[tabs type=”horizontal”][tabs_head][tab_title]مقتطفة[/tab_title][/tabs_head][tab]الصادرة من – مركزأسبار الدراسات والبحوث والاعلام

الجودة الصحية إعداد – عبدالرحمن البليهشي[/tab][/tabs]

المحور السادس

الخدمات الطبية والتأمين الطبي في المملكة الإشكالات والحلول

المدخل العام:

عرضت د. سامية العمودي ورقة عمل حول قضية: الخدمات الطبية والتأمين الطبي في المملكة الإشكالات والحلول. وفي البداية، أشارت د. سامية العمودي إلى أن مقدمة تشريع منظمة الصحة العالمية للعام 1946 تعرّف الصحة بصورة عامة على أنها “حالة من اكتمال السلامة البدنية والعقلية والرفاه الاجتماعي وليس مجرد غياب المرض أو العجز”. كما يعّرف التشريع الحق الصحي على أنه “الاستمتاع بأعلى مستوى من الصحة يمكن تحقيقه”. كما أن مبادئ الشريعة وقيم القانون الإسلامي تؤكد على حق التمتع بالصحة بالإضافة إلى أن المعاهدات والاعلانات العالمية قد أولت اهتماما خاصاً بحق الناس في الحصول على الرعاية الصحية. وكجزء من النظام الأساسي للمملكة العربية السعودية، – الصادر بالأمر الملكي رقم أ /90 وتاريخ 27/8/1413هـ  أشارت المادة 31 منه إلى حق الحصول على الرعاية الصحية وأعلنت “أن الدولة ترعى شؤون الصحة وتوفر الرعاية الصحية لكل مواطن”. ويتضح هذا الاهتمام الكبير بالرعاية الصحية كأولوية كبرى في زيادة مخصصات وزارة الصحة من ميزانية الدولة، والتي بلغت حوالي (55) مليار ريال وهو ما يعادل (7%) من ميزانية الدولة لعام 1434هـ.

وفيما يلي مضمون ورقة د. سامية العمودي والتي تناولت فيها الخدمات الطبية والتأمين الطبي في المملكة من عدة زوايا جديرة بالاهتمام.

نظام الرعاية الصحية في المملكة:

هو نظام وطني لتقديم خدمات الرعاية الصحية المجانية للمواطنين من خلال عدد من الوكالات الحكومية مع تنامي دور ومشاركة القطاع الخاص حالياً. وهناك عدة قطاعات معنية بتقديم الرعاية الصحية في المملكة، مثل:

  • وزارة الصحة
  • القطاعات الأمنية (وزارة الحرس الوطني، وزارة الدفاع، والأمن الداخلي)
  • الجامعات
  • القطاع الخاص

بلغ عدد المستشفيات في عام 1433هـ (435) مستشفى، ويساهم قطاع وزارة الصحة بنسبة (61%) من إجمالي عدد المستشفيات، والقطاع الخاص بنسبة (31%)، والقطاعات الحكومية الأخرى بنسبة حوالي (8%).

 التحديات:

التحديات التي تواجهها الرعاية الصحية في المملكة كبيرة وهي نتاج تراكمي لعقود ومن ثم أصبحت بحاجة إلى حلول على قدر هذه التحديات، وقد استطاع القطاع الصحي التغلب على بعض التحديات مما نتج عنه السيطرة على معدل انتشار الأمراض المعدية، وشغلت المملكة دوراً متقدماً بين الدول في إدراج التحصينات، وتحتل الآن المملكة المركز التاسع عالمياً من حيث نسبة التغطية بالتطعيم، من أهم هذه التحديات والتي هي تحديات يواجهها العالم العربي ككل وخاصة في ضوء المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الراهنة:

  • الزيادة المطردة في تكلفة الرعاية الصحية، وتحديات ضمان الجودة.
  • الزيادة في عدد السكان.
  • ارتفاع نسبة المواطنين المسنين.
  • التغيير المستمر في نمط الأمراض.
  • انتشار الأمراض المزمنة والغير وبائية مثل السكري وأمراض القلب والأورام.
  • مركزية القرار.
  • عامل القوى البشرية المؤهلة وهذا عامل رئيس إذ أن هناك ندرة في الموارد الصحية البشرية من أطباء، وصيادلة، وتمريض رغم مرور ما يزيد على أربعة عقود من إنشاء الكليات الطبية.
  • الخلل في التوازن بين ما يصرف على الوقاية وما يصرف على العلاج لضعف مفهوم الوقاية، وهذا مصحوب بارتفاع وعي المجتمع وثقافته الصحية.
  • هناك تحدي آخر يمثل عبئاً وتحدياً للمملكة دوناً عن بقية الدول وهو التزام المملكة بتقديم خدمات صحية لعدد ضخم من الحجاج والمعتمرين.

الحلول:

تتركز الجهود على إيجاد حلول ثلاثة رئيسة لتحسين الوضع وذلك بالعمل على إيجاد حل لطول فترة الانتظار والنقص في عدد الأسرة والتفاوت في مستوى الخدمة.

ولخص أ.د زهير السباعي الحلول في كتابه “الرعاية الصحية  .. نظرة مستقبلية” وتشمل ما يلي:

1- التخطيط الصحي المبني على الإحصاء الحيوي.

2- التخلص من المركزية.

3- تأهيل القوى البشرية الصحية.

ويرى أ.د زهير السباعي في كتابه المذكور وهو الخبير المتخصص، أن التخطيط الصحي ينبغي أن تصاغ أهدافه بناء على الإحصاء الحيوي وبخاصة معدلات الأمراض والوفيات، ومثال على ذلك الانخفاض بمعدل وفيات الأطفال الرضع أو وفيات الأمهات الحوامل أو معدل الإصابة بالأمراض مثل السل والبلهارسيا أو السرطان أو السكري أو ضغط الدم وحوادث الطرق، وعدم الاعتماد فقط على الموارد الصحية مثل عدد المستشفيات، والأسرة، والأطباء، وميزانية الصحة، فجميعها مؤشرات للمستوى الصحي أو قاعدة للتخطيط السليم.

وأشارت د. سامية العمودي إلى أنها سبق وأن اقترحت في تغريدة لها أن يتم تقسيم عبء وزارة الصحة على عدة مجالس ويكون الارتباط بالوزير في السياسات العامة ويعطى كل مجلس صلاحيات كاملة وميزانيات حسب احتياج كل منطقة. وقالت د. سامية: ولربما يحضرني هنا اقتراح د. الجازي بتوزيع بعض المسؤوليات على حسب المناطق الإدارية الثلاثة عشر في المملكة ، هذا التفكيك يقلل المركزية ويزيد التركيز ويرفع الجودة والمنافسة والناتج سيكون أكثر قدرة في مخرجاته الصحية على استيعاب تحديات كل منطقة وتناولها بشكل منفرد مما يسهل العملية الإصلاحية لما سبق وتراكم من مشكلات على مدى عقود.

