كيف نتخلص من الكيلو جرامات الزائدة من أوزاننا ؟
باتت السمنة خطراً يهاجم مجتمعنا ويهدد صحة الأجيال القادمة ، فأصبحت منازلنا لاتكاد تخلو من طفل بدين أو بالغ يعاني من السمنة الممرضة ، أصبحنا نجد انتشاراً للسمنة في مدارسنا وجامعتنا وأماكن العمل أيضاً ولدى أمهاتنا الغاليات في المنازل ، وهاجمت السمنة فئة الشباب الذين هم الثروة الحقيقية لبناء المجتمعات وتقدم الأمم.
في الحقيقة نحن بصدد مشكلة تهدد صحة مجتمعنا إن لم تواجه وتوضع لها الحلول وتعالج أسبابها ستكون عواقبها وخيمة على صحة المجتمع .
منظمة الصحة العالمية صنفت السمنة كوباء منتشر لما لها من علاقة مباشرة بالإصابة بنحو 48مرضاً خطيراً كمرض السكري وأمراض القلب وبعض أنواع السرطان والتهاب المفاصل.
وتعرف السمنة على أنها زيادة في كمية الدهون الموجودة في الجسم عن المعدل الطبيعي بنحو 20%.
وبناء على الطرق العلمية لتشخيص السمنة يمكن قياس السمنة في معظم الأحيان بطريقة تقريبية تسمى مؤشر كتلة الجسم حيث
يقسم وزن الفرد بالكيلو جرام على طوله بالمتر ، فإذا كانت النتيجة أقل من 18,5 فهذا يعني أن الشخص نحيف ، وإذا كانت النتيجة من 18,5 – 24,9 فهذا يعني وزن مثالي ، وإذا تراوحت النتيجة بين 25 – 29,9 فهذا يشير إلى زيادة في الوزن ، أما إذا زات النتيجة عن 30 فهذا يدل على السمنة.
ومن الطرق أيضاً لتقييم السمنة لدى الأشخاص : قياس سمك الجلد في مواقع محددة من الجسم ، وذلك لأن الجزء الأكبر من الدهون في الجسم تترسب في طبقات تحت الجلد فقط ويستخدم هذا القياس في صيغ محددة لحساب مايعرف ببنية دهون الجسم ويوجد معايير وقياسات مختلفة يمكن لأخصائي التغذية تطبيقها للكشف عن السمنة .
كل ذلك لما للسمنة الشديدة والمفرطة خطر صحي في حد ذاتها، وتخلق السمنة مشاكل طبية أخرى عن طريق وضع ضغط شديد على جميع أجهزة الجسم .
وسألقي لمحة سريعة عن المضاعفات الصحية التي تسببها السمنة للأشخاص البدناء ، ومنها أمراض القلب والأوعية الدموية، وداء السكري من النمط الثاني والأمراض السرطانية (كسرطان الثدي والرحم والبنكرياس)، والخلل في شحوم الدم وهو اضطراب في مستوى الشحوم بالدم حيث ترتفع الشحوم بالدم عن المستوى الطبيعي ، ومرض المتلازمة الأيضية وهو عبارة عن مجموعة من الاضطرابات الجسمية والأيضية التي تزيد من خطورة أمراض القلب والأوعية الدموية وداء السكري من النوع الثاني ، ويمكن تشخيص المتلازمة الأيضية عندما يتوفر ثلاث أو أكثر من المؤشرات التالية:
1- السمنة في المنطقة البطنية .2- ارتفاع مستوى السكر بالدم . 3- ارتفاع ضغط الدم .4- ارتفاع مستوى الجلسريدات الثلاثية بالدم .
وأيضاً للسمنة دور كبير في حدوث العقم وانخفاض عملية الإخصاب للرجل والمرأة ، وللسمنة تأثير على التهاب المفاصل والعظام ، ولها تأثيراً أيضاً على مشكلات انقطاع النفس لعدة ثواني أثناء النوم ، ولها علاقة بالتهابات الكبد والاضطرابات الهضمية وزيادة تكوين حصوات بالمرارة نتيجة الإفراط في تناول الدهون ، وللسمنة دور كبير في زيادة التعرض للجلطات الدموية .
