رِفْقَاً بِنَاْ رَبُكَ كَمَاْ خَلَقَكَ خَلَقَنَاْ
أهو قوي .. أهو جبار .. أهو مخيف
أم أنا الضعيف .. الجبان .. الإنطوائي
اذا لم يكن كذلك أو لم أكن كذلك فما القصة! سأوصف الحدث: أمشي وفجأة أجد شخصاً قوي البنية طويلٌ عليه نظراتُ الجبروتِ والتكبر وأنا مارة من جنبه قام بمضايقتي بكلامه… لست قادرةً على الرد عليه لأنني ضعيفة البنية وضعيفة الشخصية أمامه .. أصمت وأكتمها في نفسي وأذهب .. أعود للمنزل أفكر لما صمتت لما لم أفعل هذا وهذا أين كانت قوتي آنذاك! يأتي اليوم التالي وأنا مليئةٌ بالحقد لا أجد أمامي أحداً أزعجه (أفرد عضلاتي عليه) ليس هناك سوى القطط .. فأجري ورائهم مرعبةً إياهم ومفزعةً لهم .. أجد حَمَامَاتٍ يأكلون الخبز الناشف المرمى لهم على الأرض أجري مسرعةً لجعلهم يطيرون مرعوبين تاركين الأكل .. لما نحن هكذا لما دائما نستضعف الحيوانات والنباتات .. لما لا نطبق العين بالعين والسن بالسن ونذهب للشخص الذي أزعجنا ونعاتبه ونحاوره ونلومه لما نكتم ونؤذي الغير من الكائنات الحية أهي حالة نفسية نتيجة الظلم .. مؤكد هي كذلك. فلما لا نمنع هذه الحالة منذ البداية فكل شخصٍ ظالم وجبار وطاغي على غيره قد عانى من ظلمٍ شديد في صغره خاصةً وفي كبره أيضاَ .. ولكن هذه ليست حجةٌ كافية .. فأيضاً الدلال المفرط ينشأ للشخص شخصية طاغية فما عذره هذا الشخص .
في العيد نجد أن بعض الرجال الذي يذبحون الضحية يقرأون عليها كي تهدأ ليذبحوها ذبحاً شرعياً ولكن أمام باقي الخراف .. ما هذه القسوة التي في قلب هذا الشخص أهو مُتعِبٌ أن يأخذه في مكان لوحده كي لا يخيف الباقي. و ما هذه القسوة في قلب من يأخذ القطط الصغار من أمهم ليبيعهم وكأنهم سلعةٌ أو صفقة وليست أرواح خلقها ربي .. لما لم يضع نفسه مكان الأم لو أن أحداً أخذ أبنائه، ألهذا الحد قد وصل بنا الجشع والطمع!!
لما عندما نتحدث عن بشري مثلنا إذا تضرر نقول ضع نفسك مكانه وستشعر بما يشعره وعندما نتحدث عن الحيوانات لا نضع أنفسنا مكانهم … أنا لم أقل لك أنت تكون حيوانا لأن ربنا فضلنا عنهم ولكن ليس بالطريقة التي يظنها البعض قال تعالى: ( وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ{5} وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ{6} وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ{7} وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ{8} ) [سورة النحل].
ويقول في نفس السورة أيضا: (وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ{80}).صدق الله العظيم. تأملوا الآيات تجدون أن ديننا دين الوسطية ولله الحمد، ففي ديانات أخرى يقومون بنفي أنواع معينة من الحيوانات وسلخ جلودهم وهي حية وجميع أنواع العنف والتعذيب ونجد في ديانات أخرى يقدسونها ويعبدونها كإله لهم. وحتى في المجال الطبي يقومون بتجارب على الحيوانات خاصةً الفئران لإثبات فاعلية دواء معين وآثاره الجانبية والممارس الصحي هو المسؤول عنهم إما أن يثبت فاعلية هذا الدواء بتعذيبهم وهو غير مبال لشعورهم أو ألمهم، أو أن يثبت فاعليته باتباع أخلاقيات المهنة وبرحمة وهبنا إياها ربي ..
ولكن للأسف نجد مسلمون يقومون بهذه الأعمال العنيفة لغرضان الأول المال الثاني الترويح عن النفس (التَفْشِيْش) وكأن الحيوانات دمى لا تشعر. ولما عندما نريد أن نسيء لأحدهم نناديه بأسماء الحيوانات وقد نسينا أن ربنا جل في علاه قد سمى العديد من السور القرآنية بأسماء الحيوانات مثل: (سورة البقرة، سورة النحل، إلخ…) ربنا كرمهم وأنت تسيء للآخرين بأسمائهم!! دعونا نكبر عقولنا فالعقل البشري المسلم أكبر من أن يفكر بهذه الطريقة وقلبنا أرق من أن نقسى على كائنات سواء كانت نباتات أو حيوانات، أليفة أو برية. فتخيل حياتك بدونهم فنحن نعتمد عليهم بشكل كلي .. هل يمكنك العيش على الماء فقط ؟ مستحيل أن تعيش بلا طعام بلا خضار بلا لحوم !!
أم الغاية أن نتقاوى على من هم أضعف وأصغر حجما لما لا تكون جبارا وتتقاوى على أسد أو أي كائن بري آخر .. أم هو موضوع استضعاف .. في نهاية المقال أود أن أوضح الرفق بالحيوان فنحن المسلمون أكثر الناس يتوجب أن نكون فاهمين ومطبقين له لأن ربنا أمرنا في قرأننا الكريم بالرفق بهم فهم يشعرون ويتألمون ويحزنون ويحبون ويحتاجون إلى الحنان والعطف ولا ننسى أن امرأة دخلت النار بقطةٍ حبستها ورجلٍ دخل الجنة بكلبٍ سقاه. أتمنى أن يؤثر هذا المقال الذي كتبته بك أيها القارئ وأن تكون رقيق القلب معهم من الآن فصاعدا وأظهر رحمة قلبك عليهم ولن يؤذوك ما دمت لن تؤذيهم.
كتابة: أميرة فيصل مفتي