 التأمين الصحي في المملكة:

التأمين الصحي هو وسيلة وأداة لتحويل الإنفاق المادي الذي يأتي من ممولي الخدمة الصحية (الدولة، الشركات وأرباب العمل في القطاع الخاص، والأفراد) إلى خدمة صحية للمرضى (سواء كان ذلك في شكل عملية جراحية، أو زيارة للعيادة الخارجية أو الطوارئ، أو عمل فحوصات أو أشعات أو تحاليل إلخ) .

بدأ التأمين الصحي في المملكة من سنوات قليلة لتخفيف الضغط على المستشفيات الحكومية، وصدر الأمر الكريم رقم (م/10) بتاريخ 1/5/1420هـ بالموافقة على “نظام الضمان الصحي التعاوني”، وموافقة مجلس الوزراء الموقر رقم (71) وتاريخ 27/4/1420هـ الموافق 11/8/1999م.

يتوقع أن يصل حجم سوق التأمين الصحي في السعودية إلى أكثر من 21 مليار ريال سعودي بنهاية العام الميلادي الحالي، ومن الثلاثين مليون نسمة الذين يعيشون في المملكة، هناك أكثر من 8 ملايين نسمة هم (ثلث مواطنون وثلثان مقيمون) مشتركون في الضمان الصحي.

وكما يصفه الكاتب د. عبد الإله الهوساوي خبير الجودة الصحية ومهتم بالأنظمة الصحية والتمويل الصحي فإن التأمين يكون أداة إيجابية إذا استعمل كوسيلة لتحسين الجودة وذلك عن طريق ربط تعويض مقدمي الخدمات الصحية (مستشفيات وغيرها) بالمخرجات الصحية للحالات التي يعالجونها، وإذا استخدم التأمين كوسيلة لزيادة الفعالية والتقليل من الهدر ويكون التأمين (أداة سلبية) إذا ترتب عليه زيادة الإنفاق السنوي على الخدمات الصحية.

واجه نظام الضمان الصحي التعاوني في بداية تطبيقه عدة معوقات وتحديات مثل عدم كفاية البنية التحتية لدى مقدمي الخدمات الصحية، بجانب تدني مستوى الوعي التأميني وهذا ما كنا نواجهه كأطباء ممارسين على رأس العمل. إلا أن مجلس الضمان الصحي التعاوني قام بالعمل على التغلب على هذه المعوقات ووضع خطط العمل اللازمة للبدء بالتطبيق والذي بدأ فعلياً في 15/7/2006م.

ويبلغ عدد المؤمن عليهم تقريباً 60% من المقيمين في البلاد المقدر عددهم بأكثر من 8 ملايين، وكذلك عدد المؤمن عليهم من السعوديين تقريباً 45% من السعوديين في القطاع الخاص وممن يعولونهم.

يتضح من تجربة التأمين عندنا بعض الأمور الهامة منها: عدم شمولية التأمين فكثير من الحالات لا يتم تغطيتها مما لا يفي باحتياجات المواطن، كما أن سقف التغطية محدد وبالتالي إذا بلغ المواطن هذا السقف عاد إلى استخدام مرافق الدولة الحكومية، وهذا يضاعف كلفة الخدمة ويمتد هذا أكثر ما يكون إلى علاج الأمراض المستعصية، والتي هي أصلاً ذات تكاليف عالية، أيضاً هناك شكوى مقدمي الرعاية الصحية من تأخر شركات التأمين في تسوية المطالبات التأمينية، مما يؤثر على أداء المستشفيات ويمثل عبئاً عليها، كما أننا من تجاربنا في العمل بالمستشفيات نلاحظ أن بعض مقدمي الرعاية الصحية يميزون في تقديم الخدمة، وتعطى أفضلية لدافعي النقد من الأفراد على حاملي وثائق التأمين.

يرى البعض أن الحل هو في التأمين الشامل لجميع الأفراد، خاصة ممن لم يشملهم التأمين من قبل مثل فئات موظفو الخدمة المدنية، والمتقاعدين والمستفيدين من الضمان الاجتماعي، بينما يرى بعض الخبراء مثل د. الهوساوي أن الحل في التمويل الصحي، وليس التأمين الصحي، وهي عملية ذات محاور ثلاثة ، تشمل استدرار الإيرادات اللازمة للصحة، تجميع الموارد من مصادرها المختلفة ، وأخيراً شراء الخدمات الصحية.

ختاماً تظل الرعاية الصحية في المملكة بحاجة إلى معالجة جذرية، ويتضح أن مستوى الصحة في المجتمع لا يعتمد على عدد الأطباء والأسرة وميزانية الصحة، بقدر ما يعتمد على أسلوب إدارة الرعاية الصحية، والإفادة المثلى من الموارد الصحية، وكيفية تحديد سلم الأولويات، ومدى تحقيق التوازن بين ما يصرف على الرعاية العلاجية والرعاية الوقائية.

الخدمات الطبية والتأمين الطبي في المملكة: الواقع والإشكالات الراهنة

ناقشت التعقيبات والمداخلات حول ما تضمنته ورقة د. سامية العمودي العديد من الإشكالات المرتبطة بواقع الخدمات الطبية والتأمين الطبي في المملكة. وفي هذا الإطار عقبت د. عائشة حجازي بقولها: شكلت التنمية الصحية محور كبير من محاور اهتمام الدولة في جميع خططها التنموية ولم يكن ذلك من عهد قريب فمنذ تأسيس المملكة لم يكن هناك مرافق صحية بالمفهوم الصحيح وعندما دخل الملك عبدالعزيز رحمه الله  إلى الحجاز أمر بإنشاء دائرة الصحة في مكة المكرمة عام ١٩٢٦م ، وتم تغيير المسمى بعد ذلك إلى مديرية الصحة العامة والإسعاف وصدر عنها عدة أنظمة مثل: (ترخيص الأدوية – علاج المرضى – الوفيات – الاحصائيات العامة التي تشمل شؤون المرضى بكل ما فيها).

ومنذ ذلك الحين حرصت المملكة على الخدمات الصحية وتنميتها مع ظهور عدة متغيرات مؤثره مثل: (زيادة عدد السكان – ارتفاع مستوى الوعي الصحي – زيادة ظهور الأمراض الوبائية – زياده تكاليف الرعاية الصحية والكثير من المتغيرات الأخرى) .

وقد تناولت العديد من الدراسات والأبحاث الخدمات الصحية في المملكة وأثرها على الاقتصاد السعودي وتناولتها العديد من النقاشات في مركز الحوار وفي أغلب الملتقيات العلمية والفكرية خاصة أن ميزانية الصحة تعتبر من أكبر الميزانيات على مستوى جميع الوزارات في المملكة. وبالرغم من ذلك نجد أنها تعاني من عدم الاستقرار وتواجهها تحديات كبيرة.

وأشارت د. عائشة حجازي إلى أن القطاع الطبي الخاص أصبح تجارة رابحة كونها تعتمد على كادر طبي غير مؤهل ويديرها أسماء لامعة بدون أي خلفية إدارية أو إنسانية. كما أن ما نراه في المستشفيات والمراكز والعيادات الطبية غيض من فيض ..مما يوجد في العيادات والمستشفيات النفسية ممن لا يستطيعوا أن يدافعوا عن أبسط حقوقهم.

