الصحة بين الهجوم و الدفاع
تتكون المنظومة الصحية من عدة مراحل، تبدأها بمرحلة الوقاية من الأمراض، والتي تعتبر خط الهجوم في وجه الأمراض وانتشارها، سواء عن طريق التوعية أو التطعيمات الوقائية، أو توفير البيئة الصحية، وتعتبر الوقاية هي أولى المراحل وأكثرها أهمية، فمتى ما كانت الوقاية فعّالة تقل الحاجة إلى بقية المراحل، والوقاية تبدأ من تعزيز المفاهيم الصحية والوقائية لدى الفرد والمجتمع، وتلعب وزارة الصحة الدور الأكبر في نشر المعلومات، وحملات التطعيم و التثقيف الصحي، بالإضافة إلى المساهمة في صحة البيئة أيضاً، والكثير من المساهمات في خلق بيئة صحية للمجتمع.
و المرحلة الثانية التي تلي الوقاية هي خط الدفاع الأول الرعاية الأولية، والتي تعنى بالفحص والعلاج للأمراض المزمنة والموسمية، و التي لا تحتاج عادة الذهاب للمستشفى، ويتم علاجها ببعض الأدوية و الراحة المنزلية فقط، وتغطي الرعاية جانب كبير من الوقاية التي تعتبر المرحلة السابقة للدفاع، ولكن للأسف ثقافة المجتمع أصبحت علاجية أكثر من أن تكون وقائية، فتقل الإستفادة من الجانب الوقائي الذي توفره الرعاية الأولية، فأصبحت مجرد مراكز لعلاج الأمراض المزمنة و الموسمية والعارضة.
المرحلة الثالثة هي خط الدفاع الثاني وهي المستشفيات العامة، و التي تساهم في علاج الحوادث و الإصابات والأمراض التي تحتاج إلى عناية فائقة أو متوسطة، أو تنويم و متابعة علاجية مستمرة، كما تعتبر هي المرحلة التي تلي الرعاية الأولية، فتقوم بعلاج الحالات التي لا تستطيع الرعاية معالجتها، والقيام بالعمليات الجراحية والخدمات الكشفية المتقدمة كالأشعة و الخدمات العلاجية الأخرى مثل العلاج الطبيعي، وعلاج النطق وغيرها، وعند الحاجة للرعاية التمريضية المستمرة أيضاً.
المرحلة الرابعة هي خط الدفاع الأخير، وهي المستشفيات التخصصية و المدن الطبية، والتي تقوم باستقبال الحالات التخصصية من المستشفيات العامة، والتي تعتبر الخيار الأخير للتعامل مع المريض، سواء في علاج الأورام، أو عمليات القلب المفتوح، وبعض العمليات المعقدة، وتكون هذه المستشفيات التخصصية مجهزة بأحدث التجهيزات، وذلك لتقديم كل ما يمكن من رعاية طبية متخصصة للحالات المحتاجة لذلك.
عندما تقسم المنظومة الصحية بهذه الطريقة، فهي لا تعمل بشكل منفصل، ولكنها منظومة تكاملية متتابعة، وليست منظومة متوازية، بمعنى أنه من المفترض البدء من الوقاية الخارجية، انتقالا إلى الرعاية الأولية، ومنها إلى المستشفيات العامة، وأخيرا للمستشفيات التخصصية بهذا التتابع و الترتيب، هذا التتابع لابد أن يلتزم به الفرد لتحقيق الهدف المنشود من هذه المنظومة الصحية، ولكن الأهم من ذلك هو أن ترتب الوزارة أولويتها كالفرد في الاهتمام أولا بالوقاية ثم الرعاية الأولية، فالمستشفيات العامة فالتخصصية، فهكذا تعالج المنظومة الصحية بالشكل الصحيح، فالطريق لتطوير المنظومة الصحية يأتي من البداية وليس من النهاية.
محمد السنان – جدة
كاتب مهتم بالتوعية المجتمعية و تطوير الخدمات الصحية
أحسنت