سأطرح عليك سؤالا قصيراً عُمل كاستبيان على إحدى حسابات مجلة الجودة الصحية بتويتر (آراء @OpinionsQ) وكان لمعرفة مدى تقبّل الناس لمتخصصي الإدارة الصحية وتأهيلهم بشكل عام وقد شارك فيه 568 حسابا خلال 24 ساعة، ومن الطبيعي أن لا تكون النتائج دقيقة ولكنها تترك انطباعا صوريّا.

كان السؤال : هل ترى بأنَّ متخصّصي الإدارة الصحية قادرين ومؤهلين لقيادة الكفّة الإدارية بالقطاع الصحّي ؟
وكانت الاجابات : 1/ نعم تماما
                     2/ نعم بنسبة 50%
                     3/ لا ويحتاجون للتأهيل
                     4/ لا أعلم

السؤال الآن لك، أيّ الإجابات تعتقد أنها حصلت على النصيب الأكبر؟ وأيّها سيكون خيارك؟

ربما اعتقدتَ بأن النتيجة ستكون لصالح الإجابة الوسطية (2/ نعم بنسبة 50%)!! كلّا لم تكن كذلك!! ولكن العجيب التقارب الشديد بين الموافقين تماما عن إمكانية المتخصصين للقيادة (1/نعم تماما) والمعارضين لهم (3/ لا ويحتاجون للتأهيل) بفارق نسبة واحدة لصالح الموافقين!

يقودنا هذا إلى الحديث عن جانبين، الأول فيما يخص الموافقين (وتجد أن غالبيتهم من المتخصّصين أنفسهم).
والثاني عن المعارضين (وتجد غالبيتهم إما كانت إجابته من خلال تجربة تعامل سيئة مع أحد المتخصصين، أو عدم معرفة بماهيّة التخصّصية الموجودة في الإدارة الصحية).

سأتجاوز الحديث عن المحور الأول وأُرجئهُ إلى المقال القادم بإذن الله تعالى.

من خلال الإجابة بالخيار (3/ لا ويحتاجون للتأهيل) أي أنك غير موافق تماما عن تأهيل جميع المتخصصين في الإدارة الصحية (إلّا قليلا).
بمجرد أن أذكر اسم (علي) ستتكون صورة ذهنية لشخص تعاملت معه في فترة ما من حياتك، هو الأول في قائمة الـ (علي) أيا كان هذا الشخص، وانطباعه باق في ذاكرتك سواء إيجابا أو سلبا، وكذا الحال مع سلطان وخالد والبقية.

فإذا كانت إجابتك تنحاز للرقم (3) من هذا المنظور فهو باطل وتحتاج لإعادة النظر بشكل موزون للجميع ثم الحكم.

وأمّا إن كنت تعتقد بأن متخصّصي الإدارة الصّحية غير قادرين على القيادة لسبب أنهم يملكون الجانب الإداري فقط دون الجانب الطبّي فهذا غير صحيح! ولو كان ذلك صحيحا لما كان هنالك احتياج من الأساس لهذا التخصّص ولم يؤثر تطبيقه في الأنظمة الصحية العالمية، ولابد للإداري الصحّي أن يمتلك الشقّين من المعلومات الإدارية و(الحدّ الأدنى) من المعلومات الطبية حتى يكون قادرا ومؤهّلا للمشاركة في تطوير القطاع الصحّي.

ومن منظور أكاديمي فمتخصص الإدارة الصحية في مرحلة البكالوريوس يقضي 4 سنوات دراسية غير التدريب المهني أو ما يُسمّى (الامتياز) تتفاوت المدد فيها ما بين الستة أشهر إلى عام كامل وفي الغالب تعتمد الدراسة النظرية على 3 مسارات من العلوم:
   1-العلوم الإدارية (بتطبيقاتها الصحيّة) مثل: الموارد البشرية، التخطيط الاستراتيجي، الجودة، وغيرها.
   2-علوم الصحة العامة مثل: الوبائيات، سلامة المرضى، المعلوماتية الصحية، وغيرها.
   3-العلوم الطبية مثل: التشريح، علم الأدوية، علم وظائف الأعضاء، وغيرها.

وفي مرحلة الماجستير والدكتوراه يتخصّص في أحد المسارين الأوليين فتجد متخصّصا في التخطيطي الاستراتيجي الصحّي وآخرا في المعلوماتية الصّحية، وكأي تخصص فالإدارة الصحية لها فروعها وفي الغالب أن هؤلاء مع عامل الخبرة العملية يكونون ناجعين لحل القضايا الصحيّة (كلٌ في مجاله)، ومن الطبيعي أن تكون هناك عوامل مؤثرة وبالتالي تختلف القدرات بحسب توفيق المولى جل في علاه وحسب تأهيل متخصص الإدارة الصحية لمهاراته الشخصية والمهنية.

ليس الغرض من مما كتبته هو دفاعا عن المتخصّصين بقدر ماهو محاولة لتصحيح المفاهيم التي ربما تكون عائقا في المسار الصحيح، لابد أن يتّخذ تخصّص الإدارة الصحية ثقته الكاملة من المجتمع للنهوض بالقطاع والنظام الصحّي وتطويره، وأخصّ بذلك المجتمع الصّحي، فالتخصصات الصحية هي في النهاية تكاملية، ولا يقوم النظام الصحّي على أحدها دون الآخر.

ومرة أخرى أستعرض السؤال مرفقا بالنتائج: هل ترى بأنَّ متخصّصي الإدارة الصحية قادرين ومؤهلين لقيادة الكفّة الإدارية بالقطاع الصحّي ؟
نتيجة التصويت : 1/ نعم تماما ………………37%
                     2/ نعم بنسبة 50%……….19%
                     3/ لا ويحتاجون للتأهيل …..36%
                      4/ لا أعلم………………….8%

يمكنكم ترك إجاباتكم على السؤال في التعليقات، وللحديث بقية.