الفقر والصحة .. متلازمة لاهروب منها..
يجد الفقر اهتماما ملحوظا لدى الكثيرين ، باعتباره من القضايا الحيوية التى تمس حياة الغالبية من الناس لإعتبارات دينية واقتصادية واجتماعية..الخ) ، ويمتد هذا الاهتمام الى التعمق فى علاقاته وتأثيراته على قطاعات كثيرة كالصحة والتعليم …الخ . علاقة الفقر بالصحة احدى محاور البحث والتنقيب التى لفتت انتباه الباحثين واصحاب الشأن وذلك للطبيعه المتشعبة بهذه العلاقة ويمكن ان نفسرها بطرح اسئلة على شاكله : هل الفقر يؤثر على صحه الانسان ؟ أم ان تدهور الصحة (المرض) يوقع الانسان فى براثن للفقر باعتبار أن معالجته تلتهم جزء مقدر من الدخل تزيد أو تنقص على حسب نوع ومضاعفات المرض؟
تبنى العديد من الباحثين نظرية ترجح أن الفقر يؤدى لاعتلال الصحة باعتبار أن الأسر الفقيرة نتيجة
لوضعها الاقتصادى تنتهج سلوكا يؤثر على وضعها الصحي وتجعلها الاقرب من غيرها في استخدام الرعاية العلاجية التى تمتص دخلها وتؤثر عليها ماليا ونفسيا مما يضع هذه الاسر فى تحدى امام تحمل تكاليف العلاج بمبالغ باهظة الثمن أو انتظار القدر والموت كنتيجة حتمية للاستسلام .
من جانب اخر تبنى عدد مقدر من رجال الاقتصاد نظرية معاكسة مفادها أن إعتلال الصحة هو الذي يقود إلى الفقر ويؤثـِّر على الدخل ويبررون ذلك بأن تغيب رب الاسر أو العائل الرئيسى عن العمل يؤدى لقلة الدخل ، ومن المرجح أن تواجه هذه الاسر وضعا كارثيا عند حدوث علة او مرض لاحد افرادها لعدم القدرة على تحمل تكاليف غير مقدرة ماليا للمعافأة من المرض ولا يمكن التنبؤ بها مسبقا. على مستوى الدولة يعتبر العنصر البشرى العليل معيق للتنمية الاقتصادية ويشكل حجرة عثرة فى زيادة معدَّل النمو الاقتصادي . هنالك علاقة وثيقة تربط بين التحسن فى المؤشرات الصحية و مستويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، اذ ان الاختلاف البائن فى هذه المؤشرات يرجع فى الاصل الى التفاوت فى مستوى التنمية الاقتصادية فى الدولة ومن المهم هنا التذكير بان المقارنات الصحية الحديثة اصبحت تعتمد الى حد كبير على نسبة الانفاق على الصحة من الانفاق الكلى ونصيب الفرد من هذا الانفاق بالاضافة لمؤشرات اخرى ، كما بات بمقدور الدول تحسين مؤشرات الفقر ذات العلاقة بالصحة بعد أن اثبتت العديد من الدراسات أنه يمكن توفير الكثير من الاموال التى تصرف حاليا على الرعاية العلاجية وتحويلها الى الرعاية الوقائية والتى دعمت هذه الدراسات الفرضيات التى تقول أن اى انفاق على الرعاية الوقائية حاليا يوفر اضعافه فى المستقبل ، ويمكن القول أن تبنى هذا الاتجاه يودى لتوفير البيئة الصحية الوقائية لكل افراد المجتمع بما فيهم الفقراء مما يقوى بنيتهم الجسمانية والبدنية ويجعلهم اقوى عند مواجهه المرض مستقبلا وعناصر فاعلة فى زيادة الانتاج .
تظل علاقة الفقر بالصحة علاقة عميقة الجذور ومتلازمة لا هروب منها مهما اختلف الباحثون فى تحديد من يؤثر على الاخر، وبات واضحا ان رغبة الدول في زيادة معدلات مجال التنمية الاقتصادية يتطلب النظر الى حدود وتقاطعات هذه العلاقة ومكونات كل قطاع وما مدى تاثيرها على بعضها البعض ويؤشر السرد الى افراد علاقة بين الصحة والتنمية الاقتصادية وضعا خاصا واضعين فى الاعتبار خلق برامج حديثة تؤدى الى تقوية المورد البشرى وتحسن ظروفه المعيشية وبالتالى زيادة مساهمته فى التنمية الاقتصادية.