في قريتي الصغيرة الهادئة يخيم الصمت لأجل التأمل واستعادة الذكريات التي تحملنا بين طياتها شوقاً وحنيناً ،لكن أصدقائي الصغار رنا، وريان، ولمار، ولارين، قطعوا  صمتي بسؤالهم كيف تأتي الثقة ؟وبحكم معرفتي  بأنهم يتمللوا من الحوار قلت لهم سوف أحكي  لكم قصه ،

قصتنا اليوم لطفلة تعيش بقرية مثلكم لكنها مع جدتها بعد أن توفي والديها ، وكانت تنام بين ذراعي جدتها في غرفة بالطابق العلوي ،  في إحدى الليالي يا صغاري شب حريق في المنزل ، حاولت الجدة الإطفاء لكنها لم تستطع و انتشرت النار بشكل سريع في المنزل وأحاط اللهب الدور العلوي من كل جانب، شاهد الجيران اللهب واستدعوا الإطفاء ووقفوا عاجزين ينظرون بألم وينتظرون الإطفاء وما سوف يحدث ، ظهرت لهم الطفلة من إحدى النوافذ بالطابق العلوي وهي تصرخ تطلب المساعدة ، واحاديث الجيران تدور ان رجال الإطفاء قد يتأخرون لأنهم يؤدون واجبهم بإخماد حريق آخر ، وفجأة ظهر رجل مسرعاً يحمل سلماً وضعه على أحد جوانب المنزل وصعد وبعد صعوده اختفى داخل المنزل ليظهر لهم مرة أخرى حاملاً الطفلة بين ذراعيه ، سلم الطفلة إلى الايادي التي كانت تنتظر أسفل المنزل وأخبرهم بوفاة الجدة ثم اختفى في ظلام الليل ، كانت ليلة قاسية على الطفلة ولم يبقى لها أقارب  بعد وفاة جدتها، اجتمع مجلس القرية بعد الحادثة بعدت أيام لاتخاذ قرار من الذي سيأخذ الطفلة الى منزله ويقوم بتربيتها :

قالت معلمة أنها تود أن تربي الطفلة وأوضحت لمجلس القرية أنها سوف تضمن للفتاة تعليماً جيد، .

كذلك عرض أحد المزارعين أنه يود تربيتها في مزرعته موضحاً للمجلس أن الحياة بالمزرعة تتميز بأنهاصحية وميسرة .

وتحدث آخرون يرغبون في تربية الطفلة موضحين للمجلس الأسباب التي من أجلها يكون من صالح الطفلة أن تعيش معهم .

نهض أغنى رجل في القرية قائلاً :

أنا أستطيع أن أوفر لهذه الطفلة كل المزايا التي ذكرتموها بالإضافة الى المال وكل مايمكن للمال ان يصنعه .

المناقشات في مجلس القرية تدور والطفلة صامتة وعيناها تنظر للأرض خوفاً وحزناً .

سأل رئيس المجلس هل يريد أي شخص آخر التحدث ليتم حسم الأمر ، في هذه اللحظة تقدم رجل من الخلف يبدو عليه الألم متجهاً إلى الطفلة وعندما أقترب منها مد لها ذراعيه ، اندهش الحضور وكانت على يديه آثار ندوب ، صاحت الطفلة بصوت عالي هذا هو الرجل الذي أنقذني وقفزت بين ذراعيه وأحاطت عنقه بذراعيها ممسكة به بشدة وأجهشت بالبكاء ثم نظرت إليه وابتسمت ، فقال رئيس المجلس حسم الأمر  من يربي الطفلة .

علم الجميع أن إكتساب الثقة ليس كافياً أن تكون تملك العلم أو المال بل كيف تكون عند المواقف والأزمات .

وعلى القائد أن يكون نموذجاً لزملائه بمواقفه لا بكلماته .

  دمتم بود.

 

 

 

أ/موسى محمد الهزازي.