يبادر إلى ذهنك سؤال تطرحه على نفسك هل بإمكانك نقل الإضطراب العقلي أو النفسي إلى طفلك؟ في الواقع لا يوجد جين معين عند انتقاله يسبب اضطراب عقلي أو نفسي لأن أسباب الإضطرابات النفسية والعقلية تتطلب العديد من الجينات المتفاعلة و العوامل البيئية.    

 

إن تركيبة الدماغ أمر معقد , فالدماغ يحتوي على أكثر من 100 مليار خلية عصبية. وتنطلق كل منها عشرات إلى مئات المرات في الثانية الواحدة بل و تتصل بعضها البعض بمقدار يتراوح الى 240 تلريون نقطة تشابك.   

وهذا يعني بأن ظهور الإضطراب العقلي أو النفسي في العائلة وفرصة إصابة الفرد بإضطراب معين تكون أعلى إذا كان أحد أفراد العائلة يعاني من نفس الإضطراب , كما تكون هناك اختلافات في شدة الأعراض وإختلاف حدتها , وفي بعض الحالات يكون الإضطراب الجيني مجرد تغيير جديد (طفرة) يؤثر على الحمض النووي للشخص .   

  

وقد أثبتت الدراسات خمسة إضطرابات عقلية و نفسية هي الأكثر وراثة ولكنهم ليسوا الوحيدين, و هم كما يلي:-   

 

  • الإكتئاب \ فهو إضطراب له مكون بيئي قوي جدا و لكن مكونه الجيني اقوى    
  • الفصام \ وإضطراب ثنائي القطب \ فأساس هذه الإضطرابات خلل كيميائي أساسي في الدماغ و هذا الخلل من الممكن أن تصل نسبة توريثه إلى 40 بالمئة تقريبا.    
  • التوحد\ إن الجينات ليست مسؤولة بالكامل عن فرص إصابة الطفل بالتوحد فقد تعمل بعض التأثيرات البيئية ، مثل التعرض الأم للأستجابة المناعية في الرحم أو المضاعفات أثناء الولادة مع العوامل الوراثية فينتج عن ذلك اضطراب التوحد أو تكثيف سماته.   
  • إضطراب الوسواس القهري\ هناك أبحاث دلت على وجود علاقة قوية في توريث هذا النوع من الإضطراب ويظهر بشكل أقوى عند التأثير البيئي , كالصدمة و الأذى العاطفي والجسدي أو تعاطي المخدرات.    

 

وفي بعض النتائج الدراسية بينت أن المراهقين والشباب الذين يعانون من مواقف مثل (انفصال العلاقات ، فقدان الوظائف ، وفاة أحد الوالدين أو الأشقاء) معرضون للإصابة بإكتئاب شديد ، خاصة إذا ورثوا نوعًا معينًا من السيروتونين (الجين الناقل المشارك في إشارات خلايا الدماغ والتواصل). و بالإضافة إلى ذلك ، كشفت فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي أن الأشخاص الذين لديهم هذا المتغير الجيني أظهروا نشاطًا مفرطًا في منطقة الدماغ (اللوزة) التي تعالج القلق والخوف.   

    

هل الصحة النفسية وراثية؟   

   

الجواب على هذا السؤال محير بنعم و لا. فقط لأنك ورثت جينات لأضطراب عقلي لا يعني أنه سيتم تشخيصك بهذا الإضطراب ولكن الجمع بين العوامل البيئية والجينية يزيد من فرص الإصابة بالإضطراب العقلي والنفسي و يؤدي إلى تطوره.    

 

ماذا من الممكن أن نفعل عند وجود اضطراب عقلي في العائلة لأكثر من شخص؟   

   

إن زيادة البحوث والدراسات في هذا الموضوع تعمل على تطور بشكل أفضل في تدخلات علاج الإضطرابات النفسية والعقليه.    

ليس هناك ما يمكنك فعله في جيناتك – ولكن يمكنك التخلص من البيئات السامة وممارسة العادات الصحية والبحث عن العلاج والدعم , فإن معرفة تاريخ عائلتك يساعدك في اتخاذ قرارات أفضل بشأن أسلوب حياتك.   

   

 

   

 بقلم/ أ.شيخه المزين   

أخصائية علم نفس