وتعتقد أ. فاطمة الشريف أن هناك اشكالية في القطاع الصحي تتضح للجميع وهي: ارتفاع تكلفة العلاج في معظم مستشفيات القطاع الخاص والتي قد تعزى في بعض الأحيان إلى ارتفاع سعر العمالة المتخصصة ، و التطور التكنولوجي السريع ورغبة تلك الجهات في الحصول على الأجهزة الطبية الحديثة بتكاليف باهظة تعود على ارتفاع أسعار العلاج والخدمة المقدمة للمريض والربح المادي السريع ، وقد تساهم شركات التامين في الحد ولو قليلا من تلك التكلفة ، ويلاحظ عدم وجود الكثير من المراكز المتخصصة كما في الولايات المتحدة وكندا والعالم المتقدم كبديل للمستشفيات الخاصة. فالمركز المتخصص تنشئه في العادة مجموعة من الكفاءات الطبية في تخصص واحد بحيث يكون المركز تشخيصيًا وعلاجيًا مما قد يعزز الكفاءة والخدمة المقدمة للمريض ويقلل من الأخطاء الطبية ، وتبقى نقطة أخرى مهمة وهي أن غالبية الأمراض المزمنة أو المستعصية الحديثة لا توجد لها أقسام في المستشفيات أو مراكز متخصصة باستثناء الجمعيات الخيرية التي تقدم الدعم والمساندة للمرضى على سبيل المثال لا الحصر ( الزهايمر ، إعاقة الأطفال ، التوحد ) وغيرها كثير من الجمعيات التي تأسست وتنحصر خدمات البعض منها على حملات التوعية فقط .

وترى أ. فاطمة الشريف كذلك أن أغلب المستشفيات الحكومية أو الخاصة تدار عادة من  قبل الأطباء، وهم غير مؤهلين اداريا ، وهذا ينعكس سلبا على أداء المستشفى ومستوى الخدمات المقدمة فيه وعلى الخطط المستقبلية التي تضعها تلك الإدارة كما تنعكس على الأطباء العاملين في تلك البيئة مما يجعلها بيئة عمل طاردة لهم. وقالت د. سامية العمودي الإشكالية أنهم إما أطباء بلا خبرات أو ملكات إدارية وإما إداريين بدون خلفية طبية ..  نغفل دور التخصص هناك خريجوا إدارة مستشفيات وخبراء تخطيط واستراتيجيات طبية لماذا لا يستفاد منهم ولماذا لا نشجع هذه التخصصات التي نحن بأمس الحاجة لها. وبدورها عقبت أ. فاطمة الشريف بقولها: فعلا تخصص إدارة المستشفيات يغفل عنه تماما في اختيار مدراء الجهات الصحية.

وأشار د. عبدالسلام الوايل إلى أنه وفيما يخص تأهيل الموارد البشرية في القطاع الصحي، من الغريب أنه و حتى 2004 لم يكن في المملكة إلا كلية صيدلة واحدة. من الواضح أن القطاع الصحي معقد جدا و محاولات إصلاحه تتعثر باستمرار.

وعلق د. مسفر السلولي على ورقة د. سامية العمودي بقوله: تمنيت لو تطرقت الورقة لنماذج من الأنظمة الصحية المتطورة سواء إقليميا أو عالميا وكيف تغلبت هذه الأنظمة على المشكلات الصحية. وهل التأمين الصحي للمواطن موجود في جميع أو معظم البلدان المتقدمة؟

وتطرقت أ. ليلى الشهراني إلى أن وزارة الصحة من الوزارات المثقلة بالأمراض الإدارية والتنظيمية وتعاني من متلازمة الأخطاء الطبية المتكررة بشكل لافت في السنوات الأخيرة . عندما ننظر لتوزيع المستشفيات الكبيرة نجد أن مناطق الأطراف تعاني من بعض الإهمال بينما هم أكثر من يقطع الأميال بالسفر للذهاب لمواعيد أسبوعية أو حتى شهرية. ومن ناحية أخرى فإن متوسط أعمار أغلب مستشفياتنا ما بين الأربعين إلى الخمسين عاما ، ومع تزايد المد السكاني لم تعد تحتمل زيادة عدد المراجعين والمراجعات مما أدى إلى تكدسهم في صالات الانتظار لنصف يوم وتأخر مواعيدهم العلاجية مما أثر على صحة بعضهم ، وقد يتجاوزها من يملك المال للذهاب للمستشفيات الخاصة والتي أصبحت لا تختلف عن الحكومية بكثرة الزحام وطول الانتظار. العلاج والتعليم حق من حقوق المواطن ، لكن سوء الخدمة وسوء الأمانة جعلت هذا المواطن البسيط يستجدي العلاج في بلده ، هذا يطلب سرير ، وذاك يطلب نقلا لمستشفى متخصص ، وتلك أرهقتها أدوية الضغط والسكر والقلب والتي تشتري بعضها بسبب تباعد مواعيدها . في عهد الملك عبدالله رحمه الله ، كان الحديث عن مدن طبية في الشمال والجنوب ، كانت بشرى رائعة وقتها لكن أين هي ؟ المستشفيات الحكومية لم تعد بيئة جاذبة للكفاءات الطبية بل أصبح معظم الأطباء لهم عياداتهم الخاصة ، فتجد أن موعدك الذي يستغرق سنة مع هذا الطبيب أو ذاك قد يكون بعد يوم أو يومين في عيادته ! بعض المستشفيات تعاني إهمال في النظافة و في التعامل مع المرضى ، ورأينا بأعيننا الفئران والحشرات الضارة وسوء النظافة أين ذهبت بنا (كورونا مثال) .

وأوضح م. حسام بحيري في مداخلته أنه ومن واقع نظرة القطاع الخاص للقطاع الطبي ككل في السعودية فإن القطاعات الطبية تنقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسة:

  • القسم الأول: هو القطاع الطبي الحكومي ويرمز إليه دائما بال MOH وهو يعتبر متوسط القدرة من ناحية نوعية الكادر الطبي والتجهيزات الطبية الموجودة وعامة يوجد لديه نقص مالي مستديم.
  • القسم الثاني: هو القطاع الطبي العسكري وهي التي تتبع المؤسسات العسكرية وهي أفضل القطاعات الصحية من ناحية التجهيز وتأهيل الكادر الطبي وتدريبه، عادة لديهم “شح” مالي ولكن دائما يوجد لديهم ميزانية للإنفاق على شراء أجهزة طبية متقدمة وتقديم خدمات طبية عالية المستوى وكوادره الصحية تحتوي على أفضل أطباء وفنيين ومختصين في القطاع الطبي السعودي.
  • القسم الثالث: هو القطاع الطبي الخاص وهي تتكون من جميع القطاعات الطبية الأهلية من مستشفيات ومستوصفات PRIVET وهو الأسوأ عامة من ناحية أهلية الكوادر الطبية والتجهيزات الطبية وهو عامة فقير، معظم أجهزتهم الطبية تم شرائها مستخدمة وتعاني من افتقار التكنولوجيا الحديثة وكوادرهم الطبية سيئة، وبالكاد تكون مؤهلة، ولكن هناك مؤسسات صحية خاصة مرموقة ولكنهم دائما الاستثناء.

