[tabs type=”horizontal”][tabs_head][tab_title]مقتطفة[/tab_title][/tabs_head][tab][author ]العقيد طبيب\ د. خـالـد بن يـوسـف مـطـر

الطبيب الشرعي بالخدمات الطبية بالأمن العام [/author]الصادرة من مجلة امنون

الجودة الصحية – اعداد: دينا المحضار[/tab][/tabs]

 

*الطب الشرعي يسخر المعلومات الطبية في تفسير المسائل القانونية التي تنظر أمام القضاء.

*الطب الشرعي يؤكد مفهوم المقولة بأنه لا توجد جريمة كاملة .

مقدمة:

إن مصطلح الطب الشرعي أو علم الأمراض الجنائي أو طب القانون جميعها مسميات لأحد أفرع أو تخصصات الطب والتي تعنى بالحالات الطبية والتي لها طابع  جنائي، أو قضايا جنائية تحتاج إلى تفسير طبي.

ويمكن تقسيم الطب الشرعي من الناحية النظرية إلى قسمين:

الطب الشرعي الإكلينيكي:

ويشمل جميع قضايا الطب الشرعي الخاصة بالأحياء:

(الإصابات دون القتل بأنواعها – العنف ضد الأطفال – الاعتداءات الجنسية – تحديد السن – تحديد نسبة العجز في إصابات العمل00000)

الطب الشرعي التشريحي (المرضي):

ويشمل جميع قضايا الطب الشرعي الخاصة بالوفيات

(القتل العمد – القتل الخطأ – الانتحار – استخراج الجثث – الإستعراف0000).

إلا انه يصعب تقسيم الطب الشرعي عمليا وذلك نظرا لتداخل القضايا فيما بينها فعلى سبيل المثال:

عند وقوع إصابات نتيجة لشجار فانه ليس من المستغرب أن تتطور إلى حد القتل العمد، كما أن القضية قد تكون انتحارا نتيجة لاعتداء جنسي، أو قضايا الاستعراف كنتيجة لقضايا إصابات العمل00 وهكذا.

تجدر الإشارة إلى أن مصطلح الطب الشرعي يعني بان من يقوم بهذه المهنة هو في المقام الأول طبيب عام ومن ثم التحق بأحد البرامج الاختصاصية في الطب الجنائي أو الطب الشرعي تؤهله للقيام بهذه المهمة.

وكونه فرع من فروع الطب يفسر الشق الأول من الاسم، أما الشق الثاني (الشرعي) فيرجع إلى أن هذا العلم يسخر المعلومات الطبية لدى العاملين بهذا المجال في تفسير المسائل القانونية التي تنظر أمام القضاء والشرع ومن هنا كانت التسمية (الطب الشرعي).  ورغم أن هذا العلم هو أحد التخصصات الطبية إلا أنه يتوجب على المشتغلين به أن يتمتعوا بخلفية ممتازة عن كافة التخصصات الطبية الأخرى حيث أن المسائل القانونية والقضايا الجنائية التي يطلع عليها الطبيب الشرعي  يمكن أن تشتمل على أي تخصص من  التخصصات الطبية المختلفة .

وتشتمل دراسة الطب الشرعي على دراسات لعلم الأمراض والعلوم الطبية الشرعية المساعدة مثل علم السموم والمخدرات وعلم الكيمياء الطبية الشرعية وعلم البصمات وعلم الوراثة الجينية  وعلم فحص الأسلحة النارية.

 

  مهام الطبيب الشرعي:

معاينة مسرح الجريمة وإجراء الكشف الظاهري.

تحديد سبب الوفاة من خلال إجراء الصفة التشريحية على جميع الوفيات المشتبهة.

الكشف على المصابين و قضايا العنف الأسري والعنف ضد الأطفال.

الكشف على الاعتداءات الجنسية.

تحديد نسبة العجز في قضايا إصابات العمل.

المشاركة في قضايا الأخطاء الطبية.

تحديد السن.

الاستعراف على جثث مجهولي الهوية أو الجثث المشوهة وكذلك الهياكل العظمية والرفات.

 

بعض التخصصات ذات العلاقة بعلم الطب الشرعي

الطب الشرعي النفسي                                            Forensic Psychiatry

الطب الشرعي الإشعاعي                                Forensic Radiology         

طب الأسنان الشرعي                                               Forensic Dentistry

علم الإنسان                                                                  Anthropology

علم الحشرات                                                              Entomology    

علم الوراثة والبصمات الجينية                                                       D N A

علم السموم والمخدرات                                  Toxicology                     

علم الكيمياء الجنائية                                            Forensic Chemistry  

علم الأسلحة والأعيرة النارية                                Weapons and Firearm

 

الطب الشرعي عبر التاريخ و نشأته

تعريف الطب الشرعي:

هو أحد التخصصات الطبية الدقيقة والذي يتناول الآثار القانونية المترتبة على الرعاية الصحية الغير سليمة أو الممارسات الطبية الخاطئة وتحديد وتفسير أسباب المرض أو الإصابات التي يمكن ان تودي للعجز أو الوفاة من خلال تطبيق المعلومات الطبية على القضايا الجنائية والتي توثر على الأرواح والأعراض والممتلكات.

الطب الشرعي ما قبل القرن 17 ميلادي:

لم يظهر الطب الشرعي كتخصص منفصل وقائم بذاته إلا في العصر الحديث مع النهضة العلمية في مختلف التخصصات وخصوصا علم القانون،  وتحديدا في أواخر القرن 18 وبدايات القرن 19 ميلادي.

ففي العام 300 ق.م كتب الصينيون القدماء العلاقة بين القضايا الجنائية وممارسي مهنة التداوي بالأعشاب (الأطباء)، وقد تم اكتشاف قطع خيزران تعود إلى تلك العصور نقشت عليها القواعد والأسس لفحص المصابين والكشف عن الإصابات.

إلا أن العلاقة بين الطب والقانون تعود إلى أقدم من ذلك بكثير وتحديدا إلى العصر البابلي إبان حكم حمورابي الذي سن حقوق وواجبات الممارس الصحي وعقوبات الأخطاء الطبية (قانون حمورابي).

أما الحضارة الفرعونية والتي برعت في علم التحنيط ما كان ذلك إلا فرع من أفرع الطب الشرعي فضلا عن بعض المخطوطات والتي أسهبت في كيفية التعامل مع الجروح والإصابات. وفي الهند، كتب الفلاسفة الهنديين في عام 10 ق.م القوانين والشروط الصحية التي يجب توافرها في الشاهد لكي تقبل شهادته أمام القضاء والتي مازال يعمل بها حتى الآن. أما في اليونان فلم يكن مصرحا بإجراء الصفة التشريحية على الجسم البشري لمعتقدات دينية حتى أواخر القرن السابع عشر الميلادي.

الطب الشرعي في القرن 18 ميلادي:  

في عام 1840م كتب توماس ستوارت ترل (Tomas Stuart Traill) العلاقة بين الطب والقانون وكان ذلك أول ظهور لعلم الطب الشرعي في العصر الحديث، فقد سمي في بريطانيا بالطب الشرعي، وتم تسميته في ألمانيا بطب الدولة، بينما أطلق عليه في ايطاليا وفرنسا طب القانون.

وفي أواخر القرن 18 ميلادي بدأت كتابة المراجع العلمية لهذا التخصص الوليد في بريطانيا والتي أعيد طباعة بعضها بالتقنيات الحديثة ومازالت تعد أمهات الكتب والمراجع في وقتنا الحاضر.

وفي عام 1789م بدأت كلية الطب بجامعة ادنبرا باسكتلندا بتدريس طلبة الكلية أسس وقواعد هذا التخصص إلا أن التدريس كان مبنيا على موروثات من العصر القديم. 

وقد كان العالم جورج ميلز (George Male’s) من مدينة برمنجهام ببريطانيا الأب الروحي لهذا العلم حدث كتب أول كتاب في هذا التخصص في عام 1816م.

