أحد أهم تعريفات الجودة هو تحقيق تطلعات العميل أو تجاوزها , وهنا يتبادر إلى الذهن مباشرة عندما نتحدث عن العميل داخل القطاع الصحي بأنه المريض والذي يعتبر عميلا محوريا تدور حوله كافة الجهود داخل القطاع الصحي حيث أن أحد أبعاد الجودة في الرعاية الصحية هو ” الخدمة المتمحورة حول المريض Patient centered services

ولكن على الجانب الآخر يلاحظ أن ثمة عملاء مهمين لم يتم التركيز عليهم ومنهم الموظف كعميل داخلي وهنا سأتطرق للإجابة عن سؤالين حول العميل الداخلي ” الموظف” أولها هل فعلا هناك ما يسمى تجربة الموظف على غرار تجربة المريض؟

والسؤال الآخر هل هناك ارتباط بين تحسين تجربة الموظف وتحسين تجربة المريض؟

بالطبع عند الحديث عن تحسين تجربة الموظف فهذا لا يعني تدليل الموظف أو تقديم التسهيلات له مما قد يؤدي الى التقصير في خدمة المريض بل الوصول من خلالها لرضا المريض بالطريقة التي تستفيد من موارد المؤسسة وخبرات العاملين وبشكل لا يؤثر سلبا على احترام الموظف أو التقليل من كرامته فمن خلال جهود الشركات الكبرى على مستوى العالم برز مصطلح تجربة الموظف كأحد الاتجاهات العالمية في مجال الموارد البشرية مما يعكس أيمانا عميقا بأهمية تحسين تجربة الموظف لتحقيق أهداف وتطلعات المنظمات.

تعرف تجربة الموظف بأنها الرحلة التي يعيشها الموظف في المؤسسة طوال دورة حياة الموظف إضافة الى التجارب والفرص التي تكون في مجال عمله وأيضا عوامل الارتباط والرضا والرفاه داخل المؤسسة

ويمكن تلخيص الرحلة في المراحل التالية: 

(الاستقطاب، التوظيف، التهيئة، الارتباط، الأداء، التطوير،مغادرة المنظمة)

حيث ينبغي على المؤسسة تصميم تجربة الموظف بحيث تركز على تحسينها خلال رحلة الموظف بدءا من إستقطاب الموظف الكفؤ وانتهاءا بمغادرة الموظف بإيجابية للمؤسسة وتتوسط الرحلة الاستقبال المناسب للموظف وتهيئته من خلال البرامج التوجيهية وأيضا أشراكه في تحقيق أهداف المؤسسة وتطوير مهاراته والقياس المستمر للأداء والذي من خلال يتم معرفة فرص تطوير مهارات الموظف وتنمية معارفه باستمرار وتحفيزه بالشكل الملائم. 

ولكن هل عندما تتحسن تجربة الموظف نحصل على رضا أعلى للمريض؟

في الحقيقة يوجد هناك علاقة طردية ولكنها معقدة نوعا ما ويوجدهناك آليات مترابطة محتملة يمكن إجمالها في النقاط التالية:

يقدم الموظفون المحفزون من قبل مؤسستهم رعاية أفضل (مما يؤدي إلى تجربة أفضل للمريض)
الموظفون الذين يشعرون أن تجربتهم تؤخذ على محمل الجد يكونون أكثر تحفيزًا وتقبلًا للتعليقات
تعد المشاركة في مشاريع تحسين الجودة الذي يركز على المريض أمرًا محفزًا بحد ذاته
يمكن أن يؤدي تحسين تجربة المريض إلى تحسين تجربة الموظفين بشكل مباشر.

 

ويمكن التعويل على خبرة وكفاءة العاملين في الخط الأمامي لتحسين تجربة المريض حيث أنه في الوقت الذي يتعرضون فيه لضغط العمل الشديد يجب أن يتم الاعتراف بأهمية معرفتهم وخبراتهم الخاصة والاهتمام بمعنويات الموظفين وتحفيزهم والذيقد يؤدي بدوره (بشكل مباشر أو غير مباشر) إلى رعاية أكثر تركيزًا على المريض ويتم تعزيز هذا الاهتمام من خلال:

مشاركتهم بشكل مباشر في تصميم وتنفيذ العمليات لتحقيق الإلتزام بالرعاية التي تركز على المريض،
توفير بيئة عمل يتم فيها تقييم أهم أصول المنظمة – القوى العاملة – ومعالجتها بنفس المستوى من الكرامة والاحترام كما هو متوقع منها للمرضى حيث أنه لتقديم رعاية تتمحور حول المريض، يجب أن تتمحور المؤسسة حول الإنسان،وليس مجرد التركيز على المريض.
بقلم / نبيل عصيري
مدير اداره الجوده وسلامه المرضى
مستشفى صبيا العام