ومن وجهة نظر م. حسام بحيري فإن المشكلة الرئيسة تكمن في القطاع الطبي الحكومي ال MOH وهو الأهم بسبب مسؤولياته وواجبه نحو المواطنين السعوديين لتقديم خدمات طبية مجانية مناسبة وهو كجهاز حكومي عامة أصبح كالديناصور بسبب كبره وتشعبه في كل مدينة وقرية وكثرة مسؤولياته وحاجته الدائمة لتوظيف كوادر طبية دائما تكون أجنبية لافتقار القدرات الوطنية بأعداد مناسبة تفي بالحاجة خصوصا في الأقاليم الصغيرة وهذا أمر صعب جدا لوجود شح عالمي في بعض التخصصات الطبية كأطباء الأعصاب أو الأورام أو التخدير كأمثلة، وللأسف عدم فتح المجال للنساء للدخول في مجال التمريض لسنيين طويلة في الماضي ساهم في تفاقم مشكلة النقص المستمر في توفير الكوادر الطبية المطلوبة. لا يخفى أن قطاع ال MOH يعاني معاناة مستمرة من محدودية ميزانيته ونقصانها والتي لا تكاد تكفي اليوم لتقديم الخدمات الطبية الضرورية لربع سكان المملكة وليس بأكملها.

وأضاف م. حسام بحيري في هذا الإطار أنه يوجد لدينا نسبة نمو سكاني كبيرة في العشرين سنه الماضية ولا يمكن الاستمرار في تقديم خدمات طبية أساسية مجانية للمواطنين والمحافظة على نفس المعايير الطبية الضرورية التي لابد أن تقدم لأي مريض في نفس الوقت لأنها أصبحت مسألة حسابات رياضية بدائية وليس مسألة إدارة، فلذلك من المهم جدا أن تبدأ الدولة في عملية التأمين الطبي للمواطنين لأنها أصبحت ضرورة حتمية. وزارة الصحة ليس عندها القدرة على تقديم الخدمات الطبية لجميع المواطنين فلذلك لابد من الدولة أن تلزم جميع أجهزة الدولة ومؤسساتها والقطاع الخاص بالتأمين الطبي لموظفيها لتخفيف العبء عن وزارة الصحة والمساهمة في أن تستمر في تقديم خدمات طبية مناسبة للفئات السكانية التي لا يشملها التأمين الحكومي أو الخاص وهي نسبة لا يستهان بها من المواطنين, إذا تحقق هذا الأمر فسيكون له فوائد اقتصادية كبيرة في ضخ أموال للقطاع الصحي سواء كان الحكومي أو الخاص لأن القسم الثالث من القطاع الصحي سيستفيد اقتصاديا حيث أن حجم موظفي القطاع الخاص المؤمن فقط يقدر بأكثر من ٧ مليون شخص وبمتوسط ٣٠٠٠ ريال سنويا = ٢١ مليار ريال، على الأقل في خزينة مستشفيات القطاع الخاص فقط. وهذا يعتبر حجم سوق ضخم بالمقارنة مع دول كثيرة بالعالم إذا حسبنا أن مؤسسات الدولة الملزمة بتأمين موظفيها المقدر عددهم ب نصف مليون موظف على الأقل وبمتوسط ٣٠٠٠ ريال سنويا على الأقل فهذا سيدر مبلغ قدره ١.٥ مليار ريال إضافي لخزينة وزارة الصحة ويمكنها من تقديم خدمات طبية مناسبة ولا مانع من أن تقدم وزارة الصحة خدمة التأمين الطبي للعلاج في مستشفياتها خصوصا في المدن الطبية المتقدمة مثل مدينة الملك فهد الطبية بالرياض كمثال. إن المشكلة الرئيسة هي أنه ليس هناك أموال كافية لتقديم خدمات طبية مجانية لجميع المواطنين، ولابد أن جزء كبير من المسؤولية يلقى على عاتق أجهزة أخرى في القطاعين الخاص والحكومي، فلا اختيار لوزارة الصحة إلا أن تكون Creative في تحقيق دخول مالية إضافية أو outsource خدماتها للقطاعات الأخرى.

وعلقت د. سامية العمودي على مجمل ما تقدم من مداخلات بقولها: كما تلاحظون قطاع الصحة يحمل هموم وشجون، وبالنسبة لما أشار إليه د. خالد الرديعان، فإن زيادة تعداد السكان بالفعل تعد قضية جوهرية كونها تنعكس على استهلاك موارد الصحة وتشكل عبئاً اقتصاديا واجتماعياً وعندما عرضت الوثيقة السكانية ونوقش بعض أوجه تنظيم عدد السكان ومنع الحمل وليس التعقيم وهذا مختلف طبيا وشرعيا فالأول مباح ومارسه الصحابة والثاني هو المحرم، ومع هذا ثارت ثائرة المنافحين وهاجموا حتى الدولة عن جهل وأقحموا رؤياهم الخاصة فتم تعطيلها، كما تشكل الحوادث أيضا عبء صحي واقتصادي يحتاج إلى مواجهة فعالة.

كما تتفق د. سامية العمودي مع ما ذكره م. حسام بحيري لكنها ترى أن تعليق الأمر جله على الميزانية غير منطقي حيث قالت: هي ميزانية لم نرى مخرجاتها للآن والمملكة كبيرة مترامية الأطراف ولم يتم الاهتمام بالقرى والأطراف بنفس القدر فليس هناك عدالة في توزيع الخدمات الصحية على المناطق حسب احتياجاتها بل تركزت في المدن الرئيسة. وبالنسبة للموارد البشرية فإنها تمثل لغز؛ فرغم الميزانيات الهائلة لازال الأطباء السعوديون يشكلون نسبة ضئيلة وكذا التمريض مما يعني ضعفا في التخطيط وليس في المالية. وأيدت هذا الطرح د. عائشة حجازي بقولها: نعم الوزارة تحتاج تخطيط واسع يشمل جميع الجوانب.. فأزمتها ليست مالية ولكن هناك غزارة في التمويل وسوء في التوزيع والتخطيط.

ومن جانبه عقب اللواء د. سعد الشهراني على ورقة د. سامية العمودي مؤكداً أنها عرضت الموضوع و التحديات التي يواجهها القطاع الصحي و القضايا المتعلقة بالتأمين الصحي ونسب التغطية عرضا موضوعيا وتاريخيا جيدا و لم تغفل الانجازات و نصف الكأس الممتلئ، حيث أشارت إلى أن المملكة حققت مراكز متقدمة في بعض جوانب التنمية الصحية كما بينت الاشكالات التي يعاني منها هذا القطاع المهم و الذي لا عذر لنا في أن نكون في مصاف الدول المتقدمة فيه بالنظر إلى الموارد المالية المتاحة.

