بقلم/ د. اسماعيل محمد التركستاني

الصادرة من صحيفة البلاد

مجلة الجودة الصحية – دينا المحضار

 

 

ما هو المعيار الحقيقي للنجاح لدى الممارس الصحي الذي يعمل في الرعاية الصحية. الممارس الصحي، هو من فئة الأطباء، التمريض، الاخصائيين، الصيادلة ويشاركهم العمل ممن هم في القطاع الاداري. ما هو تعريف معيار النجاح؟ هو تحقيق ما تتطلع اليه ويكون هدف في مسيرتك المهنية. مثلا، هناك من الممارسين الصحيين، يجدون ان معيار النجاح مرتبط (فقط) بان يكون قائداً صحياً او مدير إدارة صحية او مدير منشأة صحية، هل هذا المعيار صحيح؟

خلال مسيرتي المهنية، كانت لدي قناعة (وقناعة العديد من زملائي ايضا) ان ابحث عن النجاح في كل اتجاه، وفي عمل لا يكون مرتبطا بكوني قائدا صحيا او مدير منشأة صحية. ففي زمن لم تكن مفردة (مبادرة) معروفة في الوسط المهني، وفي وقت لم تكن فيها فكرة استراتيجية مكافحة العدوى مبلورة وواضحة، وبعد حصولي على شهادة الدكتوراه (2006)، وعودتي الى العمل، كنت صاحب فكرة عمل ومخطط إنشاء إدارة مكافحة عدوى المنشآت الصحية بصحة المنطقة، الى جانب انني أنشأت أيضا قسماً لمكافحة العدوى بالمستشفى التي كنت اعمل بها وارسيت قواعد العمل في هذا الشأن (كل ذلك بفضل الله).

في كلا العملين المذكورين لم أكن مكلفا بأي عمل قيادي بصورة رسمية، بل كنت صاحب مبادرة وفكرة عمل ومخطط تقدمت بها الى القيادات الصحية بالمنطقة والمنشأة الصحية. إذن معيار نجاحي، انني كنت سببا في عمل يستمر حتى بعد مغادرتي للمكان ويستمر الى ما شاء الله.

رأيت معيار النجاح أيضا (حسب مفهومي)، في الكثير من اعمال زملائي في القطاع الصحي. ممارسين صحيين كانوا يعملون معي ضمن مجموعات عمل رائعة في مختلف المنشآت الصحية، وهم (الممارسين الصحيين) ليسوا على راس العمل كقيادات صحية. في المقابل، وجدت ان الممارسين الصحيين (بعض منهم) ممن وضعوا نصب اعينهم الوصول الى المراكز القيادية ليحققوا معيار النجاح الشخصي، وجدتهم يفشلون تماما في الوصول الى أهدافهم في النجاح والشعور بالسعادة في العمل. والدليل على ذلك، انهم يتركون مناصبهم القيادية (والحقيقة يتم اعفاؤهم) وهم يجرون خلفهم اذيال الفشل او كف يد بسبب قضايا فساد.

باختصار، العديد من الممارسين الصحيين ممن كان لهم تأثير إيجابي في حياتي المهنية كانوا شركائي في مسيرتي المهنية. شاهدت قائدا صحيا، اعفي من منصبه تاركا خلفه ارثا سلبيا. نعم، أدركت ان المعيار الحقيقي للوصول الى النجاح، ليس مرتبطا فقط بالجلوس على الكراسي القيادية. المعيار الحقيقي للنجاح (دائما) هو ان تترك خلفك بصمة عمل ايجابية وسيرة مهنية عطرة تتمثل في تأثيرك الإيجابي على من هم حولك وأداء العمل حسب المعايير المطلوبة.
استشاري وباحث في الشأن الصحي

[email protected]