دور تحسين تجربة المريض في بلورة نظام الرعاية الصحية
أصبحت تجربة المريض ذات أهمية متزايدة في تشكيل نظام الرعاية الصحية. نظرًا لأن المرضى لديهم المزيد من الخيارات والمعلومات والتجارب، فإنهم يطالبون برعاية عالية الجودة وتجربة أكثر تخصيصًا. هذا يدفع مؤسسات الرعاية الصحية إلى التركيز على تحسين تجربة المريض من أجل تحقيق نتائج أفضل، مثل زيادة رضا المريض والالتزام بخطط العلاج وتقليل تكاليف المنشأة الصحية والمحافظة على ولاء المريض.
هناك طرق عديدة لتحسين تجربة المريض وبعض من أهمها ما يلي:
- التواصل: يريد المرضى أن يتم إعلامهم بشأن خططهم العلاجية، ويريدون أن يشعروا أنه يتم الاستماع إليهم. يجب أن يأخذ مقدمو الرعاية الصحية الوقت الكافي لشرح خيارات العلاج والإجابة على الأسئلة بطريقة واضحة ومفهومة.
- الاحترام: يجب معاملة المرضى باحترام وكرامة، بغض النظر عن وضعهم الاجتماعي أو العرق أو أي عوامل أخرى. وهذا يعني توفير الخصوصية، ومراعاة الاختلافات الثقافية، وتجنب اللغة التمييزية.
- الراحة: يجب أن يشعر المرضى بالراحة أثناء تفاعلهم مع نظام الرعاية الصحية. وهذا يعني توفير مرافق نظيفة وجيدة الصيانة، فضلاً عن مناطق انتظار وغرف مريحة للمرضى.
- المشاركة: يجب تشجيع المرضى على المشاركة في رعايتهم الخاصة. وهذا يعني منحهم خيارات بشأن علاجهم، وتزويدهم بالمعلومات حتى يتمكنوا من اتخاذ قرارات مستنيرة.
إن تحسين تجربة المريض لا تقتصر فقط على جعل المرضى يشعرون بتحسن ولكن يتعلق الأمر أيضًا بتحسين جودة الرعاية. عندما يكون المرضى راضين عن رعايتهم، فمن المرجح أن يلتزموا بخطط العلاج ويحققوا نتائج أفضل وهذا يمكن أن يؤدي إلى انخفاض التكاليف لكل من المرضى ونظام الرعاية الصحية.
في السنوات الأخيرة، كانت هناك حركة متنامية لتحسين تجربة المريض. كانت هذه الحركة مدفوعة بعدد من العوامل، بما في ذلك الاستهلاك المتزايد للرعاية الصحية وارتفاع تكلفة الرعاية والتركيز المتزايد على الرعاية التي تركز على المريض.
هناك عدد من الاستراتيجيات الفعالة لتحسين تجربة المريض تتضمن ما يلي:
- جمع ملاحظات المريض: يجب على مؤسسات الرعاية الصحية جمع ملاحظات المريض بانتظام لتحديد المجالات التي يمكن تحسين تجربة المريض فيها. يمكن جمع هذه التعليقات من خلال الاستطلاعات ومجموعات التركيز والأساليب الأخرى وعرضها بشكل ربع سنوي.
- قياس تجربة المريض: يجب على مؤسسات الرعاية الصحية قياس تجربة المريض على أساس منتظم. يمكن أن يساعدهم ذلك على تتبع التقدم وتحديد النقاط التي تحتاج إلى تحسين وعرضها مع الأقسام المعنية بهدف وضع خطط للتحسين.
- إجراء تغييرات بناءً على التعليقات: يجب على مؤسسات الرعاية الصحية إجراء تغييرات على سياساتها وإجراءاتها بناءً على ملاحظات المريض. سيساعد هذا على التأكد من أن تجربة المريض تتحسن باستمرار.
- الاستثمار في تدريب المتخصصين في الرعاية الصحية على كيفية تقديم رعاية تتمحور حول المريض
- خلق المزيد من المرافق والبيئات الصديقة للمرضى
- استخدام التكنولوجيا لتحسين الاتصال وتنسيق الرعاية
- توفير المزيد من الخيارات والتحكم للمرضى
- إنشاء مجالس استشارية بحضور مجموعة مختارة من المرضى: بحيث يكون للمريض رأي ونصيب في اتخاذ القرارات التي تخص تجربة المريض.