ويعتقد اللواء د. سعد الشهراني بداية أن توزيع النسب لأعداد المستشفيات بين ما يتبع وزارة الصحة و القطاع الخاص و المستشفيات العسكرية لا تعطي صورة دقيقة للمقارنة ولو أخذ مثلا عدد الأسرة و الانفاق لكل سرير لخرجنا بنسب مختلفة. الانفاق الصحي العام لكل مواطن أو حتى لكل فرد من مجموع السكان (أي لكل فرد من عدد المواطنين والمقيمين) و هو الأصح يعتبر من أعلى معدلات الانفاق في العالم. هذا الانفاق الكبير بكل المقاييس يمكن أن يدار بطريقة أفضل لنحقق مستويات أرقى وأفضل وأشمل من الخدمات الصحية. ولعل هناك ما يشبه الاجماع بين المختصين و المهتمين على أن تطوير التأمين الصحي هو السبيل إلى ذلك.

وأشار د. خالد بن دهيش في تعليقه على ورقة د. سامية العمودي إلى أنه وبالرجوع لأحد المصادر عن الخدمات الصحية بالمملكة من إعداد الدكتور عثمان الربيعة وكيل وزارة الصحة سابقاً، وجد أن هناك بالفعل استراتيجية للرعاية الصحية معتمدة من مجلس الوزراء بتاريخ ١٩/٩/١٤٣٠ تضمنت اثنى عشر أساساً حدد في كل منها الهدف وسياسات وآليات التنفيذ ، السؤال: هل تم تفعيل هذه الاستراتيجية ؟ لأن العمل المؤسسي لو نفذ وفق ما خطط له – كما يرى د. خالد بن دهيش – فنظامنا الصحي بخير ، وهذا ما نأمله.

ورداً على هذا التساؤل، أوضحت د. سامية العمودي أنها ليس لديها علم تام بهذا الأمر، وربما لأن عملها أكاديمي بعيدا عن وزارة الصحة والشؤون الإدارية ، وبالتالي لا تمتلك معلومات محددة.. ولكن من خلال العمل والممارسة فإنها تجد أن بعض ما كتب لم يتم تفعيله وكمثال ما يتعلق بالرعاية العلاجية والتأهيلية وتوفيرها في كافة المناطق، هذا البند غير مفعل على أرض الواقع، وكذلك البند المتعلق بعدالة التوزيع غير موجودة؛ فالخدمات مركزة في المناطق الرئيسة: (الرياض، الشرقية، جدة، مكة، والمدينة)، أيضاً فإن توفير القوى العاملة وسعودة الوظائف غير حاصل، وترى د. سامية أن هذه الاستراتيجية من عام ١٤٣٠ بمعنى ستة أعوام وهي ليست بالقليلة لنرى فرقاً وتطبيقاً، وأضافت: وجود استراتيجية مهم جداً لكن في ضوء عدم وجود ما يلمسه متلقي الرعاية كخدمة حقيقية على أرض الواقع فهذا يشير إلى بطء أو خلل ما، مع الوضع في الاعتبار أن هناك نقاط قوة حققتها الوزارة مثل برنامج التحصين والتطعيمات  والقضاء على الوبائيات وتحسين خدمات الصحة الإنجابية وغيرها.

وتطرق أ. خالد الحارثي لوجهة نظر العلوم الإدارية والجانب الاستشاري الإداري لتطوير المنظومة الصحية، وخصوصا الاختصاصات الفنية غير الطبية التي تتكامل مع الطب والعلوم الطبية لإنتاج منظومة الرعاية الصحية. وبداية فهو يعتقد أن التخطيط لقطاع الرعاية الصحية يفتقد لاستيعاب البيئة التي يتعامل معها بصفتنا دولة نامية ونملك فوائض مالية وعدد سكان متنامي، وعلى الرغم من هذه التحديات فلا تزال لدينا فرص يتم إهدارها ، وفي ظل غياب هذه الحسابات يكون التخطيط محمل بأثقال الفرضيات النظرية والبعيدة عن واقع الناس. على سبيل المثال : مساواة طلبة الطب بغيرهم من طلبة الجامعة في المكافآت والحوافز والامتيازات وهذا لا يعكس الحاجة الماسة التي نحن بصددها ، وهذا ينطبق على التمريض والمسعفين والعلوم الطبية والمختبرات والصيدلة. مثال آخر: لا يزال التصور في مخطط الرعاية الصحية الحالي هو مخطط سد الحاجة بالحد الأدنى وليس تخطيط المنظومة الأكثر تقدما وتميزا وهذا بحد ذاته باب للفشل ندخل فيه ابتداء. هناك أيضا مهن في قطاع الرعاية الصحية كالتخصصات الهندسية الخاصة بأنظمة بناء المستشفيات وأنظمة العزل في البنى التحتية ، وكوادر الإدارة والمحاسبة والسكرتارية الطبية وإدارة المستشفيات والأنظمة الإلكترونية وكادر التعقيم والتنظيف والأمن وكادر الصيانة ، وهي مستبعدة تماما عن الاحتساب في التخطيط التكاملي ، وليست أزمة خريجي المعاهد الصحية عنا ببعيد وحيرة الوزراء في استيعابهم ووضع برامج وبدائل لهم. هذا بشكل عام ، أما عندما نتعرض للتأمين الصحي ووظائف وكوادر التأمين المختلفة فهي تعاني بشكل أكثر سوء من الرعاية الصحية ككل ، وحالها ليس بأحسن حالا من القطاع الصحي في القطاع الخاص الذي تغيب عنه الرقابة من كل المستويات لدرجة الأمن من العقوبة بشكل لا يصدق.

الحلول المقترحة لتحسين منظومة الخدمات الطبية والتأمين الطبي في المملكة

تنوعت المقترحات والحلول المقدمة بغرض تحسين منظومة الخدمات الطبية والتأمين الطبي في المملكة، فبالإضافة للحلول والمقترحات المتضمنة في الورقة الرئيسة لد. سامية العمودي، أشارت د. عائشة حجازي إلى المقترحات والحلول التالية:

  • إعادة النظر في أهداف وأسلوب إدارة المستشفيات الحكومية وبرامجها.
  • إعادة تنظيم معايير جودة الخدمات الصحية والاهتمام بالمرافق والأجهزة.
  • تأهيل الكادر الطبي وفق أعلى المستويات.
  • الاهتمام بالخدمات الصحية وتطويرها على مستوى المدارس والمراكز.
  • الاهتمام بالخدمات الصحية المساندة لتأهيل المرضى النفسين والعقليين لإعادة تكيفهم مع المجتمع وذلك من خلال إنشاء المراكز المتخصصة في هذا المجال ودعمها بالكوادر المناسبة.
  • الاهتمام بالخدمات الصحية المقدمة لذوي الاحتياجات الخاصة والتي لا تزال قاصرة في مختلف جوانبها.
  • تطوير مراكز الرعاية الصحية لكبار السن والرعاية المنزلية لمن يحتاجها.
  • الاهتمام بالأجهزة الطبية وتوفيرها فلاتزال الكثير من المستشفيات تعاني من نقص حاد في الأجهزة الضرورية.
  • تهيئة مناخ ملائم لعمل شركات التأمين الصحي.

