الذكاء الاصطناعي في الصحة
الذكاء الاصطناعي في الصحة
اعداد: أ. ياسمين فيصل مرزا
مع تسارع التطور والتكنولوجيا في حياتنا التي كان الهدف منها تغيير حياة البشر للأفضل وتسهيلها أصبح الإنسان يفكر بحلول تخدمه بشكل أسهل وأسرع وعلى نطاق أوسع وكان من بين هذه الحلول والأفكار التي توصلت اليها البشرية عبر استخدام علوم الحوسبة تقنية الذكاء الاصطناعي واستخداماته و التي كان هدفها الرئيسي رفع جودة الحياة ولكن القليل منا على دراية بالذكاء الاصطناعي وماذا سيشكل في المستقبل وكيف سوف يخدم كافة مجالات الحياة والقطاعات والتي من أهمها القطاع الصحي.
عزيزي القاريء اذا كنت فقير المعرفة بالذكاء الاصطناعي والذي من أهم فروعه (تعلم الالة) فانت متأخر بالزمن ياعزيزي! لأننا في سباق تقني، هذا المجال سيغير العالم هذا المجال أصبح المحرك الرئيسي للتقنيات الأكثر تطورا والذي سيحدد بنسبة كبيرة مستقبل الحكومات واقتصادها. الذكاء الاصطناعي هو تقنية تحاكي الذكاء البشري على أداء المهام ويمكنه العمل مع قدر كبير من البيانات وتحليلها لاتخاذ القرارات المناسبة بناءا على المشكلة المراد حلها. والدافع الأكبر للبدء في استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الصحي وجود كمية كبيرة من المعلومات التي بالإمكان تحليلها واستخدامها لرفع جودة الخدمات الصحية.
دعونا نذهب في رحلة مع المريض سوف نجد وجود كثير من المشاكل التي تتطلب وجود مثل هذه التقنيات لحلها. تبدأ الرحلة من عدم توفر المواعيد الا بعد وقت طويل ثم تباعد الفترة الزمنية بين المواعيد، وساعات الانتظار الطويلة بالمستشفى في بعض الأحيان. في حين عند استخدام الذكاء الاصطناعي يمكن تقسيم حالات المرضى بناءا على الاهمية الى من يحتاج موعد حضوري في المستشفى ومن يمكنه استخدام التطبيب عن بعد، عندها سيقل الضغط على المستشفيات بدلا من انتظار ٦ اشهر على الموعد سيتقلص الفارق كثيرا. وعند تنويم المريض غالبا ما يعاني من كثرة دخول أعضاء الطاقم الطبي في أوقات مختلفة مما يشكل ضوضاء وعدم تمكنه من اخذ قسط من الراحة. ممكن حل هذه المشكلة عن طريق مراقبة المريض من الخارج باستخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بتدهور حالة المريض في الساعات القادمة واستدعاء التدخل الطبي.
اما بالنسبة للممارس الصحي فهو يعاني في كثير من الأحيان من ضغط عمل بسبب كثرة عدد المرضى، نقص في عدد الموظفين، كثرة البيانات التي يجب الاطلاع عليها لتحديد الخطة العلاجية المناسبة. استخدام هذه التقنيات تمكن من مساعدة الكادر الطبي في تشخيص الأمراض بدقة عالية وتوفير العلاج المناسب لكل مريض والحد من الأخطاء الطبية فيما سيساهم في تقليل التكلفة وتحسين تجربة المريض وتخفيف العبء على الممارس الصحي.
لنستفيد بقدر كبير من هذه التقنيات يجب علينا مواجهة بعض التحديات والتغلب عليها. لو عدنا للوراء قليلًا سنشاهد أنه منذ الازل القرارت في الرعاية الصحية مبنية على البشر واستخدام مثل هذه التقنيات قد يشكل الخوف والقلق بعض الشيء، من المشاكل الواردة المساءلة، الشفافية، الحصول على الموافقة، الخصوصية. لنبدأ بالشفافية كونها اكثر عامل صعب، فعند استخدام بعض خوارزميات تعلم الالة فإنه من الصعب تفسير قراراتها حتى لو كان القرار صحيح. ففي المجال الصحي من المهم معرفة طريق التوصل للتشخيص ومن ثم العلاج. لكن من وجهة نظري الشخصية عند استخدام الذكاء الاصطناعي فقط لمساعدة الكادر الطبي بإعطاء اقتراحات سنتمكن من تقليص هذه المشكلة. ثانيا المساءلة، في مثل هذه التقنيات هناك احتمالية حدوث أخطاء ولكن يمكن تقليص نسبة الأخطاء عن طريق تدريب واختبار النموذج وقياس أداءه قبل استخدامه على أرض الواقع.
اذا اردنا فعلا تطبيق هذه التقنيات في المجال الصحي فمن الضروري ان تبدا الإدارات في مؤسسات الرعاية الصحية باظهار التأييد والدعم بتطبيق سياسات وبروتوكولات تساعد على تشكيل نظام لمراقبة القضايا الرئيسية وتحديد طريقة معينة لمواجهة التحديات وحل المشاكل. يجب أيضا البدء بدمجها مع الملف الطبي الالكتروني. ولنتمكن من إنشاء حلول عن طريق الذكاء الاصطناعي يجب ان نكون فريق متعاون من مختلف التخصصات التقنية والصحية و الإدارية لنتمكن من إنتاج خوارزميات تعلم آلة ناجحة. يجب أيضا زيادة الوعي بأهمية البحث العلمي التي من شأنها زيادة الثقة في مثل هذه التطبيقات وتحسينها وتطويرها وتطبيقها بشكل آمن وفعال. بما أن الدراسات تشير إلى أن الذكاء الاصطناعي سوف يحدث ثورة تقنية كبيرة في هذا المجال من الضروري أخذ الخطوات اللازمة لتطبيقه.
الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية لن يحل مكان مقدمي الرعاية الصحية ولكن سيزيد من انتاجيته لرعاية المرضى بتوفير الوقت والجهد، وحل الكثير من المشكلات التي تواجهنا . ومن هذا المنبر أدعو كل من يهمه الأمر الى الاطلاع على أبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التخصصات المختلفة لنتمكن من احداث الفارق وان نكون جزء من التحول الصحي في المملكة العربية السعودية.
المراجع: