البيانات في مواجهة كورونا المستجد (كوفيد-19 )
يتبادل الناس مقاطع من هنا وهناك تحكي دور جمع وهيكلة وتحليل البيانات الضخمة لتحويلها إلى قيمة مضافة، تحت مفهوم تحليل البيانات الضخمة وهو الشغل الشاغل لمعظم الشركات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي هذه الأيام بغية التسريع في اكتشاف دواء لجائحة العصر COVID2019 وإنترنت الأشياء واحدة من أهم الأدوات المساعدة في ذلك،
وبالتزامن مع اتجاهات التحول الصناعي في ٢٠٢٠ إلى مجالات الذكاء الاصطناعي وتعليم الآلة وإنترنت الأشياء ظهرت تجربة الصين في تعاملها مع وباء كورونا المستجد لتضرب مثالا عمليا على أهمية تحليل البيانات لتمكين متخذ القرار من التصرف الصواب، ويدخل في ثنايا ذلك ما يعرف بتعليم الآلة لتكون أكثر قدرة على الفهم، لكي يسهل بعد ذلك التحليل، بحيث تكون الروبوتات والطائرات المسيرة وأجهزة الاستشعار عن بعد قادرة على فهم دلالات الانطباع من الجرس السمعي للصوت والشكل المرئي لتعابير الوجه، والسلوك الحركي للإنسان، بالإضافة إلى العلامات الحيوية التي يمكن مراقبتها عن بعد وأهمها درجة الحرارة المؤشر الأهم والأسرع دلالة على اشتباه الإصابة، هذه التقاطعات في تتبع ورصد البيانات تعطي نتائج تنبئية عالية الدقة، ليأتي بعدها أهمية توفر أو إنشاء محركات البحث الدلالي التي تساعد على الاسترجاع الفعال للمعلومات الهامة في رصد النتائج التي اخرجتها عمليات التحليل وهذا يفتح افاقا للمنظمات الصحية والأمنية والاقتصادية الحكومية وكذلك للشركات التي ترغب استثمار هذا المحتوى المتعلق بهذا الظرف العالمي.
وحيث تعتبر البيانات مصدرا مهما لمتخذ القرار وانطلاقا من أهمية الوقت والجهد لنتمكن من تحديد مصادر البيانات بدقة والبدء في جمع كافة البيانات وفق هيكلة معدة سلفا ومن ثم تحليلها والربط الصحيح بين دلالاتها باعتباره السبيل الأنجع والطريق الأسرع الذي يعطي نتائج مذهله تمكن متخذ القرار من التصرف الصحيح في دول العالم، فإن هذا الأمر يحتاج إلى توافر الفريق المتخصص القادر على الإنجاز بالشكل الصحيح وفي الوقت المناسب، ويشترك في هذا النوع من المهام (تحليل البيانات) ٣تخصصات هي:
- 1- البرمجة
- 2- الاحصاء
- 3- علم المعلومات
وهناك خوارزميات مؤهلة للقيام بمثل هذا النوع من ادارة وتحليل البيانات الضخمة وتحويلها إلى قيمة مضافة
ومن أشهرها نضام مفتوح المصدر معمول به على نطاق واسع اسمه Hadoop
ولابد للجهات التي تهتم بتحليل البيانات الضخمة بغية الإفادة منها في مجابهة كورونا أو أي أمر آخر تجهيز عدة متطلبات منها:
- أولا هيكلة البيانات وتصنيفها
- 1- ثم تنظيمها
- 2- ثم تحليلها
- 3- ثم قراءة نتائج التحليل
- 4- ثم عرضها على خبراء في مجالات مثل المجال الصحي أو الاقتصادي أوالأمني ليقرأها كل خبير من زاويته، ومن ثم تتم كتابة التوصيات لمتخذ القرار بناء على الفهم الصحيح لأبعاد ومعاني نتائج التحليل.
وما تقوم به وزارات الصحة من تدابير احترازية تصاعدية أثناء تعاملها مع حالة وباء كرونا الجديد كانت نتيجة رصد ومتابعة وتحليل لتطور هذا الوباء، وكانت النجاحات والإخفاقات لتلك الوزارات بحسب كل دولة بحجم تعاطيها مع الأزمة وعمل التحليل الصحيح وتوظيفه في صناعة القرار بعد توفيق الله، ولذلك فقد شاهدنا العالم أجمع في هذه الفترة يتحول إلى البيئة الرقمية في كافة مناحي الحياة سواء في التعلم عن بعد، أو التجارة الإلكترونية، وتفعيل تطبيقات انترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي، والعمل عن بعد عبر الانترنت، والاستهلاك من خلال تطبيقات توصيل الطلبات للمنازل، واستخدام الاتصال المرئي لتنفيذ وإدارة الاجتماعات.
وفي المحصلة يتبين أهمية توجه الحكومات والاهتمام بتطوير قدرات مراكز وادارات المخاطر التنبئية وتحليل البيانات التي يمكن ان تساعد في التوقع والجاهزية لكل الأمور حيث يسهم الذكاء الاصطناعي في استخدام الروبوتات عوضا عن تعريض العنصر البشري للخطر عند تقديم الأدوية والغذاء للمرضى، وخدمات التوصيل باستخدام طائرات الدرونز المسيرة، وذلك سيسهم باكتشاف مكامن الاحتياج أو النقص أو الخلل، ويساعد في تحسن عمليات الأداء، وصناعة قرارات واضحة وصحيحة، مع زيادة قدرة المخططين على التنبؤ، وإمكانية الكشف عن الاتجاهات الاجرامية والتجارية والسلوكية والصحية لدى الدول والمنظمات والأفراد أصحاب البيانات محل التحليل، كما أن هذا الأمر يجعل الجامعات والجهات المعنية بالتأهيل تفكر في توسيع القبول للدراسة في مجالات تحليل البيانات وتوظيف الذكاء الاصطناعي.
كما أتمنى من منظمة الصحة العالمية ووزارات الصحة في المملكة العربية السعودية وفي العالم تبني استراتيجية موحدة للعناية بالبيانات الصحية عبر مستودع بيانات عالمي موحد يشترك فيه دول العالم تغذية بالبيانات وإدارة للمحتوى واستفادة من مخرجاته حتى نتعلم درسا نستفيده من جائحة كورونا المستجد.
د. علي بن ذيب الأكلبي
@aalaklubi11