أما بنسبه للتأمين الطبي فنجد أنه يشكل أحد أهم البدائل المتاحة لاحتواء التكاليف المتصاعدة للخدمات الطبية وتمويل هذه الخدمات. والكثير من خطط التنمية أشارت إلى ضرورة تطبيق أسلوب مناسب للتأمين الطبي والحرص على تطوير أهدافه لدعم الخدمات الطبية ومساندتها ومن هذه الأهداف :

  • الإسهام في تطوير الخدمات الصحية وتنظيمها في المملكة .
  • تخفيف العبء عن المرافق الحكومية .
  • حل مشكله سوء استخدام الخدمات المجانية المتاحة.
  • تفعيل دور الرعاية الصحية الأولية.
  • تطوير القطاع الصحي الخاص وخلق فرص استثمارية واسعة.
  • خلق فرص وظيفية.
  • تحسين المستوى الصحي لسكان المملكة.

التحديات المستقبلية لنظام التأمين الطبي: وتتضمن:

  • مدى التزام شركات التأمين بمبدأ التأمين التعاوني.
  • مدى تجاوب الأفراد والمؤسسات للتأمين الطبي.
  • الالتزام بمعايير ضمان الجودة في تقديم خدمات التأمين الطبي.
  • توفر الكفاءات والخبرات في علوم التأمين الطبي.

عوامل مساعده لإنجاح نظام التأمين الطبي: وتتضمن:

  • تحديد نوع الشريحة السكانية التي سوف يطبق عليها النظام.
  • وجود وثيقه موحدة للتأمين الطبي.
  • الاشراف والبرامج الرقابية المالية والفنية على شركات التأمين ومقدمي الخدمات الطبية.
  • توسيع الاستثمار في القطاع الصحي الخاص.
  • ضرورة وفاء شركات التأمين بواجباتها تجاه المؤمن عليهم .

وجاء تعقيب أ.د. عبدالرحمن العناد على ورقة د. سامية العمودي متضمناً الإشارة إلى مجموعة من الحلول والمقترحات العملية وتشمل ما يلي:

  • التركيز على زيادة الطاقة الاستيعابية للكليات الطبية والعلوم الطبية في ظل طلب كبير على الدخول لها من قبل الطلاب والطالبات وتقاعس مؤسسات التعليم العالي عن العمل الجاد لتحقيق ذلك.
  • التأكيد على أهمية الملف الطبي، مع إمكانية استخدام رقم السجل المدني ليكون هو نفسه رقم السجل الطبي دون الحاجة لرقم جديد.
  • تكامل عمل المؤسسات الطبية والتنسيق بينها بطريقة أو بأخرى، وعلى سبيل المثال فإن عددا كبيرا من مراجعي المستشفى التخصصي يأتون من مناطق بعيدة في زيارات روتينية دورية عادية على حساب الدولة، ولا يحدث خلال هذه المراجعات الطبية سوى تجديد صرف الدواء نفسه، وبعض المراجعين يذكر أن الطبيب يسأله عن الدواء الذي يأخذه ليعيد صرفه له، وهذه الزيارات يمكن أن تتم لمستشفيات أو مراكز رعاية أولية حكومية أخرى في المناطق لو تم الربط باستخدام الملف الطبي والتقنية الحديثة وقليل من التنسيق.
  • الاهتمام بالخدمات الطبية في مناطق الأطراف التي يلجأ سكانها لطلب العلاج في الدول المجاورة وعلى حسابهم الخاص.
  • أهمية مراجعة شروط ومتطلبات فتح مراكز الخدمات الصحية الأهلية ودعمها بالقروض والأراضي وتسهيل منح التراخيص مع زيادة التشديد في إجراءات المتابعة والرقابة.
  • ربما يكون من المناسب التدرج في تطبيق التأمين الطبي على موظفي الدولة ويكون ذلك من خلال تطبيقه على منسوبي أحد القطاعات كالتعليم مثلا، فالمدرسون والمدرسات يمثلون نسبة كبرى من موظفي الدولة وسيؤدي تغطيتهم بالتأمين لتخفيف الضغط على المؤسسات الطبية الحكومية.
  • أهمية التخصيص التدريجي لمراكز الرعاية الأولية … حيث أن عملها بطريقة احترافية سيخفف من الضغط على المستشفيات، كما يمكن أن تتم من خلالها المراجعات الدورية في حال استخدام الملف الطبي الموحد، ويلاحظ أن طريقة عملها حكومية بيروقراطية لا تتناسب مع طبيعة العمل الطبي، كما أن العاملين والعاملات بها يعملون كموظفين بلا حماس ولا روح، وهذا من أسباب لجوء كثير من المواطنين والمواطنات للمستوصفات والمراكز والعيادات الطبية الخاصة وطلب العلاج بمقابل مادي لحالات بسيطة كالأنفلونزا وارتفاع الحرارة وغيرها.
  • الاعتراف والإشادة بالخدمات الطبية التي تقدمها القطاعات الأمنية والعسكرية والجامعات والتي خففت على وزارة الصحة الكثير، كما قدمت خدمة طبية راقية تفوقت من حيث مستوى الجودة على خدمات وزارة الصحة، والتأكيد على ضرورة التحسين المستمر لمستوى الخدمة المقدمة في هذا الإطار.

ومن جانبه أشار د. خالد الرديعان إلى مجموعة من الحلول العملية من خلال رصده لبعض المعوقات التي تحد من تقديم الرعاية الصحية في المملكة و أسباب ارتفاع تكلفة هذا القطاع الذي يستحوذ على ٧٪ من ميزانية الدولة، وهي على النحو التالي:

  • زيادة عدد السكان المتصاعدة بما لا يتوازى مع الخدمات الصحية المقدمة الأمر الذي يؤثر على جودة الخدمات وأحيانا صعوبة الوصول إليها… وكحل وقائي اجتماعي يمكن للدولة أن تشجع فكرة “التخطيط العائلي” family planning ولا نقول الحد من النسل لوجود جانب شرعي لا نود الخوض فيه… وعليه من الضروري أن يكون رفع الوعي بالتخطيط العائلي هدفا استراتيجيا لوزارة الصحة السعودية ووضع خطة عشرية لذلك بحيث يمكن للوزارة التنبؤ بعدد السكان وتقديم خدماتها بناء على عدد السكان بشرط أن تكون الخدمات موافقة للمعايير العالمية في عدد الأطباء للمرضى وكذلك عدد الأسرة والفنيين والفنيات العاملين في القطاع الصحي.. ومن ثم فإن السيطرة العلمية على عدد السكان للوصول إلى عدد معين من السكان سوف يسهل مهمة الدولة في الرقي بالخدمات الطبية والتخطيط لها جيدا.
  • بما أن عدد المصابين في حوادث السير كبير جدا وأنهم يحتلون أسرة المستشفيات مما يحد من تقديم الخدمة للمرضى الآخرين فأن من الضروري وضع خطة وطنية شاملة للتخفيف من حوادث السير وأعداد المعاقين بسببها؛ بحيث نقلص نفقات الحوادث على القطاع الصحي… نحن بذلك سنوفر أرواح الكثيرين ونحميهم من الإصابات المكلفة كما أننا سنوفر ملايين الريالات التي تصرف على مصابي الحوادث والتي يمكن توجيهها للتوسع في الخدمات الطبية.
  • الهدر في الأدوية.. فالسلوك الاجتماعي الذي نراه ونلمسه هو أن هناك هدر كبير في استخدام الأدوية التي توفرها الدولة بملايين الريالات، وبالتالي يلزم أن يكون هناك ترشيد قوي وصارم في صرف أدوية المرضى بحيث نصرف للمريض حاجته فقط … ولا مانع من عد الحبوب والعقاقير الأخرى وتقنين صرفها كما تفعل مستشفيات الغرب وأن تكون الأدوية معبأة محليا بنفس صيدلية المستشفى لتوفير الأدوية التي يتم أحيانا التخلص منها بعد أن يشفى المريض.. هذا الإجراء سيوفر ملايين الريالات التي توجه لخدمات طبية أخرى.
  • بما أن عدد مرضى السكر في المملكة كبير (٣٥٪ من السكان) فربما يكون ملائماً تخصيص عيادات خاصة لمرضى السكري تفصل عن المستشفيات.. ويخصص أقسام منها لكبار السن لتقديم الرعاية اللازمة لهم في مثل هذه السن التي تزداد فيها الحاجة للرعاية الطبية.
  • التأكيد على فكرة الحد من مركزية وزارة الصحة فيما يخص الانفاق على المناطق وأن يخصص لكل منطقة ميزانية مستقلة تستفيد منها صحيا حسب حاجتها مع مراقبة الوزارة لذلك؛ فاللامركزية تعد مطلبا أساسيا للقضاء على بيروقراطية الوزارة ولتسريع تقديم الخدمات.

وتساءل أ. عبدالله بن كدسه: ماذا لو تم تسليم القطاع الصحي بالكامل للقطاع الخاص وأصبح هناك تأمين لكل السعوديين والمقيمين .. وتسلم كل مستشفيات الحكومة لشركات تشغيل صحية ويتم تشجيع رجال الأعمال بإنشاء مستشفيات بإعطائهم قروض أو ما شابه ويُفتح الباب لمزيد من شركات التأمين وكل مؤسسة حكومية سواء وزارة أو هيئة أو جامعة تتحمل تكاليف التأمين للموظفين وذويهم .. القطاع الخاص هو من سيطور القطاع الصحي .. ويصبح دور الوزارة دور رقابي على أداء المستشفيات وجودة عمله.

وعلق أ. عبدالله آل حامد على تساؤل أ. عبدالله بن كدسه بقوله: سبق وسمعت رد د. الربيعة عندما كان وزيرا للصحة على ذات السؤال لأحد الإعلاميين بالقول إن هذا الأجراء سيرفع من أسعار وتكاليف التجهيزات والمواد الصحية.. رغم أننا أستبشرنا خيرا بتعيين المهندس الفالح كونها رسالة لتوجه الدولة نحو الخصخصة.

وترى أ. ليلى الشهراني أيضاً أن الخصخصة قد تكون حلا إذا كانت تحت إشراف الوزارة ومتابعتها ، فكما نعلم أن البعض ينظر للطب كتجارة وليس كمهنة إنسانية فيجلب لمشروعه الطبي ما رخص ثمنه وزاد ربحه ، ولعل أكثر الشهادات الطبية المزورة هي في مستشفياتنا الخاصة ، أيضا الأسعار المبالغ فيها بداية من علاج الأسنان انتهاء بالعمليات الكبرى، من أين يدفع فقير الحال ؟

واقترح أ. خالد الوابل قيام وزارة الصحة بإقرار السجل الطبي الموحد؛ باعتبار أن هذا سيقضي على تلاعب الأطباء وتنقل المريض من طبيب لآخر، وهذا بحد ذاته يرفع مستوى الخدمات الصحية؛ فضلاً عن ضرورة الاهتمام بالطب الوقائي والحوادث المرورية وتحسين أداء المرور.

وأيدت د. سامية العمودي مقترح أ. خالد الوابل فيما يخص الحوادث المروية والحاجة إلى تعزيز مفهوم الطب الوقائي، وأشارت في هذا الصدد إلى أنها مؤخراً كانت في زيارة إلى القاهرة بدعوة من منظمة الصحة العالمية وكان الاتجاه في التحول من الاكتشاف المبكر إلى مفهوم الوقاية الشاملة.

ومن وجهة نظر د. الجازي الشبيكي فإن الصحة في المملكة بحاجة إلى ما يلي:

  • تخطيط سليم يتولاه نخبة من المتخصصين الصحيين بجانب متخصصين في الإدارة الصحية يستندون فيه إلى معلومات ديموغرافية دقيقة وشاملة كما تفضلتِ د. سامية وكما أشارت بعض المداخلات السالفة، عن كل ما يتعلق بحجم وتركيبة السكان وتوزيعهم وطبيعة الأمراض التي يتعرض لها الناس في المناطق المختلفة مُستفيدين من الأبحاث والدراسات الصحية التي تم تطبيقها في كليات الطب والمراكز العلمية ومُستنيرين بالتجارب المُماثلة عربياً وإقليمياً وعالمياً.
  • معالجة مشكلة نقص الكوادر الطبية والصحية بإعطاء الفرصة للجامعات العالمية المتخصصة بفتح فروع لها في المملكة وتشجيع الشركات الكبرى في القطاع الخاص والقطاع شبه الحكومي مثل سابك والاتصالات والبنوك على تمويل المنح التعليمية لشبابنا وشاباتنا وتحفيزهم ( أي القطاع الخاص ) من قبل الدولة بتسهيلات ودعم لوجستي وجوائز تنافسية سنوية على مستوى الدولة ، على سبيل المثال : منح وسام أو قلادة وطنية لأكثر البنوك التي قدمت منحاً تعليمية طبية لأبناءنا وبناتنا .
  • تطبيق البرامج الوقائية بشكل صحيح ومدروس وواقعي ومستمر (مناسب لطبيعة اهتمامات وتوجهات المواطنين) وبما يُفترض أن يوفر على ميزانية الدولة الكثير من الانفاق على الجوانب الصحية.
  • تخفيف المركزية والعمل على استقلالية المناطق الإدارية في المملكة من حيث الخدمات التي تمس أولويات الناس ومن أهمها بالطبع الخدمات الصحية.

واتفقت د. سامية العمودي مع د. الجازي فيما يتعلق بتخفيف المركزية وتوزيع المسؤوليات كوننا بحاجة إلى تفكيك الإرث الإداري المتراكم على مدى عقود.