ووجد الباحثون أن للسمنة تأثير على الحامل والجنين فتؤدي السمنة خلال مرحلة الحمل إلى زيادة خطورة مضاعفات ونتائج الحمل ، فالمرأة الحامل التي تعاني من السمنة تزيد لديها نسبة حدوث العملية القيصرية أثناء الولادة، وتزيد نسبة حدوث السكري الحملي وارتفاع ضغط الدم أثناء فترة الحمل ، وقد تؤدي السمنة إلى الولادة المبكرة والإجهاض وتسمم الحمل وزيادة نسبة الوفيات والأمراض للأمهات الحوامل والمواليد .
ترتبط السمنة بالعديد من الأمراض المزمنة والاضطرابات المرضية كما أسلفت سابقاً لذلك فإن معدل انتشار السمنة يعطي مؤشراً عن الحالة الصحية للمجتمع .
وتشكل السمنة خطراً على الفرد في النواحي الاجتماعية كالزواج والارتباط بشريك الحياة ، فوجدت دراسات كثيرة أن فرص الزواج تقل لدى الشاب والفتاة الذين يعانون من السمنة بخلاف من لا يعاني منها .
وقد يتعرض الشخص المصاب بالسمنة للسخرية من الأقارب أو الأصدقاء وخصوصاً من هم على مقاعد الدراسة أو الجامعات وقد يؤثر ذلك سلباً على أدائهم الدراسي ويسبب ذلك العزلة وعدم الاختلاط بالمجتمع، وقد ينشأ عن ذلك أمراضاً واضطرابات نفسية .
إننا بصدد خطر قائم يجب علينا جميعاً التكاتف لمواجهته ووضع الحلول للسمنة ، وتفعيل دور الوعي الصحي للوقاية من السمنة قبل حدوثها ، ولكي نواجه السمنة لابد من معرفة أسبابها والعوامل المؤدية إليها، فعند البحث عن أسباب السمنة وجدت أن أسبابها لا تقتصر فقد في عدم التحكم بتناول الطعام وزيادة المتناول من السعرات الحرارية فحسب بل هناك عوامل أخرى لها دور في حدوث السمنة كالعوامل الوراثية، ،فقد يكون للجينات الوراثية دور في حدوث السمنة وزيادة الوزن لدى بعض الأشخاص ، وقد تؤثر أنماط المعيشة والسلوكيات الخاطئة والعادات الغير صحية في ارتفاع نسبة حدوث السمنة ومن هذه العوامل:
– سهولة توفر الغذاء المنخفض بالثمن والمرتفع بالسعرات الحرارية .
– زيادة تناول المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والاكثار من تناول الوجبات السريعة .
-قلة ممارسة النشاط البدني
– زيادة الأوقات المهدرة على مشاهدة التلفاز والجلوس لساعات طويلة أمام أمام الأجهزة الذكية.
ومن أساب السمنة أيضاً المناسبات الاجتماعية كولائم الزواج والحفلات وغيرها فالإسراف في تناول الطعام في هذه المناسبات يلعب دوراً كبيراً في حدوث السمنة.
وللعوامل النفسية ارتباطاً بالسمنة ، فتفيد بعض الدراسات الحديثة أن بعض الأشخاص يلجأون إلى تناول الطعام عندما تزداد عندهم التوترات النفسية ، أيضاً حرمان الشخص البدين من الأطعمة التي يفضل تناولها عندما يكون مع الأخرين يشكل عبئاً نفسياً عليه مما يجعله يكثر من الأطعمة التي يحبها عندما يكون لوحده.