من خلال اتخاذ هذه الخطوات، فانه يمكن للمملكة العربية السعودية أن تجعل نظام الرعاية الصحية الخاص بها أكثر تركيزًا على المريض وتحسن من جودة الرعاية لمواطنيها. سيساعد ذلك بشكل كبير في تحقيق أهداف رؤية 2030 الخاصة بتطوير الرعاية الصحية وخلق بيئة صحية ومستدامة لجميع المواطنين والمقيمين.
لتحسين تجربة المريض عدد من الفوائد لمؤسسات الرعاية الصحية وتشمل هذه الفوائد:
- زيادة رضا المريض: عندما يكون المرضى راضين عن رعايتهم، فمن المرجح أن يستمروا مع المؤسسة الصحية ويوصوا بها للآخرين.
- تحسين النتائج السريرية: عندما يكون المرضى أكثر رضا عن رعايتهم، فمن المرجح أن يتبعوا خطة العلاج الخاصة بهم ويكون لديهم نتائج سريرية أفضل على المدى القصير والبعيد.
- انخفاض التكاليف: عندما يكون المرضى راضين عن رعايتهم، فمن غير المرجح أن يرفعوا دعاوى قضائية أو يسعون للحصول على رعاية إضافية غير ضرورية ولن يبحثوا عن مؤسسات أخرى تقوم بإعادة اجراء الفحوصات بهدف إرضاء المريض.
تتضمن رؤية المملكة العربية السعودية 2030 عددًا من الأهداف لقطاع الرعاية الصحية، بما في ذلك تحسين جودة الرعاية وزيادة الوصول إلى الرعاية وخفض التكاليف. يعد تحسين تجربة المريض جزءًا مهمًا من تحقيق هذه الأهداف. ومن خلال التركيز على تحسين تجربة المريض، يمكن لمؤسسات الرعاية الصحية جذب المرضى والاحتفاظ بهم وكسب ولاءهم وتحسين النتائج السريرية وتقليل التكاليف. سيساعد ذلك على ضمان أن يكون نظام الرعاية الصحية في المملكة العربية السعودية في وضع جيد لتلبية احتياجات مواطنيها في السنوات القادمة خصوصا مع التوجه الى خصخصة القطاع الصحي.
كيف سيؤثر تحسين تجربة المريض على رؤية المملكة العربية السعودية 2030 للقطاع الصحي؟
تتضمن رؤية المملكة العربية السعودية 2030 عددًا من الأهداف لقطاع الرعاية الصحية، بما في ذلك:
- تحسين جودة الرعاية
- زيادة الوصول إلى الرعاية
- تقليل التكاليف
يعد تحسين تجربة المريض جزءًا مهمًا من تحقيق هذه الأهداف. عندما يكون لدى المرضى تجربة إيجابية، فمن المرجح أن يكونوا راضين عن رعايتهم، ويتبعون خطة علاجهم، ويحققون نتائج سريرية أفضل وهذا يمكن أن يؤدي إلى انخفاض التكاليف لنظام الرعاية الصحية ككل ويساهم في رفع جودة الحياة للفرد والمجتمع.
خاتمة
يعد تحسين تجربة المريض جزءًا مهمًا من تشكيل وبلورة نظام الرعاية الصحية. من خلال التركيز على المريض، يمكن لمؤسسات الرعاية الصحية جذب المرضى والاحتفاظ بهم وتحسين النتائج السريرية وتقليل التكاليف. سيساعد ذلك على ضمان أن يكون نظام الرعاية الصحية في المملكة العربية السعودية في وضع جيد ومتطور لتلبية احتياجات مواطنيها في السنوات القادمة. يستحق المرضى أن يعاملوا باحترام وكرامة، وهم يستحقون أن يكون لديهم تجربة إيجابية عندما يتفاعلون مع نظام الرعاية الصحية. أعتقد أيضًا أن تحسين تجربة المريض يمكن أن يؤدي إلى نتائج علاجية أفضل للمرضى. عندما يكون المرضى راضين عن رعايتهم، فمن المرجح أن يلتزموا بخطط العلاج ويحققوا صحة أفضل. أنا متحمس أيضًا للتحدي المتمثل في تحسين تجربة المريض. ليس من السهل دائمًا إجراء تغييرات على نظام الرعاية الصحية، لكنني أعتقد أنه من الممكن إنشاء نظام يركز بشكل أكبر على المريض ويوفر تجربة أفضل للمرضى.
بقلم: ياسر حسين هادي
ماجستير علوم الأشعة والتصوير الطبي،
أخصائي أول أشعة مقطعية بمدينة الملك عبدالله الطبية بالعاصمة المقدسة