جودة الخدمات وندرة المصحات ( أربع مصحات لا تكفي )
يتم تقديم خدمات علاج إدمان المسكرات والمخدرات في المملكة من خلال أربع مصحات في كل من الرياض وجدة والدمام والقصيم. والملاحظ للتوزيع الجغرافي لتلك المصحات في مناطق المملكة يجد أنه على الرغم من أن تلك المصحات تقدم خدماتها لشريحة لا بأس بها، إلا هناك مناطق أخرى لا تتواجد بها مراكز صحية لمعالجة الإدمان، حيث تبعد أقرب مصحة إدمان مئات الكيلومترات عن المنطقة. فبينما نجد مصحتي ادمان في وسط المملكة (الرياض والقصيم) لا نجد أي مصحة في شمال المملكة ولا في جنوبها.
إن المطالبة بزيادة عدد مصحات الإدمان وتوزيعها بطريقة جيدة لتغطي خدماتها مناطق المملكة المختلفة ليس من قبيل الترف. لكنه حاجة يجب تلبيتها وذلك لعدة أسباب منها:
1- التعداد السكاني للملكة في تزايد مستمر وسريع، حيث يستلزم ذلك التوسع الكمي والكيفي في تقديم البرامج والخدمات في جميع المجالات بما في ذلك الخدمات الصحية ومنها علاج الإدمان.
2- إن المصحات الحالية بما تقدمه من خدمات تشكر عليها، قد لا تستوعب الأعداد الراغبة في العلاج، ليس نتيجة لتزايد أعداد المدمنين فقط، بل أيضا لتزايد الوعي لدى المدمنين وأسرهم بضرورة التخلص من شرور الإدمان والإقبال على العلاج. وقد طالعتنا صحيفة الرياض بخبر اعتذار مستشفى الأمل بالرياض لبعض المرضى الراغبين في العلاج عن عدم وجود أسرة شاغرة لهم.
3- إن زيادة أعداد المصحات العلاجية وتوزيعها بشكل سليم على مناطق المملكة يجعل تلك المصحات سهلة الوصول Accessible ويعمل على تشجيع المدمنين الوصول اليها وطلب الخدمة العلاجية، خصوصا إذا وضعنا في الاعتبار طبيعة الإدمان وشخصية المدمن وتردده في الإقدام على طلب العلاج. وكذلك سهولة وصول أسر المرضى طلبا للإستشارة
4- إن وجود المصحة العلاجية في منطقة المريض، يجعل من فرص نجاح الخطة العلاجية للمريض أمر ممكنا. ذلك أن نجاح الخطة العلاجية يعتمد بعد الله على الاتصال المستمر بين المستشفى وبين المريض وذويه أثناء وجود المريض بالمستشفى وكذلك بعد الخروج. كما يعمتد على تعاون وتواصل المؤسسات الأخرى مع المستشفى مثل مؤسسات التدريب والتأهيل والتوظيف، فكلما كنت تلك المؤسسات قريبة من منطقة المريض كلما أصبح التواصل سهلا ونجاح الخطة العلاجية أمر ممكنا.
5- اكتظاظ المصحات الحالية، ينعكس بطريقة سلبية على جودة الخدمات المقدمة، بل أنه قد يتعدى ذلك إلى تقديم خدمات سيئة، ولا تحقق الهدف الذي أُنشئت من أجله تلك المصحات.
6- على الرغم من أن أهداف مصحات الإدمان هي أهداف علاجية بالأساس، إلا أنها تسعى لتحقيق أهداف أهم وهي الأهداف الوقائية من خلال ما تقدمه من خدمات إعلامية وتوعوية وهي أهداف على غاية من الأهمية والأولوية. لذا فإن انتشار المصحات في مناطق المملكة المختلفة يساهم وبدرجة كبيرة من خلال ما تقدمه تلك المصحات من خدمات وبرامج توعوية في نشر الوعي بين أهالي المناطق واضافة خطوط وقائية من شرور المسكرات والمخدرات.
7- تفيد العديد من الدراسات أن عدد لا بأس به من الناس يحجم عن طلب الخدمة بسبب الصعوبة وعدم سهولة الحصول عليها. وفيما يتعلق بالإدمان فإن نسبة الإحجام بالتأكيد تكون بشكل أكبر، مما يعني أن هناك نسبة كبيرة ممن تعيش مشكلتها مع الإدمان دون اللجؤ إلى طلب الخدمة بسبب صعوبة الوصول اليها
8- إن انتشار مصحات الإدمان يتماشى مع الفرضية القائلة أن الخدمات العلاجية يجب أن تصل إلى المحتاج لا أن تنتظر المريض أن يأتي اليها، خصوصا إذا وضعنا في الاعتبار شخصية المدمن وطبيعة الإدمان.
9- إن انتشار مصحات الإدمان يساهم في تعريف الناس بالخدمة وبوجودها وبطريقة الحصول عليها، والملاحظ أن هناك أناس لا يعرفون مثلا طبيعة الخدمات التي تقدمها مستشفيات الأمل.
إن التوسع في انتشار مصحات الإدمان لتغطي مناطق المملكة، لا يعني بالضرورة أن تكون تلك المصحات على شكل مستشفيات أو مراكز مستقلة، ولكن يمكن أن تكون على شكل وحدات علاجية صغيرة تلحق بمستشفيات عامة أو بمراكز للتأهيل النفسي.
د. عبدالعزيز الدخيل
استاذ الخدمة الاجتماعية المساعد