كما أن بعض الأشخاص المصابون بالبدانة يتلافون المواقف والأماكن التي تعرضهم لسخرية الأخرين مثل ممارسة الرياضة أمام الناس أو الظهور في شاشات التلفاز أو في الاماكن العامة ،وهذا بدروه يشكل ضغطاً نفسياً عليهم يدفعهم إلى زيادة تناول الطعام بدلاً من تقليله. وهناك أيضاً بعض العوامل الفسيولوجية التي تؤدي لحدوث البدانة مثل اضطراب الغدة الدرقية
وهنا تبقى ضرورة إيجاد حلول وطرق لمعالجة السمنة ويجب أن نجيب على هذا السؤال
كيف نتخلص من الكيلوجرامات الزائدة من أوزاننا ؟ ولكي نجيب على هذا السؤال لابد من علاج السمنة ووضع حلول لها من عدة جوانب وهذه الجوانب هي :
1-العلاج الغذائي ( التنظيم الغذائي ) :
يعتبر التنظيم الغذائي ( الحمية الغذائية ) أهم مكونات الخطة العلاجية لمعالجة السمنة والتخلص منها ، ويعتمد فقدان الوزن على إنقاص المتناول من السعرات الحرارية الكلية الناتجة من جميع مصادر الطاقة المتناولة. وهناك عدة استراتيجيات لتخفيض الوزن وهي :
1- الاعتدال في تناول الغذاء :عن طريق تخطيط وجبات غذائية منخفضة السعرات الحرارية بالاستعانة بأخصائي التغذية ( لكي يقل الوزن يجب أن تكون كمية الطاقة المتناولة من الغذاء أقل من كمية الطاقة المصروفة خلال الأنشطة الرياضية )، وقد أمرنا ديننا الحنيف بأن لا نسرف في طعامنا فقال تعالى ( وكلوا واشربوا ولا تسرفوا ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه ، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه ، فإن كان لابد فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه ) فالاعتدال في تناول الغذاء يعتبر أساس الحياة إذا أراد الإنسان أن يعيش سليماُ معافى من أمراض السمنة والمشكلات الصحية المرتبطة بها ، فالإسراف في تناول الطعام في إرهاق لأعضاء الجسم دون فائدة ، ويؤدي إلى اضطراب الجهاز الدوري الدموي والتنفسي والعصبي .
2- زيادة النشاط البدني والحث على ممارسة التمارين الرياضية :
فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلاً كلما غدا أو راح )) فهذا الحديث الشريف يشجع على المشي وكثرة الخطأ التي تعد رياضة للبدن ووقاية من الأمراض ، وقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل ) في هذا حث على الرياضة والنشاط البدني .
وقد أثبتت الدراسات العلمية أن للرياضة تأثيراً على صحة القلب والأوعية الدموية والجسم بصورة عامة . ويمكن زيادة النشاطات البدنية من خلال ما يلي :
- استخدام السلم بدلاً من المصعد.
- المشي إلى العمل أو المسجد وعدم استخدام السيارة .
- القيام بأعمال المنزل وعدم الاعتماد كلياً على الخادمة .
- تقليل فترة الجلوس على الحاسب الآلي أو مشاهدة التلفاز.
- إيقاف السيارة بعيداً عن المنزل والذهاب للمنزل ماشياً .
وللنشاط البدني فوائد جمة لا تحصى ومنها :
- تحسين اللياقة البدنية ( زيادة القوة العضلية والمرونة وتحسين القوام )
- زيادة الطاقة والقدرة الجسمية والعضلية في أداء العمل اليومي بأقل مجهود التاجية.بالتعب والإجهاد .
- تساعد التمارين الرياضية على خفض الشهية وبالتالي تقلل من تناول كميات عالية من الطعام .
- تخفض التمارين الرياضية من اضطرابات ومشاكل الدورة الشهرية لدى الفتيات .
- تساعد التمارين الرياضية على التخلص من عادة التدخين .
- تعمل التمارين الرياضية على زيادة كفاءة القلب والرئتين وزيادة حجم الدم وزيادة مرونة الشرايين التي تغذي عضلة القلب مما يقلل من انسداد الشرايين التاجية .
