بقلم / فهد العيلي

الصادره من صحيفة الاقتصادية

مجلة الجوده الصحية – دينا المحضار

 

قبل عقدين من الزمن كان مركز الرعاية الصحية الأولية في الحي الذي نسكنه مثالا يحتذى في تطبيق مفهوم الرعاية الصحية التي شرعت وزارة الصحة آنذاك في تطبيقها، فقد كان المركز يستقبل المراجعين على فترتين صباحية ومسائية للحالات الاعتيادية، من مرضى السكر والضغط، والإنفلونزا والأسنان، وكان منوطا بهم الإشراف على تطعيم الأطفال، ومتابعة حالات الحمل، وقد كان المركز متفاعلا مع محيط الحي، فكانت هناك حملات متعددة في الحث على تطعيم أطفالهم مثلا، إضافة إلى حملات نفذت للتوعية بأضرار التدخين والإفراط في السكريات وغيرها.

وكثيرا ما كان المركز وغيره من المراكز وقتها تبادر بتنفيذ حملات ميدانية لزيارة المنازل والمدارس للتوعية ببعض الأمراض، أو لتطعيم الأطفال، وأتذكر أن زيارات المدارس كانت تتم بصورة مكثفة وفق جدول زمني للكشف عن كثير من المشكلات مثل عيوب الإبصار، والنطق ومشكلات السمع وغيرها ويتم تحويل الحالات المكتشفة مباشرة للمستشفيات.

هذا النشاط اللافت كان من أهم ما يميز مرحلة انطلاقة “الرعاية الصحية” ومراكزها التي كانت تتوزع في الأحياء وبعض القرى. لكن اللافت في الأمر أن هذه المراكز لم تعد تعمل بالحماس السابق نفسه ولا أعرف ما السبب؟ هل تغير مفهوم وزارة الصحة نحو الرعاية الصحية الأولية رغم أنه مفهوم عالمي، أم هو جزء من التراجع الذي تعيشه الوزارة ككل في تقديم خدماتها للمجتمع؟

لقد أصبحت المراكز الصحية عبئا على وزارة الصحة وتمثل هدرا ماليا وبشريا وتقلصت مهامها وأوقات دوامها ولم نعد نرى لها أثرا في تحقيق الرعاية الصحية التي ننشدها.

وقد كنت أتوقع أن هذا الانطباع خاص بي بعد ما شاهدت الوضع الذي وصلت إليه، إلا أنني أثناء إعدادي لهذا المقال وجدت تصريحا منشورا قبل عشرة أيام لوكيل وزارة الصحة المساعد للرعاية الصحية الأولية “الدكتور هشام بن إبراهيم الخشان” قال فيه إن المراكز الصحية -بحسب تعبيره- فقدت هيبتها مرجعا ذلك إلى سبعة عوامل. رئيسة تتركز في «فقدان ثقة المراجع بالخدمات، ضعف الموارد البشرية، وندرة المختصين بطب الأسرة، اضطراب التواصل مع المستشفيات، قصور في الخدمات المساندة، عدم وجود معلومات دقيقة لبناء الخطط الاستراتيجية، إضافة إلى عدم متابعة تطبيق السياسات والإجراءات، وقلة مخصصات الميزانية”.

وإذا كانت الوزارة على علم بالمشكلة فنحن هنا لا نتحدث عن مركز واحد أو مراكز محدودة، وإنما نتحدث عن 2400 مركزصحي على مستوى مناطق المملكة، يعمل فيها أكثر من 8200 طبيب وأكثر من 16 ألف ممرض وممرضة وفق الإحصاءات المعلنة لقطاع الرعاية الصحية في الوزارة.

ليس من اللائق أن تتحول هذه الأرقام إلى عبء وهدر مالي وبشري ولا يتم الاستفادة منها في الوقت الذي نواجه فيه تحديات صحية ضخمة تتطلب فعلا أن يكون لهذا القطاع دور حاسم.

في الوقاية والتوعية والعلاج ولكن من يسمعنا؟!