الصحة والتوعية الإلكترونية .. هل من ضابط؟
الصحة والتوعية الإلكترونية .. هل من ضابط؟
تربعت التقنية في العقد الأخير وتعددت بالتدريج أنواعها وطرق استخدامها في المجالات الصحية، ونجد أجيال هذا العصر من الشباب والمهتمين الأكبر سنا يطالبون بتحويل حياتهم وصحتهم إلى ضغطة زر خاصة مع تسارع وتيرة الحياة.
في خضم العرض والطلب .. هل سنصل إلى زمن نتخلى فيه عن الزيارة التقليدية للممارسين الصحيين في شتى المجالات، وتتحول إلى زيارة إلكترونية؟ هل دقة التشخيص الإلكتروني ستكفينا عن التحرك من موقعنا؟. ها نحن نرى تطبيقات للأشعة السينية، وأخرى للاستشارات عن طريق إرسال صور للمنطقة المعنية بالفحص مع الإجابة عن عدة أسئلة، وغيرها من خدمات المشخص الإلكتروني الذي يعطي نتائج بنسب مئوية لأعلى احتمال تشخيص أو إصابة للأمراض أو الحالات الصحية، بالإضافة إلى المقياس الإلكتروني لمعدل السكر في الدم بدون عينة دم، وغيره من الفحوصات التي تغني عن زيارة المؤسسة الطبية التقليدية. تتنبأ بالعالم الافتراضي الصحي بعض المؤسسات التقنية في مجال الصحة والتي تروج لها العديد من المواقع والحسابات الصحية، وهي لا تعلم أن مستخدميها في الغرب مراقبين تحت طائلة القوانين الفيدرالية في حال الاعتماد الكلي أو الخطأ الطبي بسببها.
وكما استخدمنا الأنظمة الإلكترونية للمختبرات قبيل بداية الألفية الثانية، وتتالت الأنظمة المتعددة للخدمات والتخصصات الأخرى مع بداية هذه الألفية، تلاها الربوت في الجراحة، ووجدنا أنفسنا نستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لتمثيل المنظمات الحكومية والخاصة وللتسويق للعديد من المنتجات العينية أو التوعوية النظرية والعملية، بعد أن كانت محصورة على الخواطر والتواصل الشخصي.
لا ننكر أهمية التواصل الاجتماعي في نشر الوعي لأكبر شريحة والتي خرجت من الموقع الجغرافي لتعبر القارات، وكان وما زال البقاء للأكثر ذكاء في استحداث مواضع شيّقة واستخدام التقنيات الجرافيكية لتوصيل المعلومة بألوان وطرق شيقة بأقل الكلمات، ولكن يتبقى لنا الثقة في مصدر المعلومات وحداثتها. فكما نعلم جميعا أن بعض المؤسسات الصحية قد تكون لها سياسة داخلية في التدقيق على المعلومات قبل طرحها وتحرص على المعلومة المبنية على البراهين، بينما نرى لآخرين اجتهادات شخصية في الطرح دون اكتراث الإدارات العليا بتبني آلية لحفظ الصورة العامة لمؤسساتها واحترام لعقول متابعيها.
يتبقى فئة الأفراد الناشرين للمعلومات الصحية حبا في نشر الوعي أو للشهرة أو لأسباب خاصة، هؤلاء الفئة من سيكون عين الرقيب عليهم حيث أن أغلبهم لديهم الكثير من المتابعين الذين يثقون في عباراتهم وآرائهم واستشاراتهم التي تنبع من تجربة المتابعين الخاصة بهم أو سمعتهم العملية أو للثقة في كلمة “دكتور” ما قبل اسمهم أو نظرا لعملهم في مؤسسة لها وزنها وثقلها في المجتمع.
الأمانة العلمية مادة لم تعطى للكثير أثناء الدراسة الجامعية إنما هي أخلاق تنبع من ذات الشخص على عمل اجتهد فيه وكرس له وقت إضافي من ساعاته اليومية كنوع من حب العطاء، أو الأخلاق الدينية التي تتمثل في كل الديانات. ومن الممكن وضع نية أن تكون صدقة عن علم ينفع، أو نشر علم يُنتفع به.
نحن بحاجة إلى إثراء المحتوى العربي والجانب الصحي بجوانبه المتعددة، واستحداث طرق وبرامج وأنظمة في العالم الإلكتروني الذي هو الأساس في هذا العصر فلا نعلم ما الذي سيُستحدث في العقود القادمة، فلنبتكر فيما علمنا ولنضع في أذهاننا تحفيز الجمعيات العلمية المعنية بالصحة والثقافة الصحية والمعلوماتية أن تضع ضوابط لنشر المعلومات الصحية واستخدام التطبيقات النافعة بوعي أكبر، حيث أننا نسمع عن الكثير من الجمعيات العلمية ولا نرى الكثير من الأثر. فمتى ستكون فعاليتها تتسع لتكون تشريعية، تحفيزية، ومثرية للعالم الصحي الإلكتروني؟ لِم لا نستفيد من قرار مجلس الوزاراء بتعيين أعضاءاً في اللجنة الوطنية لتقنين المحتوى الأخلاقي لتقنية المعلومات بأن نعينهم على الحاجات الماسة للمحتوى الصحي والضوابط اللازمة لها؟. ولنكون فاعلين، من الأفضل أن نكون عونا للجمعيات واللجان المختصة أو استحداث ما لم يحدد. وأنا كلي ثقة أننا جميعا نستطيع مد يد العون للرقي بالصحة العامة لمجتمعنا كي لا تتكرر التجارب على الأرواح البشرية والتي أدت للعديد من المشاكل الصحية بحثا وراء تجارة الوهم. لنجمع الثقات في مجتمعنا من ممثلي الصحة في وسائل التواصل الاجتماعي والمؤسسات ونقف على أرض ثابتة لخلق بيئة وممارسات صحية في المجتمع السعودي تثمر في الأجيال الحالية والقادمة.
-رندا بارجاء
ماجستير معلوماتية صحية