من الصفات السلوكية الغريزية في الانسان التخوّف من المجهول ويتمثل هذا بمقاومة التحوّل  والتغيير للتطوير المواكب للحاجة .

فيقاوم  التغيير بطرق عديدة منها المباشرة وهي الرفض  والامتناع ، أو بعدم الامتثال  للتغيير بدرجات مختلفة تتراوح بين التسويف للحفاظ على الوضع الراهن ، أو المقاومة بإجراءات مناقضة  لعملية التغيير.

لا يمكن اغفال  مقاومة التغيير اذا هدفنا للتطوير ،ولهذا من المهم تفهم اسباب مقاومة التغيير والتي منها :

* الارتياح للمألوف والخوف من المجهول

ويلاحظ ذلك في الشخصيات الغير مرنة ، أو القدامى سناً او خبرة بنمطية تقليدية، فمواكبة التغيير يجبرهم على تعلم خبرات جديدة يصعب عليهم تعلمها او تقبلها.

* التعوّد

يثبت علم النفس السلوكي والاجتماعي  أن التعود  على  عادات وأنماط روتينية لا تتطلب  التفكير بما فيها ردة الفعل المتوقعة منها  يصعب من تقبل التغيير خصوصاً  مع تعارض التغيير للاولويات .

* ضعف الادراك

فالبعض لا يرى ضعفه أو قصوره  المعطل للتحسين والانجاز أو لا يدرك جوانب القوة ومزايا  التغيير التي سيستفيد منها.

* المصالح المكتسبة بالوضع الراهن

لكل وضع راهن مستفيد ، تغييره بدرجة أو اخرى سينتج عنه خسائر شخصية أكتسبها  مما سيجعله يقاوم أي تغيير يهدد مصالحه .

* الولاء

قد يمس التغيير تهديداً للمقربين للفرد او الجماعة ، لهذا قد يقاوم الشخص تعصباً  وحمية.

بكل عصر وزمان ومكان سنجد المقاومين للتغيير الذي قد نكون نحن منهم  ايضاً عندما  يمسنا أي من تلك الأسباب السابق ذكرها .

وواقعياً ليس من السهل او الممكن مطلقا التخلص من المقاومين للتغيير والمعرقلين للتطوير .

لهذا فالتعامل مع مقاومة التغيير يتطلب  استراتيجيات منهجية ومدروسة   لخصت ب6 استراتيجيات :

1- التواصل والتوضيح

يتحقق ذلك  بمشاركة الرؤية  بوسائل متعددة منها مثلا المناقشة الفردية او الاجتماعات او التقارير المكتوبة.

وتساعد على  تخفيف المخاوف من التغيير  بحال قصور المعلومات المتوفرة أو التحليل المشوّه للمعلومات المنشورة عن التغيير ،وميزتها انه بحال اقتناعهم ومشاركتهم الرؤية فسيكونون عناصر فعّالة بالتغيير، و أحد عيوبها انها تتطلب وقتا طويلا خصوصا لو كان عدد المعنيين بالتغيير كبيراً.

2- المشاركة بالتغيير

وذلك بدمج الافراد المقاومين وادخالهم في عجلة التغيير، والذي بوجود سلطة تنفيذية  ورقابية  سيُجبرون على الطاعة والالتزام بالتنفيذ ، وتستخدم هذه الاستراتيجية عندما يملك المقاومين  للتغيير  امكانيات مقاومة ،فبهذه الاستراتيجية سيلتزمون بتطبيق التغيير نظامياً ، ولكن من سلبيات ذلك انها تتطلب وقتا طويلا.

3- التحفيز والدعم

وهذا بالتدريب لتقبل التعامل مع متطلبات التغيير ، وتقديم الدعم والحوافز المشجعة. ورغم فعالية هذه الوسيلة ، الا انها مكلفة مادياً وتتطلب وقتاً طويلاً لتحقيق الغرض منها.

4- التفاوض والاتفاق

يستخدم التفاوض مع الافراد او الجهات التي تتضرر بشكل كبير بالتغيير وتملك الصلاحيات  او الامكانيات للمقاومة وتعطيل التغيير، وتتطلب تقديم  مغريات او امتيازات ، ولكنها مكلفة مادياً كما انها بطيئة النتيجة.

5- انشاء فريق جديد للتغيير

باختيار الاكفّاء او المشاركين برؤية التغيير لوضعهم في مواقع هامة في عملية تصميم التغيير ، وميزة هذه الطريقة أنها الاسرع وغير مكلفة . ولكن تحمل سلبيات  مثل الاستغلال لهم ولربما انقلابهم عند عدم اكتساب ميزات بالتغيير.

6- الاجبار بصورة مباشرة أو غير مباشرة

حيث يجبروا على تقبل التغيير فيهددون سراً او علناً بفقدان مكاسبهم أو بحرمانهم من الميزات  وتجميدهم ، ويلجأ لهذه الاستراتيجية عندما تكون السرعة بالإنجاز أولوية  وايضاً عندما يمتلك الراغب بالتغيير السلطة او القوة الاكبر.

وتحمل هذه الوسيلة ميزة السرعة في الانجاز والتغلب على أي مقاومة ، ولكن  تحمل خطورة الاستياء ولربما التمرد والمقاومة العنيفة لمنشئي التغيير.

واخيراً  لتنجح برامج التغيير  فأنه من الضرورة   توفر عوامل مساعدة للقائمين عليه  لتحقيق فرص النجاح من اهمها  :

  • دعم وتأييد قيادي لجهود التغيير مما يضمن الاستمرارية والانجاز .
  • توفير مناخ متقبل للتغيير، ومن هذا توفير الموارد البشرية المساعدة على إحداث التغيير .
  • توضيح اسباب التغيير ومناقشة المخاوف مع المتأثرين به واشراكهم في  رسم اهدافه والتخطيط وتنفيذه . وتحفيزهم مادياً أو معنوياً .

إشراك الجهات الغير رسمية مثل الاعلام  في التأثير الاجتماعي لتقبل التغيير .

 

د . لمياء  عبدالمحسن البراهيم 

استشارية طب أسرة 

 اخصائية صحة عامة و إدارة الأنظمة الصحية والجودة الصحية