أمور غريبة تحدُث حولنا ، لوهلة نعجز عن ترجمتها ثم بسرعة نجد الجواب فـ تختفي آثار الدهشة ويصبح الأمر طبيعيّاً جداً !
لكن هنا اليوم وبمبالاة شديدة سأتطرّق لـ الأمور الطبيعيّة لأضع تحتها خط ، وأُلحِقها بالكثير من علامات التعجّب .
كيف لمن كان أسفل درجات السلّم أن يصل إلى أعلاه دون جهد يُذكر !
بأي حق يجلس ذلك الذي يتجاوز السن القانوني للتقاعد على هذا الكرسي حتى الآن!
ومن المثير للدهشة هو أن يستحيل فتح أبواب التسجيل المُغلقة بالسلاسل الحديديّة لطالب بينما تُفتح وبضغطة زر لأجل آخر !
أما المثير للأعجاب هو سرعة صناعة سرير شاغر بعد اتصال هاتفي من أحد ذوي النفوذ الأقرباء لأحد المرضى المرفوض استقبالهم بحجة الاكتفاء !
والكثير الكثير من المواقف التي يستحيل حصرها والتي يتعذّر تفسيرها سوى بوجود عصاةٍ سحرية ومقولة “آبرا كدابرا” ليُصبح الوضع على ما هو عليه ، أو أن نكون أكثر واقعية يتخللها دعابة ” فيتامين واو ” ، أما إذا أردنا كشف الستار فلابد من قول ” الواسطة ” .. وما أدراك ما الواسطة ؟
الواسطة هي أول ما يبحث عنه المتخرّج وأكثر ما يسعى إليه الموظف حتى أنها باتت أحد أهم شروط التقديم وكأن عجلة الحياة لا تمشي الا بـ ” دهن السير ”
لكن السؤال الذي يدور في ذهني باستمرار هو اين سينتهي بنا الطريق ” نحن والواسطة .. إلى أين ” ؟
هذا السؤال عزيزي القارئ مفتوح الإجابة ، ولك صلاحية الوصول إليها بقراءة ما بين السطور القادمة :
حين يتجاوز من لا يستحق كل درجات السلّم المليئة بمن هم أجدر منه لا تكون القضية واسطة ، بل قضية قتل طموح الآخرين ، وحين يُجلّس حامل الشهادات بالبيت هذا الشاب المُفعّم بالطاقة لأن هذا المنصب يشغله أحد ” طويلين العمر ” وأقصد بهذه الكلمة معنياها الحرفي البحت والعامّي البحت لا تُعتبر القضية واسطة بل قضية عنف وقمع لأحد الاشخاص والذي قد يكون من صنّاع الغد ، وحين يُقبل صاحب المعدّل المتدنّي عِوضاً عن صاحب المعدّل العالي لا تقتصر على كونها قضية واسطة بل قضية سرقة حُلم جيل بأكمله ، أما حين يتوفر السرير للمريض بعد اتصال فـ القضية للأسف ليست واسطة بل قضية انسانية أخلاقية .
في عالم التقنية المنظومة تتكون من مدخلات ومخرجات وحين تكون المدخلات سلبية يترتب عليها مخرجات سلبية فيُحكم على آليتها بالفشل ، وما المجتمع إلا منظومة !
أخيراً .. وبالخط العريض الواسطة ليست قضية فردية بل معاناة مجتمع تذهب به الى الهاوية .

نجود الزهراني..