بقلم / محمد بن سليمان الاحيدب 

الصادره من صحيفة عكاظ 

مجلة الجوده الصحية – دينا المحضار 

 

باستثناء المرحوم بإذن ربه غازي القصيبي، أثابه الله على إخلاصه في كل مهمة تولاها، فإن كل من تولى أمر وزارة الصحة كان يتعامل معها كمهمة (تسيير أمور) حسب ما يراه شخصيا، وأحيانا حسب ما يحقق إنجازات جديدة وبناء جديد، ولكنه قائم على نفس الأساس القديم المعطوب أصلا، وبعضهم كان همه الأكبر إلغاء جهود من سبقه واختراع عجلة جديدة لا لتعني أنه عمل، ولكن لتشير إلى أن عمل من سبقه لم يكن صحيحا.

 

ذلك كان وصفا تاريخيا مختصرا لتاريخ وزارة عايشتها عمرا طويلا لا يقل بل يزيد على ٣٠ سنة كنت خلالها أنتقد بحدة، وأعترف أن مواقف الثناء كانت نادرة لندرة العمل المخلص الجاد الموفق؛ لأن غالبية من تولى إدارة الصحة كانوا أطباء جميعهم يجهلون العمل الإداري؛ لأنه ليس تخصصهم ولم يدرسوه أو يمارسوه وقلة منهم يضيف إلى جهله بالإدارة تعصبه لمهنة الطب وحرصه على مستقبل استثماره في الصحة كطبيب.

 

من مواقف الثناء ما قلته وأقوله عن المرحوم بإذن الله الطبيب محمد المعجل وكان مديرا عاما للشؤون الصحية بالمنطقة الوسطى، ولم يكن وزيرا، لكنه أخلص في عمله إلى درجة أنه كان ينتدب أطباء للمستشفيات الخاصة لمراجعة فواتير المرضى، وما يصرف لهم من أدوية ومحاليل ويجرى لهم من تحاليل وأشعة للتأكد أنها كانت ضرورية وليست استغلالا ورفعا للتكلفة، وقد اكتشف من غش القطاع الصحي الخاص ما يشيب له الوليد.

 

الوزير الحالي خالد الفالح مهندس لا تربطني به أدنى علاقة، وربما هو لا يعرفني وانتقدت أسلوبه في عدم التجاوب مع النصح والتعاطي مع الإعلام، لكنني أعلم جيدا أنه يعمل بصمت على قطع دابر فساد طبي متمثل في طلب لأدوية وأدوات طبية مكلفة من شركات لتنفيعها، وأكثر كثيرا من الحاجة، إلى درجة أن نسبة كبيرة منها تتلف، فهو لم يقلل شراء الأدوية بنسبة ٥٠% إلا لأنها كانت تتلف!، وقام بإبعاد الأطباء عن الإدارة وخاصة إدارة التموين الطبي وغيرها من الإدارات التي ليست مجالا لطبيب.

 

وأعاد اكتشاف ما كشفه المرحوم المعجل من تلاعب في الفواتير وتعويضات تكلفة العلاج في القطاع الخاص الذي تعوضه وزارة الصحة!، بل وجد أن ثمة فسادا طبيا في الإحالات أصلا للمستشفيات الخاصة من قبل أطباء حكوميين يعملون فيها جزئيا عملا غير مشروع (حذرت منه مرارا ومستمر في التحذير).

 

الرجل نحسبه والله حسيبه يعمل أساسات صالحة وقوية لبناء جديد نظيف، ومثل هذا يحاربه المتمصلحون، فدعوه يعمل عسى أن يصلح الصحة، و إذا أخفق بعد منح فرصة كافية، فليس محصنا من النقد الهادف البناء.