بقلم/ دكتور حسن الخضيري 

الصادرة من صحيفة سبق

مجلة الجودة الصحية – دينا المحضار 

 

هل أُصبت بوعكة صحية مؤخراً اضطررت معها لزيارة الطبيب؟ كم من الوقت قضى طبيبك على جهاز الكمبيوتر يقرأ ويراجع ويسجل المعلومات مقارنة بالوقت الذي تناقشتم فيه عن مرضك؟

يشتكي المرضى من أن الأطباء لا يقضون وقتًا كافيًا معهم وأنهم يقضون وقتًا أطول في التركيز على الكمبيوتر أكثر من التركيز عليهم، عندما لا يكون الاهتمام بالمريض، فإن الطبيب يفقد الإشارات غير اللفظية المهمة، يفقد القدرة على الانتباه والتواصل مع المرض، يصبح مشتت الذهن، يفقد الفرص لبناء علاقة وثيقة مع المريض، وبالتالي يقل التزام المريض وتتأثر النتائج ويقل الرضا.

يحتاج الأطباء بشكل متزايد إلى توثيق رعايتهم على الكمبيوتر، مما يتسبب في قضاء العديد منهم وقتًا أطول مع أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم مقارنة بمرضاهم.

تشير دراسة سويسرية إلى أنه مقابل كل ساعة يكرسها بعض الأطباء لتوجيه رعاية المرضى، قد يقضون حوالي خمس ساعات في مهام أخرى، غالبًا لأنهم مرتبطون بأعمال الكمبيوتر.

خلال فترة تلك الدراسة، أمضى الأطباء في المتوسط 1.7 ساعة في كل وردية مع المرضى، و5.2 ساعة باستخدام أجهزة الكمبيوتر، و13 دقيقة في القيام بالأمرين معًا، وفقًا لما ذكره فينجر وزملاؤه في دورية حوليات الطب الباطني.

خلال الورديات اليومية، قضى الأطباء حوالي 55% من وقتهم في الأنشطة المتعلقة بشكل غير مباشر بالمرضى، مثل كتابة السجلات الطبية، والتعاون مع الأطباء الآخرين، والبحث عن المعلومات اللازمة لعلاج المرضى وتسليم الرعاية إلى مقدمي رعاية آخرين.

قضى الأطباء حوالي 28% من نوباتهم اليومية على رعاية المرضى المباشرة (فحوصات سريرية، إجراءات طبية وجولات)، للأسف أمضوا حوالي 2% فقط من وقتهم في التواصل مع المرضى وأسرهم، وحوالي 6% من وقتهم إما في التدريس أو تلقي التدريب أو إجراء البحوث الأكاديمية، ووجدت الدراسة أن الأطباء يقضون ما يصل إلى 45% من وقتهم على أجهزة الكمبيوتر أثناء المناوبات.

أفاد بعض الأطباء أنهم يقضون ساعة إلى ساعتين كل ليلة في العمل بعد ساعات العمل، ويتكون في الغالب من عمل السجلات الصحية الإلكترونية.

للأسف الشديد أن السجلات الصحية الإلكترونية تشغل جزءًا كبيرًا من وقت الأطباء، مما يؤدي إلى وقت أقل مع المريض واحتياجاته، المضحك أن تلك الكمية الهائلة من الإلكترونيات وضعت لتحسين كفاءة وجودة رعاية المرضى.

من المثير للسخرية أن يقضي الأطباء عشر إلى عشرين عامًا على مقاعد الدراسة والتعلم ليقضوا بعد كل ذلك نصف وقت عملهم بالعمل ككتبة طبية.

لقد غيرت التطورات التكنولوجية بشكل جذري الطريقة التي تعمل بها صناعة الرعاية الصحية، إن الاختراقات الكبيرة في الحصول على البيانات، وأدوات البحث، والعلاجات أعطت مقدمي الخدمات الطبية والأطباء أدوات أكثر فاعلية، وطرقًا أكثر لعلاج مرضاهم، ومعلومات جديدة يمكنهم من خلالها ممارسة الطب.

التكنولوجيا جعلت العديد من جوانب الحياة أسهل، سواء في الحياة الواقعية أو في المجال الطبي، ولكن عندما يتعلق الأمر بالطب قد يجادل بعض المتخصصين أيضًا بأن بعض جوانب الوظيفة أصبحت أكثر صعوبة.

استخدام الكمبيوتر في الصحة اصبح أساسيًا بل ضرورة لإنجاز العمل وتحسين جودته وللتغلب على تذمر بعض المرضى من قضاء الطبيب الكثير من وقته على الجهاز، يجب أولاً الاستعداد من خلال مراجعة السجل الصحي الإلكتروني قبل رؤية المريض، جمع المعلومات وعدم تأجيل إدخال البيانات، مشاركة المريض في الوضع، الاستمرار في التواصل مع المريض بالعين من خلال النظر إليه أثناء حديثه كل دقيقة ليتأكد المريض أنه ما زال يحظى بالانتباه.

لقد حان الوقت الآن لتجاوز الشكوى من السجلات الصحية الإلكترونية ومتاعب الممارسة الأخرى وإجراء التغييرات اللازمة على نظام رعاية صحية سيعيد توجيه تركيز الفريق الصحي من شاشة الكمبيوتر إلى المريض ويساعد على إعادة اكتشاف متعة الطب، والسماح بقدر أكبر من التفاعل بين المريض والطبيب.

ختامًا.. إذا كنت ترغب في تثبيط عزيمة العامل فأخضعه لسياسات وإجراءات لا معنى لها.

فريدريك هيرزبرج عالم النفس الأمريكي

لسوء الحظ ، يتم تطبيق مبدأ هيرزبرج على نطاق واسع اليوم في الطب. لقد أدت التغييرات في أنظمة مدفوعات الرعاية الصحية واستخدام تكنولوجيا المعلومات والعلاقة بين الطبيب والمريض إلى إصابة العديد من الأطباء بالإحباط الشديد