة السريعة والأطعمة المصنعة هي محددات صحية مهمة في المجتمع المعاصر. كما تؤكد النتائج أن تنظيم الأطعمة السريعة والأطعمة المصنعة يمكن أن يساعد في معالجة الأزمات الصحية الكبرى في مجتمعات محددة. لذلك، فإن مراقبة الأطعمة المعروضة في منافذ الوجبات السريعة قد تقلل من مخاطر تناول الأشخاص للأطعمة غير الصحية. من الواضح أن ذلك يساهم في الاستهلاك الكافي للأطعمة الصحية مما يؤدي إلى مجتمع صحي.

حملة توعية على مستوى المجتمع

يعود نجاح هذه الاستراتيجية بالكامل إلى حملة التوعية. فمن الواضح أن بعض الناس أقل احتمالية في تبني سلوك معين بغض النظر عن فوائده الصحية. ان استراتيجية النظام الغذائي الصحي هي نهج يعتمد على المجتمع ويتطلب مشاركة نشطة من الناس. ومما لا شك فيه أن زيادة مستوى الوعي حول فوائد النظام الغذائي الصحي في تنظيم مستويات الكوليسترول في الدم أمر مهم للوقاية من ارتفاع الكوليسترول في الدم والأمراض المزمنة والمضاعفات الصحية الأخرى المرتبطة بارتفاع الكوليسترول في الدم. على سبيل المثال، كشفت دراسة شملت الأمراض المزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري عن أهمية الوعي القائم على المجتمع مع التركيز على مخاطر بعض المواد الغذائية مثل الأطعمة السريعة والمُعالَجة (Gonde & Chimbari, 2019). توصل أصحاب الدراسة إلى أن نهج التوعية هذا يسمح للناس باستكشاف عاداتهم الغذائية وتغييرها لتحقيق نتائج صحية أفضل. يمكن لحملة التوعية على مستوى المجتمع استخدام وسائل الإعلام للوصول إلى العديد من الأشخاص في وقت أقصر. في العصر الرقمي، تعد منصات التواصل الاجتماعي ضرورية لزيادة الوعي العام حول المشكلة محل الاهتمام.

 

 

المراجع:

Ahmed, S. H., Meyer, H. E., Kjøllesdal, M. K., Marjerrison, N., Mdala, I., Htet, A. S., … & Madar, A. A. (2019). The prevalence of selected risk factors for non-communicable diseases in Hargeisa, Somaliland: a cross-sectional study. BMC Public Health19(1), 1-10.

Alexander, E., Rutkow, L., Gudzune, K. A., Cohen, J. E., & McGinty, E. E. (2021). Trends in the healthiness of US fast food meals, 2008–2017. European Journal of Clinical Nutrition75(5), 775-781.

Djuricic, I., & Calder, P. C. (2021). Beneficial outcomes of omega-6 and omega-3 polyunsaturated fatty acids on human health: An update for 2021. Nutrients13(7), 2421.

Duncan, M. S., Freiberg, M. S., Greevy, R. A., Kundu, S., Vasan, R. S., & Tindle, H. A. (2019). Association of smoking cessation with subsequent risk of cardiovascular disease. Jama322(7), 642-650.

Fatima, A. M. M. A. T. U. L., & Srivastava, S. A. N. G. I. T. A. (2017). Impact of fast food on health. International Journal of Applied Social Science4, 350-354.

Fuhrman, J. (2018). The hidden dangers of fast and processed food. American journal of lifestyle medicine12(5), 375-381.

Gershuni, V. M. (2018). Saturated fat: part of a healthy diet. Current nutrition reports7(3), 85-96. doi: 10.1007/s13668-018-0238-x.

Gonde, L. L., & Chimbari, M. J. (2019). Community awareness of diet needs associated with hypertension and type 2 diabetes mellitus in Hatcliffe, Zimbabwe. BMC Public Health19(1), 1-6.

Noncommunicable diseases. Who.int. Retrieved 13 April 2022, from https://www.who.int/data/gho/data/themes/noncommunicable-diseases.

Surampudi, P., Enkhmaa, B., Anuurad, E., & Berglund, L. (2016). Lipid lowering with soluble dietary fiber. Current atherosclerosis reports18(12), 1-13.

World Health Organization. Raised cholesterol. Who.int. Retrieved 13 April 2022, from https://www.who.int/data/gho/indicator-metadata-registry/imr-details/3236.