*نظرة عامة

عندما يتم الاستشهاد بالندوات والمؤتمرات العلمية الصحية فانه يتم الإشادة بالنظام الصحي البريطاني ولاكن في أبريل من هذا العام، تُرك 24000 شخص ينتظرون أكثر من 12 ساعة في أقسام الطوارئ في إنجلترا، وهو أعلى رقم على الإطلاق في الشهر نفسه ظل ما يقرب من 30000 شخص يعانون من سكتة دماغية أو ألم مفاجئ في الصدر ينتظرون لمدة ساعتين أو أكثر للحصول على سيارة إسعاف (الهدف 40 دقيقة). قد تشير هذه الأرقام إلى أن مستشفيات إنجلترا تعاني من أزمة حادة في النظام الصحي، وهي أزمة تتطلب ضخ الأموال والموظفين بشكل عاجل. لكن هذا سيكون خطأ في التشخيص. في حين أن الوباء تسبب بلا شك في حدوث صدمة في النظام الصحي الممول من القطاع العام في المملكة المتحدة، إلا أن القضايا الأساسية التي تعاني منها هيئة الخدمات الصحية الوطنية مزمنة منها قوائم الانتظار للعلاج، أيضا لا يمكننا إلقاء اللوم على نقص التمويل، لأنه في عام 2019 ، أنفقت المملكة المتحدة ما يزيد قليلاً عن 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على الرعاية الصحية ، مما يجعلها من بين دول أوروبا الغربية الثرية. وفقًا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)

*الأسباب

قال وزير الصحة السابق لورد وورنر وزير الصحة في عهد توني بلير بتاريخ 3 يوليو 2022 إن هيئة الخدمات الصحية الوطنية ستنهار بدون تغييرات “جذرية وغير شعبية” بما في ذلك تقليل عدد المستشفيات، وإنشاء مراكز علاج يديرها القطاع الخاص ونقل السلطة والتمويل إلى المجالس المحلية.

 

*التداعيات

التفسير الواضح هو نقص الموظفين بعد عامين من كارثة كوفيد-19 ، لذا يبدو من المنطقي أن المشاكل في المستشفيات يجب أن تحل عن طريق زيادة عدد الأطباء في حين انخفض عدد الأطباء الممارسين العامين المؤهلين تأهيلا كاملا في إنجلترا بنسبة 8 في المائة منذ عام 2009 ، متجاوزًا نمو السكان المسنين الذين يمثلون جزءًا كبيرًا من طلب المستشفيات وبالرغم من النقص بالممارسين الصحين الى ان أعداد التمريض يستمر بالنمو ولاكن اعداد الاستقالات تجاوزت عدد النمو , المملكة المتحدة تخصص جزء كبيرا من إنفاقها على الرعاية الصحية لخدمات المستشفيات أكثر من أي خدمات اخرى، ويأتي الانفاق بعد ذلك للطب الوقائي والرعاية السكانية والعيادات الخارجية، (وفقًا لبيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية)

*فشل الرعاية الصحية الأولية:

تصنف المملكة المتحدة من بين أعلى معدلات دخول المستشفيات في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن – وكلاهما يمكن علاجه إلى حد كبير في الرعاية الأولية – وتباعا لذلك انخفض الرضا العام عن الأطباء من 68 إلى 38 في المائة في عام 2021.

*وقف التطور

على مدى عقد كامل استثمرت بريطانيا أقل بكثير في البنية التحتية في مجال الرعاية الصحية من أي دولة متقدمة كبرى أخرى (وفقًا لتحليل أجرته المؤسسة الصحية بلندن)، مما أدى إلى انخفاض عدد الأسرة وأجهزة التشخيص مقارنة بالدول المماثلة.

 

 

 

*ازمة الطوارئ

 تتضح لنا الصورة من خلال تقرير صادر عن “مونيتور”، منظم الخدمات الصحية. ان النقص يرجع إلى تأخر خروج المرضى المسنين، والزيادة المطردة في الطلب على الأسرة، وهذا يؤكد ان أي ازمة صحية تحل بالبلاد قد ينهار النظام الصحي بشكل دراماتيكي.

*الضغط وكارثة 2005

إذا لم يتم اتخاذ إجراء قريبًا سيكون هناك هروب مستمر للأطباء والممارسين الصحين من هذا المجال لأنهم يجدون الإجهاد مرتفعًا للغاية وبعضهم يشعرون بخيبة أمل(احتراق وظيفي)  بالإضافة إلى ذلك  ستغلق المستشفيات أبواب الدخول لأنها لن تكون قادرة على التعامل مع الكم الكبير من المرضى وهذا أمر خطير للغاية.

حسب ما كتب البروفيسور تيم إيفانز استشاري العناية المركزة في مستشفى رويال برومبتون في لندن: “ من الواضح بشكل متزايد أن مستشفياتنا تكافح للتعامل مع التحدي المتمثل في شيخوخة السكان الذين يعانون من أمراض متعددة ومعقدة ”، وحذر من أنه إذا لم يتم اتخاذ خطوات لتحسين المستشفيات، فقد تكون هناك فضائح أخرى ، مثل تلك التي حدثت في Mid-Staffordshire NHS Trust ، حيث توفي مئات المرضى بسبب سوء الرعاية بين عامي 2005 و 2009.

 

*الحل

لن يقل الطلب على الاسرة بالمستشفيات وإن التراكم الهائل الناجم عن الوباء يعني أنه يتم الطلب من المستشفيات الآن إجراء عمليات أكثر بكثير مما كانت عليه في عام 2019. وسينمو عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 85 عامًا وأكثر في إنجلترا بنسبة 25 في المائة أخرى بحلول نهاية هذا العام وسيسهم كلا العاملين بالضغط على المستشفيات لذا لن يتم علاج تحديات NHS بالحلول السريع بل الطريق إلى التعافي ممهد باستثمارات طويلة الأجل لتحسين القدرة المادية للنظام، وللتحويل التدريجي للتوازن من العلاج في المستشفيات إلى الطب الأولي او الطب الوقائي (التوعية قبل المرض)

وذلك بتفعيل الرعاية الصحية الأولية.

 

 

 

بقلم / أ. بسام جسار