أيضاً فإن من القضايا المهمة في رأي اللواء د. سعد الشهراني ضرورة توحيد الملفات الطبية فهناك من له ملفات متعددة في مستشفيات متعددة بل هناك من يتلقى الخدمة الطبية و يأخذ أولوية حتى بدون وجود رقم طبي له بسبب النفوذ و الواسطة ، و بالمقابل هناك من يتسول الخدمة و جموع من الفقراء و البسطاء الذين تضيق بهم ردهات المستشفيات تعاني من سوء الإدارة و البنى الأساسية و سوء توزيع الموارد و الأسرة و الأدوية و التجهيزات والإنفاق. ربما لو تم تطوير وتنظيم وتقنين التأمين الصحي ثم أعطي كل مواطن نصيبه من الإنفاق الصحي العام و ترك يتدبر أمره لحصلنا على خدمة صحية أفضل. الحل للتعليم و الصحة وما يماثلهما – برأي د. سعد – يكمن في قطاع خاص متطور و قوانين و نظم تحكم العلاقات و الحقوق و خصخصة ما تملكه الدولة من بنى أساسية أنفق عليها التريليونات خلال العقود الماضية، حيث تقدم في أحيان كثيرة خدمات رديئة دون المستوى المطلوب.

وأوضح د. منصور المطيري أن هناك قضيتان لابد من ذكرهما في هذا الخصوص:

  • القضية الأولى: تتعلق بالنظام الصحي في المملكة ككل .. حيث يرى د. منصور أن تتبنى نظاماً مختلطاً بين التأمين و مجانية الصحة.. بمعنى أن تبقى الرعاية الصحية المجانية ولكن يقلص حجمها بما يكفي العاجزين عن الدفع و الساكنين في القرى البعيدة عن المراكز الحضرية الكبرى، مع التأكيد على عدم التفريط في جودة هذه الرعاية .. و ما عدا ذلك يمكن التوسع في التأمين الطبي التعاوني مع سن التشريعات التي تحمي المؤمن و تجعله في مركز قانوني أقوى من شركة التأمين عند الحاجة للعلاج .. كما يرى د. المطيري ضرورة توحيد معايير بناء المنشأة الصحية الصغيرة خصوصاً في الأرياف و المناطق النائية بحيث تكون جودتها و شكلها واحد.
  • القضية الثانية: مسألة التعليم الصحي ..اهتم التعليم الصحي في الجامعات العريقة كجامعة الملك سعود والملك عبدالعزيز بالجودة و الكيف في مخرجاتها و لو أنها قصرت في الكم .. لكن الكارثة الحقيقية تتمثل في غالبية مؤسسات التعليم الأهلي ثم بعض الجامعات الناشئة ..فقد اهتمت كثيراً جداً بالكم على حساب الجودة و الكيف.. ويضيف د. منصور قوله: أتوقع مأساة حقيقية قادمة في كفاءة مخرجاته من الممارسين الطبيبين بجميع تخصصاتهم .. تصوروا أن جامعة الملك سعود مع عراقتها و إمكاناتها تقبل في كلية طب الأسنان مثلا ١٢٠ طالب و طالبة بينما كلية أهلية في مبنى مستأجر تقبل قريباً من ٣٠٠ طالب و طالبة .. و العدد هنا هام جدا لضرورة توفير الاحتياجات التعليمية و الدراسية لكل طالب من معامل و أدوات ومكاتب إضافة إلى الحالات السريرية التي يحتاجها كل طالب للتخرج والتي من المستحيل توفيرها لمثل هذا العدد… .. انتظروا المأساة !!

وترى د. سامية العمودي أن هذه الأرقام مخيفة خاصة مع الوضع في الاعتبار أن كليات الأسنان تحديداً تختلف عن البشري حيث يمكن تدريب عشرين طالب على مريض واحد لأنه فحص إكلينيكي ، أما طالب طب الأسنان فيحتاج كل طالب مقعد فحص الأسنان له وحده لأنها معدات وتداخلات؛ ولأنها مكلفة تكتفي الجامعات الحكومية بعدد طلبة أسنان وفقاً لعدد الكراسي المتاحة. وعليه تساءلت د. سامية: كيف نأمل في غد أفضل والحال يتردى وأين الهيئة السعودية والوزارات عن هذه الكليات؟

وقال د. عبداللطيف العوين: من المنظور الاستراتيجي اقتراح التطوير يمكن أن يبحث على سبيل المثال عدد المتقاعدين من المواطنين ونسبة زيادتهم ونوع وكم الرعاية الصحية التي يحتاجونها.

واهتم اللواء د. سعد الشهراني بالقضاء على الفساد الإداري في تقديم الخدمة والمحسوبية ، مع ضرورة أن يكون هناك ملف طبي واحد فقط لكل مواطن بحيث لا يتم تلقى العلاج أو صرف الأدوية بملفات و أرقام طبية متعددة كما لا يتم التحويل من مستشفى إلى آخر إلا من خلال نظام إليكتروني دقيق و بمبررات طبية واضحة.

واتفق د. خالد الرديعان مع د. سعد فيما يخص ضرورة القضاء على الفساد الإداري والمحسوبية في تقديم الخدمة الصحية وكذلك ما يتعلق بضرورة وجود الملف الطبي الموحد مع تطبيق التقنية في تقديم الخدمة لمنع العنصر البشري من إفساد الوضع. وأضاف أ.د. عبدالرحمن العناد ضرورة التغلب على مسألة انتشار “الواسطة” للعلاج بالخارج.

المشاركون في مناقشات هذا التقرير:

( حسب الحروف الأبجدية )

  • ‪د. إبراهيم إسماعيل عبده (مُعِدّ التقرير)
  • السفير أ. أسامة نقلي
  • د. الجازي الشبيكي
  • م. حسام بحيري
  • د. حسين الحكمي
  • د. حمد الماجد
  • د. حميد المزروع
  • د. خالد الرديعان
  • أ. خالد الوابل
  • د. خالد بن دهيش
  • أ. خالد الحارثي
  • د. زياد الدريس
  • م. سالم المري
  • د. سامية العمودي
  • اللواء د. سعد الشهراني
  • أ. سعيد الزهراني
  • أ. سمير الزهراني
  • د. طلحة فدعق
  • د. عائشة حجازي
  • أ.د. عبدالرحمن العناد
  • د. عبدالرحمن الهدلق
  • د. عبدالسلام الوايل
  • أ. عبدالله آل حامد
  • د. عبداللطيف العوين
  • د. عبدالله الحمود (رئيس اللجنة الإشرافية على منتدى أسبار)
  • أ. عبدالله الضويحي
  • أ. عبدالله بن كدسه
  • د. علي الحكمي
  • أ. علي عبدالله بن علي
  • أ. فاطمة الشريف
  • د. فايز الشهري
  • أ. فايزة الحربي
  • د. فاطمة القرني
  • د. فهد الحارثي
  • أ. كوثر الأربش
  • أ. ليلى الشهراني
  • د. محمد السلمي
  • د. مساعد المحيا
  • د. مسفر السلولي
  • أ. مسفر الموسى
  • أ. مطشر المرشد
  • د. منصور المطيري
  • د. منى أبو سليمان
  • د. ناهد طاهر
  • د.م. نصر الصحاف
  • أ. هادي العلياني
  • أ. يحيي الأمير
  • أ. يوسف الكويليت