وفي عام كانت الانطلاقة الحديثة في تخصص الطب الشرعي كأحد التخصصات الدقيقة في المجال الطبي من جامعة جلاسكو بمدينة جلاسكو بمقاطعة اسكتلندا بالمملكة المتحدة في عام 1839م عندما خصصت الجامعة كرسي بحثي لهذا التخصص الوليد.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن من أوائل علماء هذا التخصص في العصر الحديث

البروفيسور جون جوردن سميث   (John Gordon Smith)    (1773م – 1832م )

البروفسور جورج ادورد ميلز   (George Edward Male’s)   (1779م – 1845م )

 

 

الطب الشرعي في القران الكريم:

وقد جاء ذكر شرح واضح لدور الطب الشرعي في آيات القرآن الكريم ، ففي سورة البقرة روت الآيات الكريمة قصة قتيل بني إسرائيل وكيف تم فضح أمرهم الاية (72،73)

 g وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا ۖ وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَg فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا ۚ كَذَٰلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَىٰ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُـونَg

 

وإن كانت هذه القصة هي من معجزات سيدنا موسى عليه السلام التي أظهرها الله عز وجل لبني إسرائيل، إلا أنها وفي نفس الوقت دلالة بان الله سبحانه وتعالى وهو القادر على كل شي سبب الأسباب لإظهار ملابسات جريمة القتل تلك، ولعل الطب الشرعي من هذه الأسباب في عصرنا الحديث.

وفي سورة يوسف الآية (17،18) سردت الآيات قصة سيدنا يوسف مع إخوته وكيف أرادوا التخلص منه والحيلة التي دخلوا بها على أبيهم يعقوب عليه السلام.

g قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَـا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُـفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ ۖ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَـادِقِيـنَg وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِـهِ بِدَمٍ كَذِبٍ ۚ قَالَ بَلْ سَـوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُـمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْـرٌ جَمِيـلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَـانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُـونg

 

وهذا يدل على أن يعقوب  عليه السلام عندما أمسك بقميص يوسف علم أن الدم الذي عليه ليس من دم يوسف عليه السلام، ومن المعروف علمياًٍ أن هناك فروقاً كثيرة بين الدم الآدمي والدم الحيواني.

والموضع الآخر عندما أدعت امرأة العزيز على يوسف عليه السلام بأنه حاول الاعتداء عليها وعندئذٍ شهد شاهد من أهلها، كما ذكرت والآيــــات رقم (28،27،26،25)    من نفس السورة الكريمة.

g وَاسْتَبَقَـا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَـا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ۚ قَالَتْ مَا جَـزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذـَابٌ أَلِيـمٌg قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي ۚ وَشَهِـدَ شَـاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَـا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُـوَ مِنَ الْكَاذِبِينَg وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَg  فَلَمَّا رَأَىٰ قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ ۖ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيـــمٌg

 

وهذه القصة من أكبر الدلائل على أهمية الطب الشرعي في كشف غموض وحل المسائل الجنائية المعقدة فتعيين الموضع الذي شق منه قميص يوسف كان هو الدليل على براءته من التهمة التي ألصقتها به امرأة العزيز زوراً وبهتاناً.

 

الخاتمـــة:

إن الطب الشرعي كمهنة طبية وفي نفس الوقت هي احد روافد تحقيق العدالة القضائية، يجب أن يوضع في مكانته الطبيعية من خلال دعم البحث والتعليم في هذا المجال وتشجيع حديثي التخرج على الالتحاق بهذه المهنة المقدسة، وإعطاء منسوبي هذا التخصص الإمكانيات الحديثة اللازمة لممارسة المهام المنوطة بهم وتحفيز الممارسين لهذه المهنة ماديا ومعنويا. ولا يتأتى ذلك إلا بصياغة تنظيم خاص لمهنة الطب الشرعي وتحديد علاقته بجميع التخصصات ذات العلاقة سواء كانت أمنية أو تحقيقيه أو قضائية .