- تعمل التمارين الرياضية على تقليل احتمال الاصابة أو الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية إذ تزيد التمارين الرياضية من الكولسترول الجيد وتخفض الكولسترول السيء ،وتقي من السمنة، ومن بعض أمراض الجهاز التنفسي مثل الربو والحساسية وضيق التنفس ، كما تقلل الأنشطة البدنية من الإصابة بداء السكري من النوع الثاني ، كما أنها تقي من أمراض العظام والمفاصل وآلام الظهر .
ولابد قبل البدء في وصفة النشاط البدني في حالة السمنة من معرفة مستوى النشاط الحالي للشخص ، ومدى المشاركة في التمارين الرياضية للشخص ، والمعوقات التي تواجه الفرد وتمنعه من ممارسه النشاط البدني لدى الشخص ، وأيضاً لابد من معرفة نوع النشاط البدني المفضل والتوقيت المناسب لممارسة ولا بد من معرفة إصابة الشخص من عدمها بأمراض القلب والحالة الصحية والأمراض الحالية المصاحبة للشخص ، ونوع الإعاقات البدنية التي قد تحد من نشاط الشخص ونوعية الأدوية التي يتناولها .
فمعرفة جميع تلك المعلومات يساعد على إيجاد الحلول والتشجيع على البدء في زيادة النشاط البدني .
3- العلاج السلوكي : تغيير أسلوب المعيشة ونمط الحياة الغير صحي:
لا يمكن أن ينجح برنامج تخفيف الوزن دون تعديل السلوكيات في تناول الطعام وتعديل أسلوب المعيشة ومن أهم الجوانب التي يجب تعديلها هي :
- التقليل من تناول الأطعمة الدسمة والمرتفعة من السعرات الحرارية وعدم تناول الطعام خارج المنزل وخاصة الوجبات السريعة .
- عدم تناول الطعام أثناء مشاهدة التلفاز لأن ذلك يؤدي لتناول كميات كبيرة من الأطعمة دون الإحساس بذلك بسبب الانشغال بمشاهدة التلفاز.
- تناول 3 وجبات رئيسية منوعة وصحية في مواعيدها المنتظمة ، وتجنب تناول الطعام في وقت متأخر من الليل على أن يكون آخر وجبة قبل النوم ب 3ساعات .
- التخطيط المسبق لحضور المناسبات الاجتماعية بتناول وجبة خفيفة أو قليل من الفاكهة قبل الذهاب إلى الوليمة حتى لا يكثر من تناول الأطعمة الدسمة بكميات كبيرة في تلك المناسبات.
- عدم الوصول إلى مرحلة الجوع الشديد حتى لا يضطر الشخص لتناول كميات كبيرة من الطعام .
- تناول وجبات صحية خفيفة قليلة السعرات الحرارية بين الوجبات الرئيسية .
- مضغ الطعام جيداً وتناوله ببطء لأن المخ يرسل رسالة عصبية بعد 15 دقيقة من بداية تناول الطعام تشعرنا بأننا نأكل والبدء بالإحساس بالشبع.
- تناول كوب من الماء قبل تناول الوجبة ثم البدء بتناول السلطات ثم الشوربة قبل تناول الوجبة الرئيسية .
- يجب أن يكون الطعام صحياً ومنوعاً باستخدام دليل الطبق الصحي مع زيادة كمية الخضروات الطازجة .
- مقاومة الإغراء من الزملاء والأصدقاء ومحاولة الاعتذار عندما يقدم لك الطعام المرتفع بالسعرات الحرارية.
- عدم الحرمان من الأطعمة المفضلة بل يمكن تناول كميات قليلة منها على فترات متباعدة كنوع من المكافأة الشخصية عن تحقيق هدف معين في نزول الوزن .
4- العلاج الدوائي أو الجراحي لعلاج السمنة :
بعض الاشخاص ممكن أن يحتاجوا الى العلاج الدوائي أو الجراحي تحت إشراف طبي.
وختاماً :
نمط الحياة الصحي النشط ( التغذية الصحية والنشاط البدني ) هو صمام الأمان بإذن الله في الوقاية من السمنة ومضاعفتها .
أخصائي أول تغذية :
- تهاني المزيني
- DT_Tahani@