يتغنى الكثير بأسماء شرقية وغربية من علماء وجهابذة الجودة مثل جوران و ديمنج وكروسبي وايشيكاوا وغيرهم وينسبون الفضل لهم في وضع ابجديات وأدوات الجودة وترجمة تلك الأدوات والمعايير والاسس الي نظريات تطبيقية تدرس في مناهج الجودة حول العالم..
والحقيقة أن الجودة من المباديء التي دعى الإسلام اليها وأسسها كما وضع قواعدها الرئيسية.
حيث ذكرت في القرأن الكريم بلفظ مماثل ولقد قال عز من قائل :(صنع الله الذي أتقن كل شيء). أي ذلك صنع الله البديع الذي اتقن كل شيء وجوده وجعله في أحسن صوره.
كما قال تعالى يصف خلق الانسان :(لقد خلقنا في أحسن تقويم)..
كما يدعو الإسلام الى ضرورة اتقان العمل وخلوه من العيوب حيث يقول المصطفى عليه صلاة ربي وسلامه : إن الله يحب اذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه.

والجودة هي إتقان وإحسان العمل.. والإحسان هو أعلى مراتب الدين الإسلامي و أكبر منازله..
وسبحان الله أن الكثير من معايير الجودة و أداواتها تندرج تحت مباديء الإدارة الإسلامية ومنها :
1-مراقبة الذات والمراقبة والمراجعة الداخلية
والإسلام يحث على الرقابة بشكليها الذاتية أو الخارجية فهي تؤدي الي التأكد من تنفيذ الأهداف وفقاً للمعايير والإشتراطات الموجودة.
قال تعالى : (اذا يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد)
كما قال تعالى : (كل نفس بما كسبت رهينة)..
2-الإتقان في العمل والاخلاص فيه.
حث الإسلام على اهمية اتقان العمل وأهمية الجودة فيه وسلامته من العيوب .والسعي للتحسين المستمر حيث يقول عزوجل : (انا لا نضيع أجر المحسنين) ويقول سبحانه وتعالى : (ولتسلئن عما كنتم تعملون)..
3-فرق العمل والعمل الجماعي التشاوري ونبذ الفردية في اتخاذ القرار.. وسبحان القائل: (وشاورهم في الامر)..
تخيل ان المخاطب سيد الاولين والاخرين وخير المرسلين من لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى حيث يأخذ التوجيه من رب العالمين و اعلم العالمين الذي يعلم السر واخفى ويعلم الغيب وما تخفي النوى ويقدر كل شيء من لدنه وهو الحكيم الخبير..
ومع ذلك وجه رسوله عليه الصلاة والسلام بالتشاور ومشاورة اصحابه لكي يؤسس ويؤصل لقاعدة شرعية للامة المحمدية .. تظهر فيها اسمى صور الجودة والمشاركة والعمل الجماعي المؤسسي ..
ويقول تعالى في اية اخرى تأكيد لهذة القاعدة التشريعية(وأمرهم شورى بينهم)…
4-التعاون والتكاتف وتوحيد الرؤى والاهداف
يقول تعالى لتأكيد وتعزيز وتأصيل هذه القيمة وجعلها قاعدة عملية ادارية(وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان)..
كما يؤكد ذلك عزوجل ويخبر ان التنازع وعدم التوافق داخل المجموعة او المؤسسة يؤدي حتما الي الضياع والضعف والفشل والتشت والتشرذم والسقوط ..يقول عز من قائل (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)…
5-التدريب والتطوير والتعليم المستمر ..

ارشد الشارع الحكيم الي أهمية العلم وأنه اساس وقاعدة هامة لرقي الانسان وتطويره ولو لم يكن من الاهمية القصوى بل انه ربما اهم اداوات الجودة واقوى وسائلها لما كانت اول اية انزلها عزوجل على رسوله الامي (اقرأ بأسم ربك الذي خلق).. كما يقول تعالى : (يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات).. بل ان طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة .

وفي الحديث الشريف عن انس بن مالك رضي الله عن الرسول صلى الله عليه وسلم (طلب العلم فريضة على كل مسلم).

وفي حديث ابي الدرداء (من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله له طريقا من طرق الجنة وان الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم…).
6-الحكمة أعلى درجات العلم و ارفعها وأشرفها وهي العلم بحقائق الأشياء والعمل بمقتضاها

حيث يقول تعالى: (يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا)..

والحكمة تتظمن العلم الشامل والكامل بالحقائق والحق والعمل به. والإصابة في القول والعمل.

ومفهوم الحكمة الإسلامي يضفي دلالات كثيرة على مفهوم الجودة الشاملة ويثريه ويغنيه ويقويه.. وختاما نقول ان ادارة الجودة الشاملة أصلها الاسلام التأصيل الكامل وأسس قواعدها قبل 1400سنة بل حتما لو تعمقنا ودرسنا ارثنا الإسلامي القويم وعملنا به لوجدنا أننا في غنى عن كل دروس ومحاضرات وبرامج الجودة الشرقية والغربية….